هفةُ الشتاءِ الوحيدِ

11 4 26
                                    


" لم يبقىَ هنالكَ شعورُ وانا بحدِ ذاتّي كرهتُ كل شيءِ وحتى انا أكرهُ اننّي أقومُ بالكتابةٍ الآنَ ، أنا سعيدُ لأننّي مختَل عقليّ ربما اقتلُ نفسي فجأهَ فلا أجدُ الحياةَ مجددًا ، انا أشعرُ بالعارِ والخجلِ من نفسيّ بل أشفق عليها كثيرًا اتمنىَ لو اننّي أختارُ الموتَ في أي وقتٍ ، ياليتنيّ اموت الآنَ لا تُهم الطريقةُ انا مستعدُ للشعورِ ، رأسي مليءِ بالاحداثِ انا مُتقزز غضوبٌ أكره كُل شيءٍ من حوليّ وحتى إن خرجتُ من هُنا فلَن اتوقفَ عن محاولةِ قتل نفسيّ التي سئمت منَها "

تلك الرسالة كتبها بخطهِ الهادئِ ووضعها تحت وسادتهُ البيضاءُ ، التي يجمعُ تحتها الأدويةَ ولا يتناولُها ، حالته تزداد تعقيدًا وافكارهُ مختلطةُ بين الأنتحارِ و الذي يدعىَ ساتوروُ ، خطرتُ له فكرةَ ..

هنالكَ ممرضةُ الجميعُ يكرهُ عملهَا وتتلقىَ التوبيخَ دومًا ، خجولةُ وغير واثقةِ من نفسِها ، بدأ يتلاعبُ بها وبسبب انهُ ذو ملمحٍ لافتٍ وجميلٍ استطاع التظاهرَ بأن يحُبها وأنه بخيرٍ وهو يريد الخُروج من هُنا ! استمر بإستدراجهِا حتى قامت بتهريبهِ ومن ذات اللحظةِ التي خرج فيهَا لقد خانهاَ واختفى الى العدمِ ، لم يهمه شيءٌ ابدَا وهو في طريقهِ للبحث عن المدعوا ساتوروُ ، واصل البحث وهو يدورُ ويدورُ ولكن بلا فائدةِ ، طرح السؤال على كثيرٍ من الاشخاصِ ولكن لا فائدةَ ..

التفكيرُ ينهشُ عقلهُ شيئًا فشيئًا يظن ان ساتورو السببَ في كُل ما حدثَ ! قبل خمسة اعوام ..
انها الثانية عشرَ والنصفُ ولا يراوده النومِ مهما حاولَ ، بحث وبحثَ حتى وجد منزلهُ اخيرًا  ...

وقفَ امامهُ لوهلةِ وهو يلاحقُ انفاسهُ المرهقةِ وطرق البابَ مرارًا وتكرارًا بقوةِ وبدا عليهِ هذا المنزلُ مألوفًا بل وكان قريبًا لما كانَ يراهُ في مخيلتهِ ولكنه بدأ يتناساهُ شيئًا فشيئًا ، كان صاحبُ المنزلِ - ساتورو - مستلقيًا على جانبهِ الأيمنِ وينظرُ الى طفلٍ صغيرٍ يشابههُ في لون الشعرِ والأعينِ والبشرةٍ نائمً بعمقٍ بجانبهِ ، كان يربتُ على خصلاتهِ وكم بدأت ملامحهُ تحملُ حُزنًا ..

انهُ يفكُر فيمنَ رحلواُ ، اولئكَ الثلاثُ الذين غادروهُ بلا موعدٍ هو بالفعلِ حزينُ ولكنهُ غاضبٌ ايضًا ..

سمِع ساتورو صوتَ البابِ وهو يُطرق بقوةٍ !
انتفضَ ذلك الصغيرُ ولكن ساتورو جلسَ وربتَ على كتفهِ وأعادَ اللهايةَ في فمهِ الصغيرُ وخرج مسرعًا ووجههُ غضبانٌ وفتح البابَ بهدوءِ ليصادفَ امامهُ ذلك الوجهَ القديمَ ، من شدةِ ما تأخرَ الزمانُ عن هذه الصدفةُ بقي ينظرُ احقً مايرى ام لا ؟

" الصديقَ القديمَ ، الشخصٌ الذي أحببتهُ وهو ينتميِ اليّ ، كم أشتقتُ لكَ "

