الهمس في الظلام: إنه الماضي

57 29 59
                                    

الفصل الأول: الهمس في الظلال

لا تنسوا التصويت والتعليق.







★☆★☆★☆★☆★

الساعة تدق بصوت مكتوم في ركن الغرفة. بين اللحظة والأخرى، ينساب ضوء خافت من النافذة، يتسلل بين الستائر الثقيلة، كأنه يحاول اختراق جو المكان المتشبع بالصمت. كان "داميان" جالسًا على كرسيه الجلدي الكبير خلف مكتبه الضخم، عيناه مثبتتان على الشاشة أمامه، لكن ذهنه كان في مكان آخر. اعتاد داميان على التركيز بلا كلل؛ كان النجاح في كل شيء يسعى إليه أمرًا لا يترك مجالًا للأخطاء. ولكن الآن، كان هناك شيء آخر، شعور خافت بالضعف يجتاحه.

رفع يده ببطء، راقب ارتعاشة خفيفة في أصابعه. شيء بسيط، قد لا يلاحظه أي شخص آخر، ولكنه بالنسبة له كان إشارة لشيء أكبر.

دخلت صوفيا الغرفة، زوجته التي كانت تقف في العادة كداعم صلب بجانبه. اقتربت منه ببطء، لاحظت أن نظره كان ثابتًا، بعيدًا عنها وعن كل شيء في الغرفة.

"داميان؟" نادته بهدوء وهي تقف خلفه وتضع يدها برفق على كتفه.

لم يرد في البداية، لكنه شعر بيدها التي تسللت إلى وعيه كنوع من التذكير بوجوده في العالم الحقيقي. هز رأسه قليلًا، وكأن هذا يكفي لتأكيد أنه ما زال هنا، بجسد على الأقل، إن لم يكن بروحه.

"أنت بخير؟" سألت بقلق، لكن كلماتها كانت تحمل أكثر من مجرد تساؤل. كانت تعرف أن هناك شيئًا غير معتاد. كان زوجها دائمًا قويًا، رجلًا لا يشتكي، ولا يعترف بالضعف، ولكنه مؤخرًا بدا وكأنه يغرق في عالمه الخاص.

التفت إليها أخيرًا، عينيه مليئتين بتعب دفين. "أجل، بخير..." نطق بالكلمة ببطء، وكأنها خرجت منه على مضض. ثم سحب نفسه من الكرسي واقفًا بتردد. "أحتاج لبعض الهواء."

سار نحو النافذة، فتح الستائر، ونظر إلى الشارع الهادئ تحت ضوء الشفق. لم يكن ما يبحث عنه خارج النافذة، لكن النظر إلى الأفق كان يمنحه نوعًا من الهروب المؤقت من أفكاره المظلمة.

صوفيا بقيت واقفة في مكانها، تراقب ظهره. لم تكن تعرف كيف تبدأ الحديث عن ما كانت تشعر به. لقد تغير داميان في الأشهر الأخيرة، تغير بطريقة خفية لا يمكن وصفها بالكلمات. كان هناك شيء يختفي من داخله، شيء لم تفهمه بعد.

"هل أخبرتهم في المستشفى؟" سأل فجأة، دون أن يلتفت إليها.

تقدمت نحوه ببطء، مترددة قبل أن تجيب. "نعم، سيقومون بإجراء الفحوصات الأسبوع القادم. لكن... داميان، لا يمكننا الاستمرار في تأجيل الأمور. عليك أن تخبرني بما يحدث."

لم يتحدث لعدة لحظات. استمر في التحديق في الخارج، قبل أن يغمض عينيه للحظة طويلة. كان يعرف أن تلك اللحظة ستأتي، اللحظة التي عليه فيها أن يعترف بالحقيقة التي يحاول الهروب منها.

السيد داميان حيث تعيش القصص. اكتشف الآن