الفصل الرابع: الغابة السحرية

0 0 0
                                    

دخل كامل وليلى الغابة السحرية، عالم ساحر يتجاوز كل ما تخيلوه. كانت الأشجار هناك شامخة وعملاقة، أوراقها متوهجة بألوان لا تتكرر، تتراوح بين الأزرق اللامع والأخضر الفيروزي، وكأنها مصابيح طبيعية تضيء المسار. بين أغصان الأشجار، كانت هناك زهور نادرة تنمو، تُصدر ألحاناً ناعمة وكأنها تتحدث بلغة غير مفهومة، بينما حامت حولها فراشات متلألئة تشبه قطع الجواهر الطائرة.

لكن وسط هذا الجمال، كان ثمة شعور بالخطر الخفي يسري في الهواء. كانت هناك أشجار تصدر همسات غامضة، وأصوات تتحرك بسرعة بين الأحراش، مما جعل الأبطال يشعرون بأنهم مراقبون. قال كامل وهو يحاول السيطرة على قلقه: "علينا أن نجد زافر، حارس الغابة. يُقال إنه يختبئ في قلب الغابة العتيقة حيث تنمو شجرة الحياة، الشجرة المقدسة التي تتوسط هذا العالم."

أومأت ليلى برأسها وهي تراقب الظلال الطويلة التي بدأت بالتحرك بشكل غير طبيعي. "صحيح، لكن هناك شيء غريب هنا. كلما تقدمنا، أشعر وكأن الغابة تحاول توجيهنا أو حتى تضليلنا. علينا أن نكون حذرين."

مع تقدمهما في المسار، صادفا كائنات غير مألوفة، مثل الثعالب ذات الأجنحة التي كانت تختفي وتظهر فجأة، والطيور ذات الريش الذهبي التي تغني بأصوات البشر. وبينما كانا يتقدمان أكثر نحو عمق الغابة، لاحظا أن الأرض نفسها بدأت تتغير؛ إذ تحولت من عشب ناعم إلى طحالب لزجة تُصدر توهجات خفيفة في الظلام. كان المسار يقودهما نحو منطقة كثيفة الأشجار حيث كانت الرؤية شبه معدومة، حتى بدأا يشعران بأنهما تائهان.

بينما كانا يبحثان عن طريق يؤدي إلى شجرة الحياة، بدأت ظلال سوداء تزداد كثافتها حولهما، وأحاطت بهما كائنات غريبة تشبه العناكب الضخمة، لكن بدلاً من ثمانية أرجل، كانت لها أجنحة من الدخان الأسود. بدت تلك الكائنات وكأنها تحاول منع الأبطال من التقدم.

تراجع كامل بسرعة، وهو يحاول سحب سيفه، لكن ليلى أمسكت بذراعه وقالت: "استخدام القوة لن يفيد هنا. هذه الكائنات مرتبطة بالغابة، ولن يتم القضاء عليها بسهولة. دعني أجرب شيئًا."

بدأت ليلى تتلو تعويذة كانت قد تعلمتها من أحد الكتب السحرية القديمة التي أخذتها من قريتها. رفعت يديها إلى السماء وهمست بكلمات غامضة، فبدأت الأضواء المحيطة تتوهج أكثر، وأخذت الفراشات المتلألئة تتجمع حولها، وكأنها استجابت لتعاويذها. في لحظة، أطلق الضوء طاقة دفعت الكائنات السوداء للتراجع، مفسحة المجال للأبطال للمرور.

قالت ليلى وهي تتنفس بصعوبة: "لا أعتقد أن هذه هي نهاية المطاف. يبدو أن الغابة تختبرنا، أو ربما تضعنا في مواجهة مع الأسوأ. علينا أن نجد زافر قبل أن يتفاقم الأمر."

استمر الاثنان في السير حتى وصلا إلى منطقة مفتوحة في الغابة، تتوسطها شجرة ضخمة ذات جذور متشابكة تمتد عبر الأرض، وكانت هذه الشجرة أكبر من أي شجرة رأوها في حياتهم. بدا أن جذوعها تحمل تاريخاً طويلاً، وكانت تنبض بحياة خاصة، كما لو كانت الشجرة على قيد الحياة بالفعل.

همست ليلى: "هذه هي شجرة الحياة. لا بد أن زافر قريب."

بينما كانا يبحثان حول الشجرة، ظهر زافر فجأة من بين الأغصان. كان يبدو كرجل عجوز ذو شعر فضي طويل، وعينين خضراوين تتألقان بالمعرفة القديمة. كان يرتدي رداءً أخضر مزينًا بأوراق الشجر، وكان وجهه يحمل ملامح صارمة وحكيمة.

قال زافر بصوت عميق: "لقد اجتزتم الاختبار الأول، لكن الطريق أمامكما لا يزال طويلاً. كل من يدخل الغابة يجب أن يثبت جدارته، وليس كل من يبحث يجد."

قال كامل: "نحن هنا بحثًا عن الحقيقة. نريد فك لغز الأراضي السبع، ونحتاج لمساعدتك في الوصول إلى الأسرار التي تخفيها."

أومأ زافر برأسه وقال: "الأراضي السبع ليست مجرد عوالم منفصلة، بل هي طبقات للكون ذاته. لكل طبقة حارسها وأسرارها، وعليكما أن تتعلما التوازن بين النور والظلام لكي تواجها التحديات المقبلة. شجرة الحياة تحتفظ بذاكرة كل ما حدث هنا منذ الأزل، وستكشف لكما الطريق إذا كنتما مستعدين لدفع الثمن."

قالت ليلى بحذر: "وما هو الثمن؟"

ابتسم زافر ابتسامة خفيفة وقال: "ستعلمان ذلك في الوقت المناسب. لكن أولاً، يجب عليكما العثور على الحجر الأزرق، الذي يحمل في طياته أسرار قديمة عن خلق الأراضي السبع. الحجر مخبأ في كهف تحت البحيرة المتوهجة، وهو محروس من قبل حراس القدماء."

تبادل كامل وليلى النظرات، وقد زاد شعورهما بالإثارة والرهبة. كان أمامهما مهمة جديدة، وعليهما أن يكونا مستعدين لمواجهة الخطر. بدأ الأبطال رحلتهم نحو البحيرة المتوهجة، وهم يعلمون أن كل خطوة يخطونها ستقربهم أكثر من الحقيقة، لكنها أيضًا ستزيد من حجم المخاطر التي تترصدهم.

الأراضـــ🌍ــــي الســـبــعحيث تعيش القصص. اكتشف الآن