الفصل الخامس

9.9K 241 2
                                    

كانت تنتظره في الخارج لا جدوى من محاولة مقاومة هذا الرجل. كما وأن عملية بيع المنزل ضرورية. والداتها لم تكن تملك ما يكفي لترميمه، اليزون تفضل أن يتحول القصر إلى فندق على أن تراه ينهار أمام عينيها. على كل حال، بعد أن ينتهي من أعمال الترميم،
سيعين نيل ماكبان مديراً آخر على الفندق لأنه بحار، والجميع يعلم أن رجال البحر يصعب عليهم ظلت اليزون
الاستقرار في مكان واحد على اليابسة. وهكذا، قد تتمكن أخيراً من نسيانه.
"أريد أن أستكشف النواحي. هل سترافقينني؟".
وافقت بإشارة من رأسها. بدون شك، ستكون هذه آخر مرة تتنزه فيها على جزيرتها الغالية..
تبعت نيل في المنحدر الواقع في الجهة الأخرى. كم تغير هذا الرجل! ما نفع محاولة الانكار؟
ألا يمتزج كرهها له في الحقيقة مع بعض الإعجاب بحريته الفكرية وشجاعته؟
فهو لا يحرمها فقط من منزل أجدادها، بل يحرمها أيضاً من هذه الجزيرة التي قضت فيها أجمل أيام طفولتها ومراهقتها.
لن يبقى لها سوى المنزل الصغير الذي كان يسكنه البستاني وعائلته في الماضي.والمشغل،بالتأكيد."لماذا سمحت لوالدتي بالاحتفاظ بمرسمها؟ " سألته فجأة. كان نيل يضع منظاراً على عينيه ويتأمل
الجبال البعيدة على اليابسة، تردد لحظة ثم أبعد المنظار والتفت نحوها؟
"لماذا أنت عدائية هكذا في علاقاتك مع الناس؟ أتعتبرين اللطف شيئاً غريباً لهذه الدرجة؟".
"لا أعتقد أنك لطيف لهذه الدرجة. لكنك لم تجب على سؤالي". أعاد نيل المنظار فوق عينيه.
"لماذا يجب أن يكون لدي سبب لأترك والدتك تستعمل المرسم؟ "ثم ناولها المنظار.
"أتريدين أن تلقي نظرة؟". "لا، شكراً، أنا بانتظار جوابك".
"حسناً، بما أن والدتك كانت تملك مهنة الديكور الداخلي. أحب أن أعهد إليها بديكور فندقي".
ضحكت اليزون بسخرية. "أبداً، لن تقبل والدتي مساعدتك بهذا الأمر!". "حقاً؟! ولماذا سترفض؟".
"لأنها تشاركني مشاعري. بعد بيع المنزل، لن توجه لك الكلام أبداً.
عندما سأخبرها سيثور غضبها حتماً". "هذا سيدهشني " أجابها بابتسامة ساخرة.
"لأنني قبل أن أعرض عليها الاحتفاظ بمرسمها، طلبت منها الاهتمام بديكور الفندق، ووافقت والدتك، هي تعمل من الآن وصاعداً عندي".
-----
لأول مرة منذ سنوات أجهشت اليزون بالبكاء في سريرها
حتى أرهقها. رغم أعداء عائلتها وهي تشعر الآن بأنها حبيسة في شباك العنكبوت وكانت بعد الظهر تركته يكمل جولته في الجزيرة وحده وانتظرته على المركب وما أن وطأت قدماها اليابسة حتى ركضت إلى القصر ولجأت إلى غرفتها.
توجهت في الصباح إلى المدرسة دون أن ترى والدتها. وعندما عادت في فرصة الظهر،
وجدت سيارة متوقفة أمام القصر. نزل منها نيل ماكبان وفتح الباب ليسمح لوالدتها بالنزول
"جئت اليوم في فرصة الظهر؟" سألتها والدتها مبتسمة ثم التفتت نحو نيل "أترغب بتناول الغداء
