الفصل التاسع

10.6K 245 3
                                    

توقفت السيارة أمام منزل اليزون. "جسي ستعد لك الغداء " قال نيل لأندريه.
"إلا إذا كنت تريد تناول الغداء معي في المنزل الكبير". "أريد أن أتناول الغداء مع اليزون"
قال الصبي وهو يمسك يد الفتاة. دخل الثلاثة إلى المنزل فاستقبلتهم جسي مبتسمة.
"السيدة ماكاي ذهبت لشراء بعض الأدوات من ستراثكوران" قالت جسي لايزون.
"آه، بما أنك هنا سيد نيل، بامكانك أن تأخذ الغداء إلى القصر". جلست اليزون
وجلس الصبي قربها، فجأة رفعت الفتاة نظرها وتفاجأت بنيل ينظر بحنان نحو ابنه لكن نظراته
عادت إلى قسوتها وهو يتناول الطعام من جسي. "سأعود في الساعة الواحدة والنصف" قال لايزون.
"حسناً.. شكراً لك". بعد الظهر، عادت اليزون من آخر يوم عمل لها في المدرسة قبل بداية الفرصة
السنوية. أخبرتها جسي أن أندريه سيأتي كل يوم عندما يذهب والده لعمله في روشبرين.
"كيف تمكنت من اقناعه؟" سألتها ايزون بفرح كبير. "بكل بساطة، اقترحت عليه أن أهتم بابنه.
تردد في البداية لكنه كان يعلم بأننا نحب ابنه وابنه يحبنا. كما وأن زيارة أصدقائك لنا
ستزيل آخر تحفظاته، قال لي والده بأنك قمت بجهود كبيرة مع أندريه الذي خرج من عزلته،
كما ترين إنه معجب بك". يوم الخميس، استيقظت اليزون مشرقة وقد تخلصت من الضمادات
واختفى الألم، إنها تنتظر عيد القرية على أحر من الجمر. لم تكن قد رأت جوني منذ أيام.
وعند الظهر، كان نيل أو أحد العمال يأتي ليأخذ الغداء بدلاً من جوني، قررت اليزون أن تحمل
لهم الشاي بنفسها إلى القصر هذا اليوم. ارتدت ثوباً أنيقاً وسرحت شعرها بعناية،
نزلت إلى المطبخ وحملت صينية الشاي رغم اعتراضات جسي. دخلت اليزون بهو القصر
وقلبها يدق بسرعة. "إنها ساعة الشاي، أيها السادة". استقبلها نيل على السلم وحمل الصينية
عنها وهو يتأمل أناقتها. "اعطني الصينية، إنها ثقيلة عليك". وظل واقفاً أمامها لحظة.
احمر وجه الفتاة وتراجعت خطوة للوراء غير قادرة على تحمل نظراته. وجود هذا الرجل قريباً منها
يربكها كثيراً. ندمت لمجيئها، لو أن جوني استقبلها لما فقدت كل قدرتها أمامه. يا إلهي!
لن تترك هذا الرجل الذي تكرهه يؤثر عليها، لو يتوقف عن التحديق بها. تمنت لو تصفعه بكل قوتها.
توجهت إلى المطبخ وأخذت تغسل الأكواب من الغبار. "أتريدين أن أنادي جوني كي يساعدك؟" قال بهدوء.
"ماذا؟ أيمكنك إذا ان تستغني عن خدماته لبضعة دقائق؟" سألته ساخرة. "وقتي ثمين بالفعل"
قال ضاحكاً. "لكن بما أنني لست متأكداً أنك ترتدين هذا الثوب الجميل من أجلي أنا..".
ابتعدت الفتاة وحاولت الخروج من المطبخ. لا نفع للنقاش معه.
إنه يسخر منها، لكنه قطع عليها الطريق. "ما بك اليزون؟". "من سمح لك بمناداتي باسمي؟
والآن، دعني أخرج، لو سمحت". "أنا أقدم لك اعتذاري، آنسة ماكاي. هذه الشكليات فاتتني"
قال ساخراً دون أن يفسح لها الطريق. "هل أغضبتك؟". "مجرد رؤيتك تغضبني" صرخت باحتقار.
