15_ صَبوَة أزلِيَّة

219 24 164
                                    

لأنَّ الجنة بعينيكِ لا تُغادري مَن بنعيمِك
لا تترُكيه لأمرِ الجحيمِ بعدكِ

..............

أشرَقت شمسُ الصَّباح الملتهبة على هذه الأراضي و إحتَضنتها الغُيوم ترتوِي من أشِعتها بألفَة لكِن بهذه الأراضِي بالضبط لَم تتواجَد شمسٌ واحدَة بل شمسان ، شمسٌ عُلا غيوم قُبة السَّماء و شمسٌ عُلا تُراب الأرض ، شمسُ عالم واحد و شمسُ عوالِم هي عوالم سيِّد النبل و حصل أنه مُحتضن أقمارها التي ترافقُها حتى في صباحٍ مُشمس كهذا

و كعطشانٍ لماءِ دمُوعِ غُيومِ سماءٍ ناىٔحة نظرت عيون الزَّبرجد إلى عُشبِ أرضِها و غُيوم سماءِها فكان الزَّبرجد بينَ سماءِه و أرضِه ، كيف للوطنِ أن يكُون موطِنه حجرَي زبرجد ؟ كيف لهذه المَواطِن أن تستوطِن المواطِن ؟

كانت طرقَة مِسمارِ كعبٍ حادِّ الوقعِ هي ما كسرت صفو المَكان و كانت تُقابلها لمساتُ أيدٍ حنُونَة الأثرِ على بشرة وَجنتي ذاتِ كعبِ المِسمار الحاد

أيادٍ حنونة ، أعيُن تفيضُ عطفاً و حُبًّا و شوقاً جمًّا ، كما لو أنَّ ذات الكعبِ الحاد غابت على من تتلمَّسُها بشوقٍ لقرنين من الزمن بينما هذا الشَّوق ناتجٌ عن ما لا يتجاوز ثلاثة أيَّام ، نراها رقمُ الثلاثة و تراها آستا أربعة آلاف و ثلاثُ ماىٔة و عِشرون

تلمَّست خدَّيها تتفحص وجهها و معالمها و هي تُزيح خُصلاً فحمية تمرَّدت من بين خُصلات كثيفة نعَمت بحُريتها حول وجهِ مُروِّضة الأفاعي التي تغدُوا هُلاماً بين أيدِي مرأة عُيون العُشب النَّاظر و ذاب الهُلام بين أحضانٍ مُذيبة هي أحضان مرأة الطَّبيعة و خُيوط الذَّهب الَّتي عُكس عليها شُعاع شمسِ الصَّباح المُلتهبة

شدَّت بيديها العارية على حُضن أمها أكثر مستنشقة لعطر مسكِ الرُّمان الحُلو عند نبضِها بلهفة كأنها غريقٌ يستنشق هواء بعد غرقٍ  عسِير و كان غرقُها هو البُعد عن نبضٍ يبعث براىٔحة مِسك الرُّمان الحُلو

فصلت العِناق بأعيُنٍ دامعة و هي تتفحَّصها بإهتِمامٍ لفت نظر عُيونٍ رصاصية الحدة

" أنتِ بخير صحِيح ؟ "

هي لا تعلم شيىٔاً عن الهُجوم لأن أوريانا أصرت على عدم إخبارها كي لا تتوثَّر لكِن شوقُ و لهفة سيِّدة الحُسن كانت تقول أنها متوثرة بالفعل ، أمٌّ مُرهفة المشاعِر زاخرة بحس الأُمومة

" أنا بخير أُمِّي ، إهدىٔي "

تمتمت مروضة الأفاعي تمسح على خيوط الذهب المُرتبة و هي تغوص في عمق مُقلتي والدتها بعُيون الياقوتِ الهجين الآسِر

" إشتقتُ لكِ "

رأى كيف إنسابت دمعَة السيدة آستا و رأى كيف مُسحت تلك الدَّمعة إثر لمسة رهيفَة و حنونَة مع تمتماتٍ لم يسمعها أحدٌ في مدخل قصرِ الدِّيلريكُوا تبعاً لخُفوتها المقصود

قناع الملاىٔكة حيث تعيش القصص. اكتشف الآن