الفصل السابع
هل السيد نيل ماكبان أرمل أم مطلق؟ هل زوجته نجمة سينمائية أم مغنية أوبرا؟
أيتكلم ابنه الانكليزيه أم البرازيلية؟. كانت جسي أول من تطرق لموضوع هذا الطفل
في المساء أثناء تناول العشاء. "ماذا سيفعل هذا الصبي بعد المدرسة عندما يكون والده
مشغولاً بترميم القصر وتأهيله؟ علمت أن زوجته لم تأت مع ابنها. اذا تأخرت كثيراً,
فإن حال هذا الصغير لن تكون جيدة. أنا أشفق عليه.
لا أتصور العجوز ماكبان يقوم بدور الحاضنه". جسي على حق, لماذا لم تأت زوجة
نيل ماكبان بنفس الوقت مع ابنها؟. أية قسوة تسمح بترك طفل في السادسة من عمره
يتعذب بهذا الشكل.. أن يقتلع من أرضه وبيئته وينقل الى الطرف الاخر من الدنيا ليعيش
مع جد عجوز ووالد فظ لا يعرف معنى كلمة اللطف! بدون وجود أم تواسيه أو امرأة مقربة
منه يمكنه ان يشكو لها خوفه وهمه.. في الساعة التاسعه من صباح الاثنين التالي,
سمعت اليزون خطوات في الممر, ففعلت كما فعل التلاميذ والتفتت نحو الباب.
بعد لحظة, ظهر الصبي الصغير ممسك بيد نيل ماكبان بحزم. فهمت اليزون أن هذه اللحظة
ستحفر للابد في ذهن الصغير, كان شاحباً بجانب والده الذي فقدت ملامحه أي أثر
للقسوة والتعجرف, واكتسبت شيئاً من الحنان. "صباح الخير, أندريه".
قالت بلطف وهي تقترب منهما. مد الصبي يده بتردد نحو المعلمة ورفع نحوها عينيه
الشبيهتين بعيني والده. لم يكن هناك ظل ابتسامة في نظراته الخائفة.
امتلأ قلب المعلمة بالحزن والتفتت نحو الوالد.
"بإمكانك أن تذهب بدون خوف, سيد ماكبان, أندريه هنا بين أيد امينه, بإمكاني
أن أعيده معي الى المنزل عند الظهر". "شكراً لك, آنسه ماكاي", ثم التفت الى الصغير.
"الى اللقاء, أندريه. كن عاقلاً" وداعب شعره الحريري ثم اختفى.
يوم المدرسة الأول هذا سيكون ذا أهمية كبيرة بالنسبة للصغير. فقررت اليزون أن تجعله
يحتفظ بذكرى جيدة عنه. التفتت نحو التلاميذ وعرفتهم على زميلهم الجديد ودعته للجلوس
قرب هنري. مرت فترة الصباح بدون أي حادث. أندريه كان طفلاً ذكياً يعبر بلغة انكليزيه
مطعمة بلهجة برازيلية تزيده سحراً. راقبته خلال الفرصه فوجدته يلعب بحذر مع فتاتين
ويتجنب اللعب مع الصبيان. ابتسمت اليزون بحنان ورضىٍ. اندريه يتصرف بشكل طبيعي.
يوماً بعد يوم تحسن أندريه أكثر وبدأ يلعب مع رفاقه الصبيان واختفت ملامح الخوف,
وأشرقت على شفتيه ابتسامة خجولة. في نهاية الاسبوع, نظرت اليزون الى الصبي
يبتعد مع والده. هل سيسمح له والده باللعب في الخارج مع أطفال القرية؟ إنه بحاجة
للهواء الطلق علمت اليزون من زملائه أنه يبقى سجيناً في المنزل بعد الصف ولا يخرج
إلا إلى المدرسة.مساء يوم الجمعه هذا, شكت اليزون همها لجسي.
"يبدو انك تحبين هذا الصغير؟". "نعم.. هذا صحيح" إعترفت اليزون "مع كرهك لوالده؟".
"مشاعري نحو نيل ماكبان هي مختلفة, جسي, عندما تتعرفين على أندريه, ستفهمين,
تصوري أنه جاء به الى بلد غريب بدون ام ترعاه". "لا بد من وجود حل.
لماذا لا تسألي والده عن موعد وصول والدته وتشرحين له سبب قلقك على الصغير؟".
"أوه, لن أجرؤ أبداً! سيغضب كثيراً". "لكن الأمر يتعلق بمصلحة الصغير.
ستكون لديك فرصة هذا المساء لتكلميه لانه سيزور والدتك بعد العشاء.
"لماذا؟". "لأن أدوات العمل ستصل في الاسبوع القادم يجب ان يبدأ العمل في القصر".
"اذاَ, يجب أن ننتقل الى المنزل الصغير". "نعم, ولكن بعد أن ينتهي العمال من دهنه
وترتيبه لقد اتفقت والدتك مع السيد نيل وأرادت ان تترك الامر مفاجأة لك".
