الفصل الرابع

24 13 0
                                    

داميان شعر بالثقل يجثم على صدره، وكأن الأجواء المحيطة به في الغرفة القديمة أصبحت تضيق شيئًا فشيئًا. كان يدرك أن هناك الكثير مما لا يزال مخفيًا، وأن كل كلمة نطقت بها لورا لم تكن سوى قمة جبل الجليد، في عالم مظلم يخفي أسرارًا أكثر مما يمكن لعقله استيعابه. لكن فكرة واحدة كانت تدور في ذهنه بإلحاح: لماذا لم يخبره والده بكل هذا؟ لماذا تركه يعيش في ظلال جهله كل تلك السنوات؟

نهض ببطء من كرسيه، مشدودًا بشعور من التوتر الذي يتدفق في عروقه. بدأ يتحرك في أرجاء الغرفة، خطواته تصدر صوتًا خافتًا على الأرضية الخشبية المتآكلة. توجه نحو النافذة المغبرة، وألقى نظرة على الخارج، حيث الغابة الكثيفة تحيط بالمنزل من كل جانب. كان يشعر وكأن الأشجار التي تراقبه من بعيد تحمل معها نفس الأسرار القديمة، كأنها جزء من الحكاية التي لم تُروَ بعد.

"لورا،" قال بصوت منخفض، لكنه حمل معه الكثير من الحدة. "إذا كانوا يعلمون من أكون، وإذا كنت أنا بالفعل في خطر، فلماذا لم يظهروا بعد؟ لماذا ينتظرون؟"

لورا لم ترد على الفور. كانت تراقب داميان وهو يحاول أن يجد تفسيرًا لما يحدث حوله، وكأنها تعلم أن هذه الأسئلة هي جزء من الرحلة التي يجب عليه أن يمر بها. بعد لحظة طويلة من الصمت، قالت ببطء: "لأنهم لا يهاجمون أبدًا إلا عندما يكونون متأكدين من أنك لن تتمكن من المقاومة. إنهم يدرسونك، يراقبون كل خطوة تقوم بها، تمامًا كما كانوا يفعلون مع والدك. لكنهم يعلمون الآن أنك تعرف جزءًا من الحقيقة، وهذا قد يغير الأمور."

داميان استدار نحوها بعينيه المتسعتين، وكأن صدمة الكلمات بدأت تأخذ حيزًا أكبر في عقله. "هل تعنين أنهم كانوا يراقبونني طوال هذه السنوات؟ أنهم كانوا يعرفون كل شيء عن حياتي؟"

أومأت لورا برأسها ببطء، وكان الحزن واضحًا على وجهها. "نعم، لكنهم لم يتدخلوا لأنهم كانوا يعلمون أنك لم تكن تشكل تهديدًا لهم. والدك كان يحاول دائمًا إبقاءك بعيدًا عن الأنظار، حتى لا تثير انتباههم. لكنه فشل في النهاية، وعندما رحل، أصبحت أنت هدفهم الجديد."

جلس داميان مجددًا، وكأنه شعر بثقل كبير على كتفيه. الكلمات كانت تتسرب إلى عقله ببطء، كأنها تتشابك مع ذكرياته القديمة، مع لحظات طفولته التي لم يفهمها أبدًا، مع نظرات والده القاسية وصمته الذي كان يحمل دائمًا أسرارًا لا تُفصح. "لماذا؟ لماذا يهمهم أمري إلى هذا الحد؟ أنا مجرد شخص عادي، لا أملك شيئًا يثير اهتمامهم."

تنهدت لورا بصوت منخفض، وكأنها كانت تعلم أن هذا السؤال سيأتي لا محالة. "لأنك لست مجرد شخص عادي، داميان. أنت ابن الرجل الذي كان يحمل أسرارهم، أنت الشخص الوحيد الذي يمكن أن يعرف كيف يعملون وكيف يمكن مواجهتهم. قد تكون أنت المفتاح لإنهاء كل هذا... أو لإحيائه من جديد."

تسللت الرياح إلى الغرفة عبر الشقوق في الجدران، حاملة معها صوت الأوراق المتساقطة في الخارج. داميان شعر بالبرد يتسلل إلى عظامه، لكنه لم يكن يعرف ما إذا كان ذلك بسبب الطقس البارد أم بسبب الشعور الذي يجتاحه الآن. "لكنني لا أريد أن أكون جزءًا من هذا. لا أريد أن أكون مفتاحًا لأي شيء. أريد فقط أن أعيش حياة طبيعية، أن أكون بعيدًا عن كل هذا الجنون."

السيد داميان حيث تعيش القصص. اكتشف الآن