البارت الخامس 💚

64 5 2
                                    




---

بعد أن الاجتماع المتوتر و اتخاذها القرار بالمغادرة مع ليو عند الفجر، عادت ليلى إلى المنزل وهي تشعر بعبء القرار الذي اتخذته. دخلت المنزل ببطء، مترددة في كيفية إخبار والدتها ، دون الكشف عن الحقيقة التي قد تثير فزع والدتها مع انها تشك ان والدتها قد تفزع من اجلها

تقدمت إلى والدتها، التي كانت تجلس أمام التلفاز بنظرة شاردة، وكأنها لا تهتم بمن حولها.

ليلى (بصوت خافت): "أمي... قررت الانتقال للعيش مع صديقتي لفترة. أحتاج لبعض الوقت لأفكر في حياتي وأعيد ترتيبها."

رفعت والدتها رأسها بملامح تبدو فرحة بعض الشئ، تفاجأت ليلى عندما لم يظهر على وجهها أي تعبير بالاستغراب أو الحزن.

الأم (ببرود): "جيد. أخيرًا قررت أن تفعلي شيئًا مفيدًا بحياتك."

صُدمت ليلى برد والدتها، تملكها شعور بالخيبة والغضب الذي طالما كانت تكبته في قلبها.

ليلى (بصوت مرتجف، عيناها تغمرهما الدموع): "أمي، ألم تهتمي حتى برحيلي؟ طوال عمري وأنا أحاول لفت انتباهك، أشعر وكأنني أعيش في ظلكِ وكأنني مجرد عائق. هل أنتِ حقًا سعيدة بأن أغادر هكذا؟"

نظرت الأم إليها بازدراء، وكأن حديث ليلى لا يؤثر فيها.

الأم (بصوت قاسٍ): "ما الذي كنتِ تتوقعينه؟ أن أبكي لفراقك؟ ليلى، أنتِ السبب في كل مشاكلي مع زوجي، في كل صراعٍ أعيشه في حياتي. وجودك فقط يجعل الأمور أكثر تعقيدًا."

انفجرت ليلى بالبكاء، لم تستطع كبح مشاعرها. شعرت وكأن كل جرح قديم يُفتح أمام كلمات والدتها.

ليلى (و هي تصرخ، تخاطب والدتها): "أنتِ السبب في كل هذا! حياتي كانت صعبة، وأنا أحاول عبثًا أن أجد حضنًا يحميني، أن أشعر أنكِ بجانبي.؟ لماذا لم تكوني لي عونًا؟"

لم تستجب الأم، بل نهضت من مكانها وأشاحت بيدها في وجه ليلى، كأنها تطردها.

الأم (ببرودٍ واستخفاف): "لا أريد رؤيتك هنا بحلول الصباح. غادري كما تشائين، لكن لا تعودي إلى هذا المنزل أبدًا."

شعرت ليلى بانكسار كبير، وكأن كل جدار داخلها قد تهدم. رفعت يدها تمسح دموعها التي لم تتوقف، واستغفرت ربها، محاولة التماسك وهي تتجه إلى غرفتها.

---

دخلت ليلى غرفتها، وجلست على السرير، تسترجع كلمات والدتها التي انغرزت في أعماق قلبها، تلك الكلمات التي أكدت لها إحساسها العميق بالوحدة. لكنها قررت أن تتوجه إلى ربها، وتطلب منه السكينة والراحة.

ليلى (تتمتم بدعاء بصوت متهدج): "اللهم لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين. يا رب، إن قلبي لا يحتمل، أسألك أن تهدأ روحي، وتمنحني القوة لأكمل الطريق."

بعد أن هدأ قلبها قليلاً، توضأت وأدّت صلاة الفجر، تدعو الله أن يمدها بالسكينة في هذا الطريق الصعب الذي اختارته. ثم جمعت أشياءها الضرورية في حقيبة صغيرة

في الفجر، خرجت ليلى من المنزل، وقد شعرت وكأنها تترك خلفها جزءًا من حياتها التي لم تعد ترغب بالعودة إليها. وعندما وصلت إلى المكان المتفق عليه، وجدت ليو ينتظرها في السيارة. توجهت نحو الباب الخلفي وركبت، مما أثار دهشته قليلا و لكن لم يتكلم

و قرر ألا يضغط عليها، فالوضع كان صعبًا بما فيه الكفاية. وانطلق بالسيارة، حيث خيّم الصمت لكن ليو قطع الصمت بعدما لاحظ نظراتها الشاردة والخائفة.

ليو (بهدوء): "أعلم أن هذا ليس سهلًا عليك. و ليس هناك طريق آمن، لكني وعدتكِ ولن أخلف وعدي.كوني متأكدة من ذلك"

نظرت ليلى نحوه عبر المرآة، وكأن كلماته تلك قد خففت من قلقها قليلاً.

ليلى (بصوت خافت يكاد ان يسمع): "أشكرك... لكن من الصعب ان اشعر بالاطمئان"

أومأ ليو برأسه ولم يرد بعدها، وأكمل القيادة بصمت، فيما تبادلت أعينهما نظراتٍ متقطعة عبر مرآة السيارة، وكأنهما يحاولان فهم بعضهما بعضًا في تلك اللحظات المليئة بالتوتر.

---

بعد ساعات من القيادة، توقف ليو في منطقة نائية، وسط غابة مليئة بالأشجار، حيث كانت رائحة الأزهار البرية تعبق في الهواء، ممزوجة برائحة التراب المبلل. نزل من السيارة وألقى نظرة على الأفق، ثم التفت نحو ليلى التي نزلت بحذر.

ليلى (تنظر حولها بفضول وقلق): "لماذا توقفنا هنا؟ هل وصلنا؟"

ليو (بهدوء): "نعم، هنا ستقيمين لبعض الوقت. هذا مكان آمن، بعيد عن الأنظار. يمكنكِ أن تستريحي هنا حتى يتم تأمين خطة خروجك من البلاد."

سار ليو أمامها، وبدأت هي تتبعه مترددة، وقد تملكتها بعض المخاوف.
بعد بضع دقائق من المشي، وصلا إلى منزل خشبي صغير محاط بالأشجار. فتح لها الباب وأشار لها بالدخول.

ليلى (بنبرة حذرة): "هل هذا المكان آمن؟"

ليو (يومئ برأسه): "آمن تمامًا."
و اكمل: " يوجد هنا كل ما تحتاجين إليه، طعام، ماء، وحتى هاتف أرضي. إذا احتجتِ لأي شيء، اتصلي بي على الرقم الموجود بجانبه."

لاحظت ليلى تردد ليو في النظر إلى المنزل، وكأن شيئًا يربطه بذكريات ثقيلة، لكنها لم تطرح الأسئلة، فقط شكرته بامتنان.

ليلى (بصوت هادئ): "شكرًا لك، أقدر مساعدتك.حقا"

ابتسم ليو ابتسامة صغيرة دون ان يرد
، وأدار ظهره للمغادرة، لكن قبل أن يرحل، نظر إليها مرة أخيرة.

ليو (بنبرة جادة): "سأطمئن عليكِ يوميًا. تذكري أنكِ لست وحدك."

رحل ليو، تاركًا ليلى في منزلٍ غريب عنها، لكن قلبها كان يشعر ببصيص من الأمان.

.

مـــــــابــيـن الـرصــاص و الـصـلـــوات  Between bullets and prayers حيث تعيش القصص. اكتشف الآن