معنا سيد ماكبان؟". "لا، شكراً يجب أن أذهب إلى أنغرنيس على الفور، لن أعود قبل يوم الخميس.
أتسمحين لي بزيارتك لدى عودتي؟". "بكل سرور. إلى اللقاء سيد ماكبان".
صعدت اليزون السلم بسرعة، بعد لحظات تبعتها والدتها. "أنت غير مهذبة دائماً مع السيد ماكبان،
لماذا، يا ابنتي؟".
"هذا الرجل يسلبنا منزلنا وجزيرتنا.. وأنت تلومينني؟.. والأسوأ من ذلك أنك ستعملين معه.. هو قال لي ذلك! أوه، أمي لماذا؟".
"أنا آسفة، لكن لا يمكننا رفض عرض مماثل". "ليس الوضع ميؤساً منه لهذه الدرجة.
ألن نكون مرتاحين مادياً بعد البيع؟". "أنت لا تفهمين، أنا أيضاً أحب رونشبرين. وسأكون سعيدة جداً إذا بفضل عملي نجحت في إعادة الحياة لهذا المنزل. حتى لو كان الغرباء هم الذين سيتمتعون به السيد ماكبان غني جداً وعرض علي القيام بترميم القصر. لماذا أترك غريباً يختار ألوان جدرانه وقماش أثاثه بينما أنا أعرف ما يناسبه وما لا يناسبه؟". " أفهمك، أمي، ولكني من جهة أخرى،
أشعر بأنه يغتصب حقوقنا وحياتنا". "أنت مخطئة يا ابنتي! فالسيد ماكبان ليس رجلاً شريراً. على العكس، لديه شيء لا أعرف ماهو.. لكنه رجل فاتن.. بالمناسبة، ذهبنا هذا الصباح
إلى مكتب المحامي. بعد ثلاثة أسابيع على الأكثر، سنوقع عقد البيع".
"إذاً يجب علينا مغادرة القصر". تمتمت اليزون. "سيكون الأمر صعباً في البداية، لكننا سنتأقلم
مع الوقت. والآن ماذا أعدت لنا جسي من طعام كي لا تتأخري على المدرسة".
يوم الخميس عندما عادت اليزون من المدرسة وجدت في المنزل موظفاً من دار البلدية يأخذ
مساحة المنزل، فسألته بدافع الفضول أن يريها رخصة البناء. اكتشفت أن روشبرين لن يتعرض
لتغيرات مهمة خاصة من الخارج. بعد ذهاب الموظف، انضمت الفتاة إلى والدتها في مرمسها.
"إذاً القصر لن يتغير كثيراً..الحمدلله!". "أمي،لم يفت الأوان بعد إذا كنت ترغبين بتغيير رأيك".
"أتكرهين السيد نيل لهذه الدرجة؟". "أنا لا أطيقه".
"لم يسبق لي أن رأيتك هكذا من قبل، يا عزيزتي. كنت أظنك أكثر ذكاءً وقدرة على التغلب على هذا
النزاع القديم بين العائلتين. قولي لي، لماذا كل هذا الكره؟". نعم، لماذا تشعر بهذا الكره نحو
نيل ماكبان؟ لماذا تخشى هذا السؤال وتخشى اختراق قلبها ومعرفة أعمق مشاعرها؟
"لست أدري، يا أمي. ربما بسبب كره أليك له، هو فقط يتمكن من التغلب عليه في العراك.
أما أنا، فلا أستطيع ". " لا تستفزينه، يا ابنتي". "أهذا تحذير؟" سألتها اليزون بخوف.
ابتسمت والدتها بمحبة وهزت رأسها ببطء. "بل هي نصيحة،يا عزيزتي،لأنني لا أريد أن أراك تتعذبين.
بإمكان أمثال نيل ماكبان أن يكونوا أحياناً بدون رحمة. تحت مظهره الهادئ يملك إرادة فولاذية.
لاحظت ذلك منذ لقائنا الأول. كما وأن لديه ملامح تدل على حيوية مدهشة بالنسبة لرجل في مثل سنه.
أحب أن أرسم له لوحة ذات يوم"

روايات عبير : قد تحدث معجزهحيث تعيش القصص. اكتشف الآن