الفصل الثالث

10.7K 245 4
                                    

الفصل الثالث
كان وقع هذه الجملة كالصاعقة على قلبها, فالتفتت نحوه وقالت:"كفاك مزاحا.
الآن, أرجوك أن ترحل. أفضل الموت على رؤيتك تشتري روشبرين!".
تحولت نظرات نيل إلى سكين فولاذي, لكنه اجابها بهدوء خطير. "هذا القرار يعود لوالدتك".
تحملت نظراته وقالت بإحتقار:"والدتي تريد أن تبيع المنزل لا أن تهبه! تريد مالا! أوه,
عفوا, إعذريني, كنت قد نسيت.. ربما أنت لا تعرف معنى هذا!".
شحب لون نيل تحت هذه الإهانة, بينما أضافت اليزون بدون رحمه. "لا ضرورة لإضاعة وقتنا.
أنت لا تريد سوى الشماته بنا!".
"للعلم فقط, أنا أملك مبلغا كافيا لشراء قصر الروشبرين..
وكافيا لترميمه أيضا, سمعت أنه مهمل منذ سنوات طويلة. كان بإمكان إعتراضاتك أن تكون
أفضل لو أنك إهتميت بترميم منزلك!".أحست اليزون بانه كان يجب عليها أن تتمالك نفسها
أمام هذا الرجل العنيف. أخذت نفسا عميقا قبل أن تسأله:"إذا كان القصر بهذه الحالة,
فلأي سبب تريد شراءه؟".
"كنت دائما أحلم بإمتلاكه قبل رحيلي كنت قد أخذت قرارا بجمع ثروه كبيرة تسمح لي بشرءه عندما يعرض للبيع. لست مليونيرا, لكنني مرتاح ماديا.. وبما أن منزلك
معروض للبيع, إخترت شراءه".
"و.. إذا رفضت والدتي التخلي عنه؟" سألته بتحد.
"لماذا ترجع عن قراراها, مالما انكم لا تملكون إمكانية إعادة تأهيله؟".
"قد لا ترغب بك أنت كشار". طبعا بأمكانكم أن تبحثوا عن زبون آخر, لكنكم لن تجدوا واحدا. عندما لا يملك
المرء فلسا واحدا. آنسة ماكاي, لا يمكنه السماح فمه بكثرة الكلام".
"كيف تجرؤ!" صرخت بغضب شديد."أنا بحاجة للكثير حتى أصل لوقاحتك!".
خافت الزيون من إنفجار غضبه فتابعت سيرها. "هيا بوبي!". عندما إجتازت البستان,
لم تستطع مقاومة رغبتها في الإلتفاف إلى الخلف. كان نيل لا يزال واقفا يراقبها..
"ما العمل, جسي؟" سألتها اليزون متوسلة في المطبخ. "ليس أمام والدتك المسكينة خيارا آخر.
يجب أن تكوني بجانبها في هذ الوقت لا ان تبقي في المطبخ". "لا أستطيع! لا أريد أن أوجه الكلام
إلى هذا الرجل, ولا أن أشرب معه القهوة". "لقد ورثت كل طباع آل ماكاي" أجابتها جسي بمكر.
"إعترفي بأن ماكبان رجل وسيم". "رجل وسيم؟ إنه فضيع! أجده كريها!".
"أنا متأكدة أنه حطم قلوبا كثيرة أثناء جولته حول العالم". "جسي..برأيك.كيف استطاع أن يجمع
المال الكافي لشراء روشبرين؟ ألم يعمل في التجارة البحرية؟".
بلى. لكني لا أعرف مصدر ثروته. فالعجوز ماكبان لا يتكلم بشيء عن أبنائه".
رن جرس في هذه اللحظة. "إنه لك, ياإبنتي. والدتك قالت بانها ستقرع الجرس إذا إحتاجت لك".
نهضت الفتاة رغما عنها وغادرت المطبخ. عبرت البهو وفتحت باب الصالون. كانت السيدة ماكاي
جالسة أمام المدفأة. كم تبدو نحيلة فجأة! فكرت اليزون بحزن والتفتت نحو الزائر الذي يقف
أمام النافذة. التقت نظراتهما بعدوانية ظاهرة. "الزون, ياإبنتي"قالت لسيدة ماكاي وهي تمسك
يد ابنتها بضعف. "أيمكنك أن ترافقي السيد ماكبان في جولة في المنزل والبستان..".
"أمي.. " قاطعتها اليزون بحزم. "لو سمحت, اليزون" الحت الوالدة وهي تضغط على يدها.
"حسنا. الآن؟" أضافت موجهة السؤال لزائر."إذا كان هذا لا يزعجك. سيدة ماكاي"
أجاب متجاهلا وجود اليزون. "ابدا, على العكس" قالت له مضيفتة بإبتسامة زادت من قلق الفتاة.
"أمي.. هل كل شيء على ما يرام؟". "إطمئني, يا عزيزتي. أنا بحاجة للتفكير, هذا كل شيء".
بأي موضوع؟ تساءلت اليزون قبل أن تلتفت نحو نيل ماكبان.
"أيمكنك إنتظاري في البهو, أرجوك؟". غادر نيل الصالون وأغلق الباب وراءه. جلست اليزون على
