بزوغ

96 19 30
                                        

" لكن .. كيف يُمكنك أن تعيش دون أن يكون لديك قصةٌ ترويها "

- فيودور دوستويفسكي -

______________


ماذا لو ..

ماذا لو استيقظت لتجد أنَّ كل ما عشته لم يكن سوى كابوسٍ بشع في ليلةٍ استفحلت فيها الحُمى لتعربد بجسدك! كُل تلك الدماء لم يكُن نصلك من أراقها .. أنت لا تملِك نصلًا من الأساس! أنتَ مُجرد جماد .. قِطعة خشبً ربما .. مركونة في كوخٍ مُهترئ تنتظر دورها ليُزَف بها بين أحضان النيران.. كيف ستشعر لو كنت مصدر الدفء لأحدهم؟!

ماذا لو كُنتَ مُجرد حصاةٍ مُلقاةٍ على قارعةِ الطريق، يتعثرُ فيها الرائح و الغادي .. كيف ستشعر لو كنت عثرةً في طريق أحدهم؟!

ماذا لو كُنتَ لا تُجيدُ القراءة وهذه السطور لا تعدو كونها مُجرد رموزٍ لا معنى لها بالنسبة لك؟ أن تكون جاهلًا أمرٌ صعب ولكن أن تكون مُدركًا أمرٌ أصعب!

أفلتت القلم عندما طفقت أصابعها ترتجف مُمتنعة عن الكتابة وكأنها تخبرها أنها اكتفت لليوم، زفرت بقوة وضغطت بأصابعها على زاوية عينيها بتعبِ ظاهر ..

"أدخل " قالت مُستغربة عندما أخذت طرقات الباب توشوِّش مسامِعها ويبدو أن الطارق يُلح فهي لم تسمعه من الوهلة الأولى ، فُتح الباب ليظهر من خلفِهِ المُحقق سام، سلّطت أنظارها عليه وكأنها تتأكد قبل أن تنبس بتهكم :" أأفلت الشمسُ من مشرقها؟ أم أن كلامي السابق أثّر فيك ودفعك للإستئذان؟ "

ألقى بجسمه على الكرسي قُبالتها مُجيبًا بهدوء :" إن كُنتُ أُقيمُ إعتبارًا لشيءٍ ما فهو الوقت بلا شك .. لا غير

بإبتسامة واهنة همست : "إرتئيت أن الوقت تأخر على إقتحام المكتب ولهذا إستأذنت هكذا إذن! "

هزّ رأسَهُ مؤيدًا

ضيقت عيناها مُتابِعة :" أن أراك مرتين في ذات اليوم أمرٌ لم أشهدهُ كثيرًا! "

مرر أصابعه بين خصيلاتِه الدهماء قائلًا بصوتٍ رخيم :" عندما وُكلت إليّ هذه القضية كنت على يقينٍ أنها لن تكون سهلة، لكن أن تؤرقني حتى بعدما أغلقتُ دفتيها هذا شيءٌ لم أتوقعه البتّة، فرغت لتوي من التحقيق مع لوست وقد كُلِل هذا التحقيق بإعترافٍ صريح من الجانية ومع ذلك أشواك الشك تدمي شعوري بالرضا لينزف هواجس قلقٍ غير مُبرر .. أيًا يكن لم آتي هنا لأتفوه بالتُراهات؛ جئتكِ لأستفسر عن المكان المناسب لحالاتٍ مُماثلة للوست؟

بجدية مُفرطة أجابت :" لم نكن نملك الحق في التكلم بهذا الشأن قبل أن تثبت عليها التهمة وذلك لكونها لم تكن تزال في عداد البريئين، لنضع المصحة العادية خارج حساباتنا فهي ليست مجنونة أو تعاني من إكتئابٍ لحظي تُحل عقدته بجلستين من الثرثرة، كما لا يمكن وضعها في السجن إن كنا نريد إنقاذ لوتس فشخصيتها المهترئة ستتداعى تمامًا في السجن، ستُقحم في شجاراتٍ لا دخل لها بها، لن تسلم من أيادي السُجناء وستدفع ثمن لسان لوست السليط بكدماتٍ ورضوض في جسمها "

لقد وصلت إلى نهاية الفصول المنشورة.

⏰ آخر تحديث: Oct 18, 2024 ⏰

أضِف هذه القصة لمكتبتك كي يصلك إشعار عن فصولها الجديدة!

فُرقانٌ قانٍ حيث تعيش القصص. اكتشف الآن