يوم الأربعاء تركت اندريه مع بوبي في الحديقة وذهبت لشراء بعض الحاجيات من القرية،
عند عودتها كان الطفل والكلب قد اختفيا، انطلقت على الفور للبحث عنهما في الوادي
الذي كانوا يقصدونه دائماً فوجدته أخيراً عند حافة البحيرة.
"لا يجب أن تغادر الحديقة دون أن تخبر جسي" قالت له بلطف. "جئت لأرى المركب لأنه يعجبني كثيراً". "ربما يستطيع والدك أن يصطحبك إلى الجزيرة لماذا لا تطلب منه ذلك؟ "
اقترحت عليه مبتسمة. "أتأتين معنا؟" سألها وكله أمل. "ربما.. لنعود الآن وإلا ستقلق جسي كثيراً". وعادا إلى المنزل يداً بيد، عندما مرا أمام القصر، لمحت اليزون
رجلاً يراقبهما من نافذة الطابق الثاني، أهو نيل؟ كان من المستحيل أن تتأكد بسبب أشعة
الشمس المنعكسة على الزجاج، تذكرت كلامها القاسي له وشعرت بالندم والخجل، لم تكن تهتم
بأندريه من قبيل الواجب، ولكن لأنها كانت تحبه وتجد لذة معه.
في صباح اليوم التالي، استملت اليزون رسالة من وزارة التربية والتعليم يخبروها فيها
رسمياً أن مدرسة شيلبيغ ستقفل أبوابها نهائياً مع عيد الميلاد، وستنقل التلاميذ في الموسم
القادم إلى ستراثكوران حيث ستنقل هي أيضاً للتعليم هناك. "اليزون.. هل تلقيت أخباراً سيئة؟"
سألتها والدتها عندما لاحظت انفباض ملامحها. ناولتها اليزون الرسالة، فقرأتها الوالدة
ونظرت إلى ابنتها بحنان. "أوه عزيزتي، أنا آسفة من أجلك، هل كنت على علم؟".
"علمت بذلك منذ عدة أسابييع، لكنني لم أكن أريد أن أزيد من همومك".
"إذاً لهذا السبب كنت تعيسة كل هذه المدة! أنت تعلمين،اليزون،ستراثكوران ليست بعيدة..".
"وربما تحصل معجزة من هنا حتى الميلاد " قالت الفتاة محاولة أن تخفف عن والدتها،
لكنه احتمال ضعيف.. هي تعرف ذلك، وأمها أيضاً.
في نفس النهار، كانت تخرج من المتجر عندما التقت بجوني الذي لم تره منذ حفلة يوم السبت.
"انتظريني، لن أتأخر، سنعود معاً" قال لها وهو يدخل المتجر، ثم خرج بعد لحظات.
"أشعر بأنك تحاولين تجنب رؤيتي منذ يوم السبت، اليزون" قال وهو يحمل سلتها ويمسك يدها
باليد الأخرى. "هيا جوني! فكر قليلاً، إذا رآنا القرويون هكذا، سيجعلون منا خطيبين".
"ليقولوا ما يحلوا لهم! تصوري أنا أرغب بتقبيلك! سيصاب هؤلاء الناس بالذهول!".
"لن تجرؤ أبداً " قالت وهي تسرع خطواتها. "انتظري حتى نغادر القرية.." قال لها ضاحكاً بلهجة
التهديد وتبعها. تابعا سيرهما يثرثران حول ترميم روشبرين وتكلما عن آل غراهام والعيد،
لكن لم يشر أحدهما لنيل ماكبان. افترقا أمام القصر،
ووعدها جوني أن يأتي بنفسه ليأخذ الغداء, "ستقدم لي بذلك شرفاً كبيراً" قالت له ضاحكة.
ثم مدت يدها لتأخذ سلتها منه، اغتنم جوني الفرصة وضمها إليه وطبع على شفتيها قبلة رقيقة،
ولكن ما أن أبعد يديه عنها حتى خرج نيل ماكبان يحمل لوحاً من الخشب من أحد المستودعات،
نظر إليهما لحظة ثم دخل المنزل دون أن يلفظ كلمة واحدة، اختفى جوني بدوره وتابعت أليزون
طريقها وهي تتساءل إذا كان جوني يعلم بوجود نيل في المستودع وقبلها عمداً.
