-إنه يوم بارد وعاصف ، وأنا جالس على الطاولة أمام
النافذة أحاول كتابة الأهداف التي سأنفذها في العام
الجديد ، أو على الأقل هذا ما يفترض أني أفعله .
لكنني في الواقع كنت أمضي وقتاً أطول في مشاهدة
الأوراق الجافة وهي تتدحرج على الرصيف أكثر من
الوقت الذي كنت أكتب فيه .
يطلبون منا في جلسات الدعم الجماعي كل عام
قائمة بأهدافنا للعام الجديد ونناقش هذه الأهداف قبل
أسابيع من بداية العام ، بعض هذه الأهداف طموح
للغاية : سأتحكم بغضبي ، لن أكتئب ، والبعض الآخر
بسيط جداً : سأتوقف عن تناول الكثير من الحلويات ،
سأكثر من تناول السلطات وأقلل من كمية تناولي للطعام
كثير التوابل .
كان النقاش حماسياً ، وعندما ستجتمع مجموعتنا
في الخميس التالي سنقرأ قوائمنا بصوت عال ونضع
وعوداً مغالىً بها ، ثم في الأسبوع الذي يليه سننسى
'
هذه الوعود ولن يكون هناك أحد متبلد المشاعر لدرجة أن
يسأل إن التزمنا بأي منها .
في المنزل اختفت الحماسة لهذا الأمر منذ أمد بعيد
لكن علي التفكير في بعض الأهداف ، إنها تبقيني
مشغولاً خلال المساء الطويل ليوم ٣١ ديسمبر\ كانون
الأول ، حيث يهبط الظلام سريعاً وأخلد للنوم مبكراً ،
ومن الصعب معرفة متى تبدأ احتفالات منتصف الليل
في هذا الحي الهادئ
في
النهاية ليس مهماً ما قد أكتبه ، لأن تلك الورقة
ستضيع في البداية بين أكوام الأوراق على مكتبي ، من
ثم سينتهي بها المطاف مستقبلاً في ظلام سلة
المهملات .
لكن كان علي كتابة شيء ما ، لذا جلست أمام
النافذة وبدأت أقضم نهاية قلم الرصاص . بدأ الظلام
يزداد ، إنه يوم شديد البرودة وكئيب والشوارع خالية
الآن ، لا شيء سوى عويل الريح وصيحة طويلة ومتكررة
-ربما كانت تصدر عن طائر .
كتبت : تناول الطعام بانتظام أكبر ، إنه أول هدف
أكتبه كل عام ، دائما أعد نفسي
أن أكل بشكل أفضل
إلا أنني نادراً ما أتكلّف عناء ذلك . إنني وحيد وفي
الستين من عمري وهذا ما يجعل الطعام ليس من
أولوياتي ، أفوّت أحياناً وجبتى الغداء والعشاء ، وأحياناً أسخن الحساء وأتناوله ، ما الفائدة؟ من سيلاحظ ؟
الأولاد نادراً ما يتصلون فهم مشغولون للغاية بحياتهم
الخاصة ، وليس لديهم الوقت للسؤال عن أحوالي
تصدر الصيحة مرة أخرى ، إنها رقيقة ومرتفعة
وحزينة ، أي نوع من الطيور يصدر صوتاً كهذا؟
علي التوقف عن الإصغاء للضوضاء ومتابعة كتابة
قائمتي
سأبدأ في التنزه ليلاً ، سأخرج من المنزل أكثر .
لن أكتئب ، هذا هدف آخر أكتبه دائماً ، هدف غير
واقعي لا يمكنني الالتزام به . لم يعد لدي ما أكتبه ، ما
الذي سيملأ ساعاتي الطويلة والوحيدة التي غالباً ما
أقضيها غارقاً في بحر من الذكريات ، هل يمكن لأي
شيء أن يوقف هذا الهبوط المخيف إلى قاع اليأس؟ لا
يوجد أي هدف يمكنه فك هذا السحر
صيحة حادة مجدداً ، هنالك شيء ما في الخارج .
هزت الريح الأغصان مقابل النافذة ، نظرت إلى
الخارج فلم أر شيئاً ، هبط الظلام ولكن لم تُضاء إنارة
الشارع بعد ، مرت سيارة وحيدة وهناك بعض المارة في
المكان يهرولون مسرعين .
