"لا دُخان في الأرجاء كيف أفسر إحتراقي "
- فرانز كافكا -_________________
أغلقتْ الباب واستندت عليه لاهِثة،مسحت جبينها بظاهر يدها فتلطخت ناصيتها بالدماء لتتنهد وهي تتكوم بِبُطء على الأرض، مدَّت يدها لِتُلاحِظ إهتزازها فنطقت بسُخرية : "ياللضعف .. كنتُ اظنُ أني تعودتُ بعدَ كل هذا الوقت و صِرتُ مُتمرسة " إحتضنت يُمناها بيُسراها كأنها تُتلِف دليل ضُعفها و أردفت : " آهٍ كم أنا مُتعبة، أودُّ النوم هكذا على وضعِيتي هذه لكن ان استفاقت تِلك الغبية على هيئةِ الجزارِ هذه فستفقدُ رَمق عقلها الأخير وتندلِعُ في هشيم خُطتي فتُحيله رمادًا ثم تنفخ فيه.. " أغمضتْ عيناها بقوةٍ وتنهدت هامِسة : " ليسَ الآن، ليسَ بعد .. "
——————
.
.
.
.
.
.
.صوتُ المُنبه يضرِبُ بقبضةٍ من الإلحاح فيُهشم حُلمها الجميل لِتُقذَف في الواقع بلا أي رحمة ، فتحت عيناها لِتكشف عن دُهمة حدقتيها السرمدية كليلةٍ فارقها القمر فبكت نجومها شوقًا له، رمشت عِدة مراتٍ وهي تُحاول استيعابَ من هي ومن أين أتت ايكأنها غادرت غيبُوبتها للتو وبِمجرد أن أدركت واقعها استدارت ناحيةَ المُنبه الذي لا يَزال يصدح بحنق في حين راودتها تِلك الفكرة كَكُل صباح ؛ أن تُلقيه من النافذة انتقامًا لحُلمها الذي وُئِد في مهده ..
طُوقت رأسها بيديها مانعةً دوامةَ الصُداع من التمدد أكثر ، قطّبت جبينها اخترقت رائحة الدماء جيوبها الأنفية ،تفقدت ذاتها فلم تجد خدشًا يزين جسدها ثم لم تلبث ان شهقت عندما وقعت عيناهَا على الساعة، هي حتمًا ستُوبخ بِشدة هذهِ المرة، هبَّت وافقةً بسرعة ناحية الحمام، تعثرت وكادت ان تعُد اسنانها لولا أنها استندت على يديها وهذا ذكرها بنظارتها التي نسيت ان ترتديها لكن العودة للطاولة التي بجانب السرير سَتسرِق منها بعضَ الثواني والتي هي في حاجةٍ ماسة لكل جزءٍ منهم فقررت تجاهل الامر وإكمال مسيرها فلا ضَير من بعضِ الكدمات صحيح؟
ارتَدت ملابِسها في عُجالة ونظارتها وحملت حقيبتها، لمحت المرآة في طريقها فعدَّلت غُرتها بإهمال ثُم غادرت البيت مُسرعة، نزلت الدرج هرولةً و ركضت في الازِقة متجاهلةً تمامًا رنين هاتِفها لأنها تعلم هويةَ المُتصل ولا تُريد سَماع التوبيخ في الهاتف إن كانت سَتسمعهُ عِند وُصولها؛ مرة واحدة كافية أليسَ كذلك؟ اشارت الى سيارة الأُجرة كي تتوقف عِندما وصلت الى الشارع الرئيسي واسندت رَأسها على زُجاج نافذتها مغمضة العينين علَّها تُصادف حُلمها المَبتور ..
نَزلت من سيارة الأُجرة فوجدَتها تنتِظر وهي تتكِئ على باب الجامعة، ما إن رأتها حتى أسرعت في الإقتراب منها وهي تضرِب قدميها في الأرض بقوةٍ كدلالة على غضبِها، ابتسمتْ لوتس ببلاهةٍ ملطفةً الاجواء وقالت بلهجةٍ مرحة : " أرى أن حُمرة شعركِ إنعكست على وجهكِ بالكَامل! "
أنت تقرأ
فُرقانٌ قانٍ
Short Storyفتحتُ كتابي لأجد شرخًا في أول صفحاته فضحكتُ ساخرًا من جمال البدايات ..