يوم الجمعة وصل أندريه كالعادة وركض وتعلق بعنقها. "لقد وعدني والدي بأننا سنذهب إلى
الجزيرة غداً!" قال لها بسعادة كبيرة " رآنا ذلك اليوم ونحن ننظر إلى المركب..".
"ألم أقل لك بأنه سيأخذك إلى الجزيرة؟". أجابته وهي تتبادل الابتسام مع جسي.
" طلبت منه أن يصطحبك معنا اليزون.ولكنه أجابني بأنك مشغولة جداً".
أخفضت المربية نظرها وتابعت تقشير البطاطا. أما اليزون فقد أحست بخيبة أمل رغماً عنها.
"إنه على حق، ولكن ربما أستطيع مرافقتكما يوماً آخر" أجابته وهي تحاول أن تظهر مرحها.
"أترغب الآن باللعب مع بوبي؟". تابعت اليزون خياطة ثوب أزرق كانت قد بدأت به
بالأمس بعد الظهر، انضمت والدتها لهم أثناء الغداء، كانت متعبة جداً. "انهم يخرقون جدار
المشغل. وأخيراً سيكون لي مدخل مستقل. قضيت كل فترة الصباح بنزع اللوحات عن الجدران خوفاً
من اتلافها". "بامكاننا أن نذهب لمساعدتك بعد الظهر أنا وأندريه" اقترحت ابنتها.
"أوافق بكل سرور! فهذا يمنحنا فرصة للثرثرة قليلاً، أنا تقريباً لا أراك عزيزتي ".
"أما أن، فساحمل الشاي في الساعة الثالثة" وعدتها جسي. وهكذا رافقت اليزون وأندريه
السيدة ماكاي إلى مشغلها،وعلى الفور انهمك الجميع في نقل اللوحات ولم يلاحظوا مرور الوقت.
"أشعر بالعطش" صرخ اندريه وقد جلس على أحد الصناديق. "بالتأكيد"
أجابته اليزون ونظرت إلى ساعة يدها. "يا إلهي! إنها الساعة الرابعة، يبدو أن جسي نسيتنا".
ذهبت هي وأندريه إلى المطبخ وناولته كوباً من الماء، ثم توجها إلى المنزل.
ما إن دخلا حتى سمعت اليزون صفير الأبريق على النار.. أحست بالخطر وركضت إلى المطبخ الذي
كان عابفاً بالبخار. "جسي؟!" صرخت الفتاة وسحبت الأبريق عن النار وفتحت النوافذ بسرعة.
عندئذ سمعت أنيناً ضعيفاً. التفتت جهة الصوت فرأت المربية ممددة على الأرض والكرسي
مقلوب بجانبها. "أوه، جسي!" صرخت الفتاة وانحنت تتحسس جبين المرأة العجوز.
"صه، لا تتكلمي، ولا تتحركي، سأعود". ثم أسرعت إلى الباب حيث ينتظرها أندريه.
"اركض بسرعة وابحث عن والدك! ثم أطلب من السيدة ماكاي أن تأتي بسرعة أيضاً". "نعم"
أجابها الصغير وخرج على الفور. عادت اليزون إلى جسي ودست وسادة تحت رأسها ولم تجرؤ على
النظر إلى ساق المربية التي يبدو أنها مكسورة. "صعدت على الكرسي لأتناول الأكواب"
تمتمت العجوز. "ولكن.. لست أدري كيف فقدت توازني". "ستأتي والدتي مع السيد نيل بعد قليل"
طمأنتها الفتاة. "ساحضر لك كوباً من العصير".
بعد دقائق قليلة. دخل نيل وجونى إلى المطبخ, وانحنى فوق جسى. "انظر إلى ساقها"
قالت اليزون. رفع نيل رأسه. "أيوجد طبيب فى القرية؟". "سأذهب لاحضاره" اقترح جونى.