هذا الجزء من شارع دلهي الجانبي غير مزدحم
يتجمع الناس عادة حول سوق الأكشاك في نهاية
الطريق ، فهناك كشك الشاي الذي يقدم شاي ماسالا
الساخن والذي أشم رائحته كلما فتحت بابي ، وبائع
الموز، وبائعي الجوز الذين يشكلون نسقاً والذين ينزلون
مـن الجبال دوماً في
هذا الوقت من العام ناشرين أكواماً
من الجوز الجبلي الجاف ومعلقين ستراتهم المبهجة
والمصنوعة يدويا على أعمدة الإنارة ..
كل الأكشاك أقفلت وخلت الآن
ثم لاحظت حركة بسيطة جداً تحت نافذتي
هنالك شيء ما يربض تحت أغصان شجيرة القطيفة
(الأذريون) ، ذلك الصف الوحيد من الأزهار والذي يعتبر
حجتي الوحيدة للاهتمام بالحديقة ، شيء ما يتحرك
على الممر المرصوف ، يبدو جسمه صغيراً ، هل يكون
طائراً جريحاً؟
غطيت نفسي بشال دافئ وفتحت الباب الرئيسي ،
كان يكافح للتحرك نحو الدرج لكن الريح كانت ترميه
بالأوراق الجافة وتهدده بأنها ستطرحه أرضاً ، وبينما كان
يصارع عرفت ما هو
إنها هرة صغيرة ، كتلة صغيرة من الفرو الرمادي
غارقة في الظلام
نظرت حولي فلم أر قططاً ولا أناساً ولا أي مؤشر
يدل من أين أتت ، وعلى الرغم من أن القطط المشردة
ليست قليلة ولكنها نادراً ما تكون مثيرة للشفقة هكذا
أصدرت مجدداً صوتاً رقيقاً ويائساً ، كانت تحاول الوصول إلى الدرجة الأولى لكنها انهارت وبقيت ممددة في مكانها .
عندما حملتها كانت باردة كالجليد وأمكنني تحسس
كل عظامها وفقراتها ، كانت مجرد هيكل عظمی ،
استغربت كيف صمدت حتى الآن .
أدخلتها إلى الدفء ، لففتها وسقيتها حليباً ساخناً ،
ففتحت عينين خضراوين رائعتين لا تتناسب
ضخامتهما مع ذلك الوجه المنكمش ، ونظرت إلي ثم
تمتمت في محاولة منها للمواء ، مسدت جسدها الذي
كان مشدوداً كالعصا والذي بدأ يستجيب لدفء يدي .
بعد قليل تكورت في حضني ونامت .
أضيئت أعمدة الإنارة في الشارع ، وبدأ الظلام يزداد
في غرفتي لكن لا يزال بإمكاني التحرك بدون عناء ،
إنني راض عن الجلوس في هذا الغسق المريح دون عمل
سوى الاستماع لصفير الرياح .
ثم تذكرت ماذا كنت أفعل ونظرت إلى النصف
الفارغ من الورقة التي كنت أكتب عليها أهدافي ، إنها
نفس الأهداف التي كتبتها كثيراً من قبل باستثناء
هدف واحد - الهدف الذي أتى هو إلي
سأفاجئ أصدقائي في جلسات الدعم الجماعي هذا
العام بهدف غير تافه على الإطلاق ، والذي سأدعوه
هدف الاعتناء بالقطة .
والذي سألتزم بتنفيذه هذه المرة!Treat your parents with loving care, you will
only know their value when you see their empty
chair.
عامل والديك بحب واهتمام لأنك ستعرف
قيمتهما فقط عندما ترى کرسیاهما شاغرین .Never forget your parents they are the reason
why you are who you are.
لا تنس والديك أبداً ، إنهما المسبب لما أنت عليه
الآن .•●◉✿✦◈✦✿◉●•
أنت تقرأ
أشياء جميلة Beautiful Things
Historia Cortaكتاب "أشياء جميلة" هو من تأليف علا ديوب، ويجمع بين مجموعة من المقالات والمقتبسات التي تهدف إلى إلهام القارئ وتحفيزه على رؤية الجمال في الحياة اليومية. يتناول الكتاب موضوعات مثل السعادة، والنجاح، والأمل، والتحفيز الشخصي، ويقدم نصائح عملية للتغلب على...