كانت تشاهد التلفزيون مع والدتها عندما رن جرس الباب في المساء. "سأفتح أنا,
قالت الفتاة بسرعه وهي تنهض, أريد أن أكلمه".
"اليزون.." صرخت والدتها. "بالنسبه لابنه, يا أمي.. لا تقلقي". عندما فتحت الباب ورأته,
إرتعشت داخلياً, لن يسمح لها أبداً بالتدخل بحياته الخاصة. لكنها تذكرت نظرة
الحزن في عيني أندريه, فجمعت كل شجاعتها وقالت:"سيد ماكبان, قبل أن تدخل لوالدتي,
أحب أن أكلمك قليلاً". "بـأي موضوع؟". ســألها وهو يدخل البهو.
"بالنسبه لإبنك أندريه, إطمئن" أضافت عندما رأته يعقد حاجبيه. "لا أحاول التدخل بشؤونك,
أريد فقط مصلحة أندريه". ثم تمالكت أعصابها, وتابعت:"إنه لا يزال صغيراً.. بدون حمايه.
أيمكنني السماح لنفسي بسؤالك متى ستصل زوجتك؟.. وأرجو أيضاً أن تسمح لأندريه باللعب
بالخارج مع زملائه بعد دوام المدرسه". ساد صمت ثقيل للحظات. "أهذا كل ما تريدين قوله؟"
سـألها بهدوء. "نعم", تمتمت الفتاة. "ســأجيب أولاً عن سؤالك الثاني.
أندريه ليس معتاد على الالعاب العنيفة. كان ضعيفاً وبالكاد بدأ يستعيد قواه.
عندما سيعتاد على المدرسه, سأسمح له باللعب في الخارج. أنا أشاركك الرأي بأن الهواء
المنعش مهم بالنسبه للصحة. أما بالنسبه لسؤالك الاول, فإني أريد أن أعرف لماذا طرحته".
"لا يوجد سبب خاص, أريد أن أذكرك بأن المعلمه هي التي تكلمك الان".
حدقت بها عيناه الرماديتان. "إنه بحاجة لوجود إمرأة.. تتمكن من مواساته عندما يشعر بالغربة
وهو وحيد, لا يزال صغيراً جداً كي يبتعد عن والدته..و" تلألأت الدموع في عينيها.
".. إحدى تلميذاتي هي جارتكم , ولقد أخبرتني أنها ترى أندريه يبكي كثيراً.. هذا حطم قلبي,
سيد ماكبان.. أندريه لطيف وحساس ولهذا لم يكن بامكاني الصمت أكثر". "أنت تحبينه؟".
"نعم". بدا نيل ماكبان متردداً ثم قال فجأة:"والدته لن تأتي أبداً. لقد توفيت منذ بضعة
أشهر في ريو دي جنيرو". "أوه , أنا آسفه.. لم أكن أعلم". "لا أحد يعلم..
لقد اخبرتك لانك تكنين لهذا الطفل مشاعر صادقة ..وأنا أشكرك". "أرجو أن تعذرني..
سأقودك الآن إلى والدتي" تبعها نيل حتى باب الصالون. لكنها سألته فجأة قبل أن يدخلا:
"من سيهتم بأندريه عندما تكون مشغولاً بترميم القصر؟". "لم أفكر بذلك بعد. كنت قلقاً فقط
على إصطحابه الى اسكتلندا قبل.. على كل حال, سأجد حلاً والدي دائماً في المنزل,
ولن أكون مضطراً لقضاء كل وقتي في روشبرين طالما أن العمال سيكونون فيه".
"تفضل بالدخول, سيد ماكبان". تركته مع والدتها ثم صعدت إلى غرفتها.
وأخيراً فهمت سبب حزن الصغير.. أمام هذه الفكرة تمنت لو تستطيع أن تضم بين ذراعيها جسم
هذا الصغير النحيل. بعد ظهر يوم الاثنين بعد عودتها من المدرسه مرت اليزون الى المنزل
الصغير في البستان فتفاجأت برؤية جوني غوردن الذي لم تره منذ تلك السهرة المشهورة
منذ تسعة أعوام مضت. "نهارك سعيد اليزون". قال بلطف ماداً يده نحوها.
أين كان المراهق العصبي الذي تعارك مع نيل ماكبان بعد تلك السهرة التي لا تنسى؟
أصبح الآن في الثانية والثلاثين من عمره, لكنه إزداد سحراً وفتنة. "كيف حالك, جوني".
"السيد غوردن هو الذي يشرف على دهن منزلنا الجديد وبسط الموكيت فيه".
تدخلت والدتها التي كانت موجودة معه
أنت تقرأ
روايات عبير : قد تحدث معجزه
Romanceالملخص لا شيء يسير على ما يرام مع أليزون.. ستقفل المدرسة التي تعمل فيها أبوابها بعد العطلة السنوية.. ترى نفسها ايضا مرغمة على بيع قصر العائلة الذي عاشت طفولتها ومراهقتها, والأسوأ من ذلك كله كان أن نيل ماكبان جارها وعدوها اللدود عاد إلى القرية..كي...