"لا, هذا سيستغرق وقتا طويلاً" قال نيل. "اذهب وأحضر سيارتى, سأصطحب جسى فوراًإلى الطبيب,
أما أنت اليزون, فاحضرى بعض الحرامات والوسائد" ثم التفت نحو المربية وأضاف.
"لا تقلقى, أنت بين أيدٍ أمينة". بعد عشرة دقائق رحلوا,وكانت السيدة ماكاى قد أصرت
على مرافقتهم, ظلت اليزون وحدها مع أندريه وقد بدأ الانتظار الصعب, بعد نصف ساعة رن جرس
الهاتف أنه جونى يتصل بها من ستراثكورن. "لم نجد الطبيب, أعطت زوجته حقنة لجسى
لتخفيف الالم, ثم أخذها نيل إلى انفرنيس". "ووالدتى؟".
"أنها معهما, ستتصل بك فور اطمئنانها على جسى"."إذا يجب أن أنتظر كثيراً" اجابته وهى تفكر
بالكيلو مترات التى يجب أن يقطعوها للوصول إلى انفرنيس. "نيل يرجو منك الاحتفاظ بأندريه
حتى عودته لأن والده يزور أقارب له فى تورى". "حسناً, بالمناسبة.. سيارتك لا تزال هنا,
ستأتى لتأخذها؟". "لا, اطلبى من أحد العمال ان يعود بها إلى
ستراثكوران هذا المساء, المفاتيح على التابلوه, للحقيقة.. نيل هو الذى أصر على تجنيبى
كل هذه المشقة, اتساءل لماذا..". كانت الفتاة قلقة جداً على جسى فلم تتساءل عن دوافع نيل,
ولكنها فيما بعد تذكرت كلمات جونى الأخيرة وفكرت بها بعد أن نقلت رسالته لأحد العمال,
وعندما عادت اعدت العشاء لأندريه, وأخدت تروح وتجئ بقلق بانتظار اتصال والدتها.
فى الساعة الثامنة اتصلت والدتها أخيراً. "اليزون, يا عزيزتى,
أنا آسفة لاننى تأخرت بالاتصال بك, يفضل الاطباء الاحتفاظ بجسى فى المستشفى بانتظار
نتائج صور الأشعة, وهكذا قررت البقاء فى انيفرنس هذا المساء, كى أكون قريبة منها,
سأقضى ليلتى عند ميغ". "حسناً, قولى لنيل أن لا يقلق على الصغير وقبلى جيسى عنى وحاولى
أن تتصلى بى غداً". أقفلت اليزون السماعة واصطحبت الصغير إلى السرير.
"هل ستروين لى قصة جميلة؟". "بالتأكيد". ما أن دخلا إلى غرفة نومها حتى بدأ المطر
يتساقط بغزارة, روت للصغير قصة جميلة لكنه نام قبل نهايتها, فقبلته وارتدت قميص نومها
ونزلت إلى الصالون, جلست على الكنبة تشاهد فيلماً على شاشة التليفزيون, تثاءبت من شدة
النعاس ونظرت إلى الساعة, لقد انتصف الليل, نهضت بتثاقل لتطفأ التليفزيون, عندما سمعت
طرقات على الباب. انتفض الكلب الذى كان ممدداً على السجادة وأخد بالنباح. "من الطارق؟"
سألت الفتاة بقلق من خلف الباب. "هذا أنا.. نيل ماكبان". فتحت الباب وتفأجات بقلبها
يدق بسرعة كبيرة عندما رأت وجه القادم. "كنت سأنام" قالت بغباء. "لن اؤخرك كثيراً كنت
أريد أن أعيد لك الحرامات والوسائد, اتركى الباب مفتوحاً ريثما أحضرها من صندوق السيارة"
أمرها بجفاف وقد ازعجه هذا الاستقبال منها. ركض تحت المطر المنهمر وعاد بعد لحظات مع الاغراض,
دخل إلى الصالون ووضع ما يحمله على الكرسى. "هذا كان يمكنه الأنتظار حتى الغد" قالت اليزون
التى لم تكن قادرة على منع نفسها من اظهار عدائيتها له.