ركبتها أمام والدتها. "قولي لي, أمي هل.. أزعجك؟ هل أرغامك على تخفيض السعر؟".
"لا يا عزيزتي. ماكبان أظهر كل لطف وذوق. أريدفقط ان أفكر ببعض التفاصيل قليلا, سأكلمك لا حقا,
أعدك بذلك. الزون, أرجوك. من اجلي. حاولي إخفاء عدم إستلطافك لهذا الرجل".
"إطلبي مني ايضا أن أمسك بيده أثناء جولنه في المنزل!" قالت اليزون بحدة.
"لا تبالغي, يا عزيزتي" هداتها والدتها بإبتسامة لطيفة.
"أطلب منك فقط أن تكوني مهذبة معه.
إنه ليس غولا. أنت تعلمين". لا إنه مخيف أكثر. "أعدك بالمحاولة, يا أمي.. أتعتقدين..
أنه سيشتريه؟". "أنا متأكدة من ذلك. آسفة. يا إبنتي. لكن سيكون من قلة الحذر المخاطرة
برفض عرضه". أثناء مرافقة نيل, لاحظت اليزون فقط للمرة الأولى حالة المنزل التعيسة.
وشعرت بالخجل عندما لاحظت أن نيل لم يفته شيء من ذلك كان يتفحص النوافذ والجدران بدقة ويسجل
ملاحظات على دفتر صغير. لشدة ارتباكها. لم نتطق الفتاة بأية كلمة أثناء جولتهما في الغرف
الواسعة التي لم تكن سوى انعكاسا شاحبا لروعة الماضي.
عند أسفل السلم المؤدي إلى تسقيفة المنزل توقفت وسألته:"أترغب برؤية العلية؟".
"إذا كان هذا لا يزعجك" اجابها بنفس الجفاف. إرتعشت اليزون. ما نفع المحاولة؟
فكرت وقد لاحظت ملامحه الحازمة. ألم يربح الجولة؟ في غرف العلية, كانت تتكدس علب وصناديق
وصحف وكتب قديمة. يجب أن ترمي كلها, فكرت اليزون بحزن حتى الحصان الخشبي الذي أسعد أجيالا
كثيرة من الأطفال. لم يبال نيل بكل هذه الفوضى, وقفز فوق بضعة صناديق حتى وصل إلى النوافذ.
"هذا يفي تماما بالغرض" قال برضى.ماذا يقصد؟ لا أحد يحتاج إلى مثل هذه العلية المؤلفة من عدة
غرف واسعة إلا إذا كان لديه الكثير من الأولاد والخدم. يبدو نيل ماكبان غامضا.
بعد ذلك الشرفة الزجاجية حيث تنبت في أحواضها نباتات السيكلمان "بخور مريم" والصبار..
"نباتات رائعة. من يهتم بها؟". "أنا" أجابته بإحتقار "والآن. ساريك المشغل من هنا, لو سمحت".
وفتحت بابا يؤدي إلى غرفة واسعة منيرة تتكدس اللوحات على جدرانها وأرضها, توقف نيل طويلا أمام
اللوحات لدرجة أن اليزون رغبت في قطع تأملاته وإزعاجه.
بعد دقائق. التفت نحوها. "والآن, لو نزور البستان؟". "أنت تعرفه جيدا" أجابته بجفاف رغم جهودها
في أن تظهر أدبا نحو الرجل الذي أرهقها. "ليس جيدا, لأنني كنت آتي في الليل" قال بسخرية.
"أريد أيضا أن أزور المستودعات وكنيسة القصر". "لكن هذا المصلى لم يستعمل منذ سنوات.."
من الواضح أنه لا يفعل إلا ما في راسه. بعد نصف ساعة, عادا إلى القصر. وكانت الفتاة متعبة لدرجة
أنها تعثرت أمام العتبة. لكن رفيقها أمسك ذراعها. فابتعدت بسرعة. "أشكرك". "عفوا"
أجابها بابتسامته الساخرة. احمر وجهها, كرها لهذا الرجل مبادل, تعرف ذلك. ألا يزال يذكر انه
أعلن بشدة رغبته في إقفال فمها؟. التقت نظراتهما للحظات, وقرأت في نظراته الفولاذية غصبا
مكبوتا جعلها ترتعش خوفا. إذا كان قد عاد لينتقم منها, فلقد اختار وسيلة قاسية جدا,
لأنها لن تتمكن من نسيان الرجل الذي حرمها من منزل جدودها. ما أن دخلا الصالون حيث كانت السيدة
ماكاي تنتظرهما, حتى تفاجأت اليزون بنظرات غريبة بين والدتها نيل. "هل أخبرتها؟".
سألته سيدة المنزل. "لا سيدتي. فضلت أن تعلم منك أنت". "لحظة, يا عزيزتي.. السيد ماكبان يريد
أن يحول روشبرين إلى فندق". "أوه, لا!" وأغمضت عينيها. لا يمكنها أن تتصور منزل عائلتها يحتله
غرباء. "لا, يا أمي, لا يحق لك!".

روايات عبير : قد تحدث معجزهحيث تعيش القصص. اكتشف الآن