"لا تخف، جئت فقط لأحضر لكم الشاي. سأكتفي من الآن فصاعداً بالاهتمام بابنك!".
ندمت اليزون على الفور على كلامها، لكن فات الأوان. لقد زادتها كثيراً. رأت ذلك على ملامحه
وهو يتجه ببطء نحو الطاولة. ترددت الفتاة قليلاً ثم خرجت بسرعة وسلكت طريق منزلها الجديد
بحزن كبير. ماذا أصابها؟ الغضب أعماها. كانت قد ألمحت لاندريه بكلمات لم تفكر بها
فجرحت نيل عميقاً. قبل أن تغادر المطبخ، كانت قد نظرت نحوه مرة أخيرة، كان واقفاً قرب الطاولة
وكأن هم الدنيا كله على كتفيه. كم كانت مخطئة بحقه. هذا الرجل يملك قلباً ومشاعر أيضاً.
أخيراً فهمت ذلك. رغم أن الساعة أصبحت متأخرة، كانت اليزون وصديقتها ميغ لا تزالان جالستين في
غرفة الجلوس تثرثران. أخبرت اليزون صديقتها كل التفاصيل حول الأحداث الأخيرة، وميغ تصغي لها
باهتمام كلي. "هل غضب؟" سألتها ميغ عندما أخبرتها عن كلامها الأخير معه.
"لا، ليس تماماً! كنت أفضل رؤيته غاضباً.. لكن اكتفى بالابتعاد. أحست عندئذ أنني جرحته كثيراً..
ومنذ ذلك الحين وأنا أشعر بالندم. وعندما أتى لأصطحاب أندريه، تجنبت رؤيته.
لقد تصرفت بغباء معه". "إنه يستحق ذلك. والآن كلميني عن جوني، أنا بغاية الشوق للتعرف عليه".
"سترينه يوم السبت، لن أقول لك عنه أشياء أخرى". أجابتها اليزون ضاحكة:"كمن أنا سعيدة بوجودك
هنا ميغ! سيلعب أندريه غداً مع التوأمين. سيكون سعيداً جداً! إنه طفل رائع".
"أوه! لقد انتصف الليل". دخلت كل واحدة إلى غرفتها، وكانتا كعادتهما كلما اجتمعتا لا تشعران
بمرور الوقت. في اليوم التالي، وصل أندريه وانسجم بسرعة مع التوأمين، ولعب معهما ومع والدهما
بالكرة. فيما بعد تركت الصديقتان الأولاد الثلاثة مع بيل وذهبتا إلى القرية لشراء بعض الحاجيات.
لم تكن اليزون ترى والدتها كثيراً هذه الأيام لأنها كانت تقضي كل وقتها في مشغلها في القصر.
لقد تغيرت كثيراً في الآونة الأخيرة، خاصة بعد الثقة التي منحها إياها نيل ماكبان عندما عهد إليها بديكور الفندق. كانت الفتاة سعيدة برؤية والدتها مبتسمة دائما وواثقة من نفسها.
لكنها كانت بنفس الوقت تحقد على نيل الذي سلبها كل ماهو عزيز على قلبها. بعد العشاء، دعا بيل
غراهام الصديقتين لشرب كأس في فندق ستراثكوران. ما إن دخلوا حتى لمحت اليزون جوني يصل لتوه.
قامت بالتعريفات ودعته للانضمام إليهم. أخذوا يتحدثون بمرح وينتقلون بالحديث من موضوع إلى آخر.
شرح لهم جوني طبيعة العمل في روشبرين وصف لهم الشقة التي سيشغلها نيل ماكبان في الطابق الأخير
من فندقه. "لابد أن تحويل علية إلى مسكن فخم كلفه ثروة كبيرة" قال بيل. "إنه غني جداً"
ثم التفت جوني نحو اليزون وأضاف:"كنت لاكتفي بجزء صغير من ذلك المنجم، وأنت اليزون؟".
"أي منجم؟" سألته الفتاة بذهول. "ألست على علم؟" سألها بدهشة. "لا".

روايات عبير : قد تحدث معجزهحيث تعيش القصص. اكتشف الآن