"بدون شك, ولكن والدتك رجتنى أن اطمئن عليك" شرح لها دون أن يبعد نظره عنها. ارتبكت الفتاة
وتذكرت أن نيل فاجئها بالأمس بينما كان جونى يقبلها, على كل حال, هى حرة ولا يملك هذا الرجل
أى حق عليها, لكن لماذا تشعر بالارتباك امامه؟. "أنا بخير, شكراً لك, وأندريه أيضاً"
قالت بسرعة لتخفى توترها" غداً سيكون مستعداً عندما تأتى وسيكون بامكانكما الذهاب إلى الجزيرة
باكراً.." ثم أضافت وهى تتمالك غضبها" لا تخف, سأتدبر أمري وأتظاهر بأنى مشغولة جداً,
هكذا لن تكون مضطراً لاصطحابى معك!". ظهرت الدهشة على وجه نيل. "لا تقولى لى بأنك ترغبين
بالمجئ معنا؟" قال بابتسامته الساخرة. "فقط مع أندريه,كنت سأجد لذة,نعم! ولكن معك أنت..".
"اذا فهمت جيداً, لا تبدين مستعدة لتجديد التجربة". " لنقل اننى قمت بحياتى بنزهات اجمل,
أحب هذه الجزيرة ولكنها لم تعد ملكاً لى والآن.. أنا متعبة جداً..".
"بمعنى آخر, أنت تطرديننى, بما أننا الآن لا نستطيع التصرف كأشخاص متمدنين, الأفضل أن أذهب,
على كل حال, أنا لست جونى!" وتأملها من رأسها حتى قدميها بنظرة ساخرة. أحست الفتاة بالدماء
تغلى فى وجهها. "ماذا تعنى؟". "أنت حرة فى تفسير اقوالى كما يحلو لك!"
أجابها بجفاف"إذا كان تصرفك أمام الناس دليلاً على..". "أتشير إلى حادث الأمس؟ أولاً روشبرين
ليست مكاناً عاماً, أو على الأقل حتى الآن! ثم عندما تتسلى بالدخول والخروج خلسة من الكراج,
يجب أن تتوقع أحياناً أن تكون شاهداً على بعض المشاهد التى لا تفهمها". "أنا لم أكن أتسلى,
كنت اعمل". تذكر اليزون كلمات جونى الأخيرة, على الهاتف. "آه, فهمت الآن لماذا أصريت على أن
يعيد أحد العمال سيارة جونى إلى ستراثكوران! أنت لم تكن تريد أن يأتى جونى إلى هنا! تحاول
حمايتى, لقد تأثرت كثيراً, لكن بأمكانى أن أوكد لك بأنى مع جونى لا أكون بخطر, لأنه رجل لطيف
ومهذب!"."وأنا, لست رجلاً.. اشرحى لى إذا كيف تقبلين رجلاً لطيفاً,هكذا؟" أمسك كتفيها بسرعة
وجذبها نحوه, ثم طبع على شفتيها قبلة حنونة. لم تستطع الفتاة تمالك رغبتها القوية التى
اجتاحتها فجأة, فاستسلمت بكل ارادتها للمساته وقبلاته, بينما كانت بين ذراعى جونى لا تشعر
بأى انفعال, تجد نفسها بين ذراعى نيل ترتعش من شدة الانفعال, وأخيراً لمعت الحقيقة فى رأسها,
أنها تحب هذا الرجل الذى كانت تعتقد أنها تكرهه.. بارتعاشة صغيرة, ابتعدت عنه.
"اذهب من هنا! أخرج!" صرخت غاضبة من اكتشافها هذا. "لا.. لست مستعداً بعد للرحيل"
قال بنظرة قاتمة. "أمنعك من لمسى".
أنت تقرأ
روايات عبير : قد تحدث معجزه
Romanceالملخص لا شيء يسير على ما يرام مع أليزون.. ستقفل المدرسة التي تعمل فيها أبوابها بعد العطلة السنوية.. ترى نفسها ايضا مرغمة على بيع قصر العائلة الذي عاشت طفولتها ومراهقتها, والأسوأ من ذلك كله كان أن نيل ماكبان جارها وعدوها اللدود عاد إلى القرية..كي...