الفصل الثالث «2»: عودة الظلال
كان داميان يقود سيارته ببطء على الطريق الريفي الضيق الذي يقود إلى العنوان الغامض، وهو يشعر بأنفاسه تتسارع مع كل منعطف جديد. الطريق كان مهجورًا تقريبًا، تحيط به غابات كثيفة، أشجارها ممتدة إلى السماء كأنها تراقبه بصمت. الضوء الخافت للشمس المتوارية خلف السحب جعل المكان يبدو كأنه خرج من قصة قديمة، قصص مليئة بالأسرار والمآسي.
كان كل شيء حوله ساكنًا بشكل غريب. الهواء بارد، ومع ذلك لم يكن هناك أي حركة للرياح. الأشجار واقفة مثل تماثيل حجرية، وأوراقها ثابتة بشكل غير طبيعي. فقط صوت إطارات سيارته وهي تمضي على الطريق غير المعبّد كان يقطع ذلك الصمت الثقيل.
حين اقترب من العنوان، ظهرت أمامه فجأة بوابة حديدية قديمة متآكلة، جزء منها مغطى بالصدأ. توقّف داميان للحظة وهو يحدق في البوابة، وكأنها حاجز بين ماضيه وحاضره. أخذ نفسًا عميقًا ثم دفع الباب الذي أصدر صوتًا عالياً أزعج السكون المحيط به.
بعد أن عبر البوابة، قاد ببطء على ممر ترابي يتفرع بين أشجار الصنوبر العالية. البيت الذي كان يتوجه إليه بدأ يظهر تدريجيًا في الأفق، منزل قديم مهجور، بناؤه يرجع لعقود مضت. كانت النوافذ مغطاة بغبار السنين، والجدران قد تآكلت بفعل الزمن، لكن هيكله الصلب ما زال قائمًا، وكأن كل شيء حوله يتآكل إلا هو.
أوقف داميان سيارته أمام المنزل، وجلس للحظة قبل أن يترجل منها. كان هناك شيء ثقيل في الهواء، ليس الخوف، بل شعور غريب بالرهبة، كأن شيئًا غير مرئي يراقبه منذ أن وطئت قدماه هذه الأرض.
عندما دلف إلى المنزل، شعرت قدماه بصرير الأرضية الخشبية القديمة تحت وزنه، مما أضاف بعدًا آخر للصمت الذي يلف المكان. كان كل شيء في الداخل مظلمًا إلا من خيوط ضوء شمس خافتة تتسرب عبر الشقوق في الستائر المهترئة. الغرفة الكبيرة التي دخلها كانت فارغة تقريبًا، عدا بضع قطع أثاث قديمة متناثرة هنا وهناك، ومكتبة في الزاوية مليئة بالكتب المغبرة.
في وسط الغرفة، كانت تقف لورا، تمامًا كما كانت قبل سنوات. كانت ملامحها لم تتغير كثيرًا، إلا أن الزمن ترك بصماته الخفيفة على وجهها. كانت ترتدي معطفًا داكن اللون، وشعرها الطويل الأسود يتدلى بحرية على كتفيها. نظرت إليه بعينين جادتين، ولكن خلف تلك الجدية كان هناك شيء آخر، شيء من الحزن أو الندم.
"داميان،" قالت بصوت ناعم لكنه يحمل ثقلاً. "أنت هنا."
أخذ داميان لحظة ليرد. كانت الكلمات تخرج ببطء، وكأنها تقاوم الخروج. "لم أكن أتوقع أن أراك مرة أخرى، لورا."
ابتسمت ابتسامة باهتة، وقالت وهي تتقدم بضع خطوات نحوه: "ولا أنا. لكن كان عليّ أن أتواصل معك. هناك الكثير مما لا تعرفه، والكثير مما يجب أن أوضحه."
أنت تقرأ
السيد داميان
Romanceفي ركنٍ هادئ من غرفته، جلس الرجل المريض على سريره، جسده منهك من معارك طويلة مع المرض. كانت عيناه تعكسان تعباً عميقاً، لكن في داخله اشتعلت الذكريات، بعضها يلمع كضوء الشمس الدافئ، وبعضها يمر كالظلال الباردة. تذكر اللحظات التي كان يقف فيها بقوة إلى جان...