______________________________________
- قبل خمس سنواتٍ -
كانا الاثنينِ جالسانِ وهما في اقل من العشريناتِ من العُمر كالعادةِ عند عتبةِ بابِ احدهمَا ، وعلى الأغلبِ عند منزل ساتورو لان منزل سوغورو والداهُ لا يحبانِ الازعاجَ لكونِهما مشغولانِ بأعمال الشركةِ
اثناءَ جلوسهمَا على عتبةِ منزل ساتوروُ ، تنهد سوغورو وقال : ما رأيكَ بأذن نذهب لمكانٍ جديد ؟ سئمت البقاء هنا كالمشردِ ، قال ساتورو  : اين بالضبطِ ؟ لم نَترك مكانًا لم نذهب اليهِ ؟ تأمأم سوغورو ثم قالَ : ما رأيكَ في مطلٍ اليورنيزَ ؟ شهق ساتورو وقال : هل تعرفهُ ! اردتُ الذهاب لهناكَ ولكن والديّ يرفض ذلكَ ! ابتسم سوغورو وقال بخبثٍ : هل نذهبّ ؟ وقف ساتورو وقال : نعم هيَا بما انه لا احدُ معنا ..

كان سوغورو هو من يقودُ بسيارة ساتورو والآخر يقوم بتصويرِ الاماكنَ التي يمرونَ منها وحتى وصلوا الى تلك الوجهةَ ، نزل كليهما وخصوصا ساتورو كان مندفعًا رغم تحذيراتِ سوغورو لهُ
" ساتورو كن حذرًا المكان خطيرٌ ! "

لكنه لم يكن يسمع له ابدًا...

استمر ساتورو بالقفز والتصوير متجاهلًا المخاطرَ التي تحيطُ بهِ فوقف على طرفِ خشبةِ موضوعة فوقَ البحرِ مباشرةِ من مسافة مخيفةِ ! ولم يكن سوغورو يعلم بأنه واقفُ هناكِ ! كان ساتورو يحاول تصوير المنظر من الاعلى فعندما رآه سوغورو على غفلةٍ صرخ وقال : ساتورو !
ساتورو فَزعَ من صوته المفاجئُ واختل توازنهُ و ..

كُل ذلك كانَ امام ناظريٍ سوغورو..
لم ينطق بأي حرفٍ فقط فاههُ اتسعَ مع عيناهُ وهو يرى ماحدث لصاحبهِ والذي يظنُ انهُ بسببهِ ..

تلك الحادثةُ التي اودتِ بسوغورو الى تلك المصحةِ النفسيةِ حيثُ انه لا يعلمُ من بعدها هل هو حيّ ام لا ولا احد يدريّ كيف تأثر من لحظتِها تمامًا كما حدث ..

لقد رآهم احدٌ ما وبلغ الشرطة والأسعاف على الفورِ
لقد جلسَ سوغورو القرفصاءَ وهو مغلق اذنيهِ ويتمتمُ قائًلا : بسببّي .. بسببّي بينما الآخر اُتضح أنهُ بخير ولديهِ فقط اصاباتٍ طفيفةِ فلقد وقع في الماءِ وفقد الوعي فقطَ حيث انه بقى اربعةَ أيامٍ في المشفَى وخرجَ بقدمٍ مكسورةٍ فقطَ ولكنه تعافىَ بعدها ولم يدري اين سوغورو من بعدهِا ...

تم اخبارهُ من قبل والدهِ بأنهُ هربَ وتركهّ
كان والده يريده ان يكرهه ولا يريده ان يعلمَ بشأن فقدانه لعقلهِ لكيلاَ يحزنَ ! لكن الشرطة اخبرته بالحقيقةِ وكم كانت ثقيلةَ على قلبِ ساتوروُ ..

كان مكتئبا لثلاث أعوامٍ على ما حل بهِ وكان يأملُ ان يراهُ يومًا كما الماضيِ لكنه فكر بأنه لن يحدث ابدًا .. ولم يكن قادرًا على وصلهِ فقط يتواصل مع ممرضيهِ من حينٍ لآخر للأطمئنانِ عليهِ ..

لقد تخلى والديهِ عنه - سوغورو - عند حلول العامِ الرابعِ لفقدان الأمل في علاجهِ ، وذلك كسر قلبَ ساتورو  واطباء سوغورو بينما سوغورو في سباتِ لا يعلم احدٌ متى سيصحوا فقط انه غارقُ في تلك السناريوُهات التي اختلقها عقلهُ !

في تلك الليالي من العامِ الخامسِ ..
حدث مأساويٍ لساتورو ، لقد تشاجر مع زوجتهِ التي قد تزوج منها قبل عامٍ ومع والديهِ ، وخرج الثلاثةُ بعد ذلك الشجارِ وبطريقة ما انحرفت السيارةُ عن مسارِها مؤديةٌ بأرواحهمُ الثلاثُ للأسفِ... وساتورو لم يتبقى له الآن سوى طفلهُ ذو السبعة شهورٍ ..
______________________________________
تتلاقى نظراتهم معًا
أحدهما مذهولةُ ومتفاجئةُ والآخرى مُظلمةُ ومصدومةٌ ...

I'm perfect  | أنا مِثاليحيث تعيش القصص. اكتشف الآن