الفصل الخامس

25 13 0
                                    


في الليلة التالية، لم يستطع داميان النوم. كلما أغمض عينيه، كانت الأحاديث مع لورا تتردد في ذهنه كأنها شريط لا ينتهي. الكلمات عن والده، المنظمة، الأسرار القديمة، كلها كانت تثقل صدره وتشعل في داخله نار الفضول والخوف. قام من سريره بصمت، حيث كان القصر القديم يلفه ظلام دامس، واتجه نحو المكتب القديم في الطابق السفلي.

عندما وصل إلى المكتب، كان الجو باردًا، وأمكنه سماع صرير الرياح التي تعصف خارج الجدران المتهالكة. أضاء مصباح الطاولة، فتسلل ضوء خافت عبر أرجاء الغرفة، كاشفًا عن طبقات الغبار التي تراكمت على سطح المكتب منذ سنوات. بدأ داميان بفتح الأدراج ببطء، وكأن كل حركة يصدرها قد تثير أرواح الماضي التي ما زالت عالقة في هذا المكان.

كانت الأدراج مليئة بالأوراق القديمة، عقود، رسائل مهترئة، لكن شيئًا فيها كان يشير إلى أسرار مدفونة لم يُرَضَ عنها. فجأة، وبينما كان يتصفح رزمة من الأوراق الصفراء، وقع بصره على مغلف بني قديم عليه ختم لا يعرفه. بدا المغلف أثقل من الأوراق الأخرى، وكأن محتوياته تحمل سرًا كبيرًا.

فتح المغلف ببطء، وعيناه تنزلقان على الكلمات المكتوبة بخط يد قديم وأنيق. كانت رسالة موجهة لوالده، لكنها تحمل عنوانًا غامضًا. كتب فيها: "إلى الحارس، لا تنسَ أن العينين ما زالتا تراقبان، والظلال تعرف مكانك. احمِ المفتاح، فهو السبيل الوحيد لتجنب مصيرك ومصير ابنك."

قرأ داميان تلك الكلمات مرات عديدة، محاولًا أن يفهم معناها. كانت هناك إشارة إلى "المفتاح"، لكنه لم يكن يعرف ما الذي يعنيه هذا المفتاح، ولا لماذا كان والده يحميه. شعور غريب بالتوتر بدأ يتسلل إلى صدره، وكأن المكان بأكمله يحاول أن يخبره بشيء أكبر من قدرته على الاستيعاب.

بينما كان ينظر إلى الرسالة، سمع صوت خشخشة خفيفة في أرجاء الغرفة. رفع رأسه بسرعة، ناظراً إلى الزوايا المظلمة من المكتب. كان الصوت يتردد كهمس قادم من العدم. ظل صامتًا للحظة، ثم نهض بحذر، محاولاً تعقب مصدر الصوت. خطواته كانت بطيئة، وهو يتجه نحو الزاوية الخلفية للمكتب حيث كانت مجموعة من الكتب القديمة متراصة على الرفوف.

لكن فجأة، وبينما يقترب، توقفت الأصوات، وكأنها كانت تنتظره ليقترب ثم تختفي. وقف داميان في مكانه، يتنفس ببطء، محاولاً تهدئة نبضات قلبه المتسارعة. أدرك أنه مهما كان ما يحدث، فإن هذا المكان يحتفظ بأسرار أكثر مما كان يتخيل.

عاد إلى الطاولة، عازمًا على مواصلة البحث. وبينما كان يتفحص بقية الأوراق، وجد مخططًا قديمًا للقصر، لكنه لم يكن مثل أي مخطط آخر رآه. كانت هناك علامات وخطوط تشير إلى مناطق مخفية في البناء، ممرات سرية وغرف لم يكن يعرف بوجودها من قبل.

أخذ المخطط بين يديه، وشعر بأن الفضول يشتعل بداخله. كانت هناك غرفة مميزة على الخريطة، تقع أسفل المكتبة، في مكان يبدو أنه غير قابل للوصول بسهولة. "ماذا أخفى والدي في هذه الغرفة؟" همس لنفسه، وكأن الكلمات تحمل معها وزن القرارات التي يجب أن يتخذها.

السيد داميان حيث تعيش القصص. اكتشف الآن