رواية إرث الحب والآلم.
الفصل السابع عشر.
زينب سعيد القاضي.
❈-❈-❈
"حينما تحسن الإختيار فأعلم أنك قد فزت في معركة الحياة ، فبيدك أنت تختار من سيكون خير عون وسند لك ، لا غيرك ، فكن علي يقين إنك وحدك من سيتحمل نتيجة إختيارك "قاسم نور الدين ♥️ أسما
كان يجلس أحمد بملل ويحدق من حين لآخر بوالديه حتي زفر بحنق وتسأل:
-هتفضلوا ساكتين كده كتير ؟
تطلعت والدته له بحيرة وقالت:
-الي أنت بتقوله دي يا أحمد مش هينفع بقي أحنا إلي نجيب البنت دي تقعد وسطنا ؟ أنت بتهزر صح أدخل دي بيتي أنا ؟
رمقها بنفاذ صبر وقال:
-ماما دي مرات إبنك وأم حفيدك خلاص مفيش مجال للرفض.
ألتفت إلي والده الصامت واستطرد قائلاً:
-أيه يا بابا ؟ حضرتك قولت أيه هتفضل ساكت كده ؟ حضرتك عندك رأي تاني ؟
تنهد بسأم وقال:
-حتي لو بنكرها ورفضنها ده إبننا أحنا ولازم يتربي وسطنا وعلي إيدنا.
أتسعت إبتسامة أحمد ما أن أوصل والده إلي ما يريده بذكاء:
-صح جداً وده إلي أنا عاوز أوصله ليكم .
صاح والده محذراً:
-بس خد بالك ده مش هيحصل غير لما أخوك يجبها ويجي ويعتذر لينا كمان .
قلب عينيه بضجر وقال:
-حاضر يا بابا بس ياريت مش زي كل مرة يجوا يعتذروا يمشوا قفاهم يقمر عيش.
شهقت والدته بعدم إستيعاب وتسألت:
-يقمر عيش جبت الجملة دي منين يا ولد ؟
ألتفت إلي زوجها وهتفت بإستياء:
-سامع أهي من قبل ما تيجي تعيش معانا وابنك لسانه اتعوج.
إبتسم ساخراً ورفع حاجبه بإستهجان وقال:
-ماما حبيبتي أنا عندي ٣٢ سنة يعني مش عيل صغير يلا كده اتفقنا خلاص ؟
نظر والديه إلي بعضهم البعض ورد والده:
-اتفقنا.
نهض أحمد مستئذناً وقال:
-طيب يلا هقوم أنا بعد اذنكم.
غادر أحمد وألتفت إلي زوجها وهتفت بإمتعاض:
-أنا مش عارفة أحنا هنتعامل مع المخلوقة دي إزاي أصلا !
ارتسمت ابتسامة عريضة علي وجه زوجها الذي تحدث بثقة:
-ده هيبقي في صالحنا أنها تبقي هنا وسطنا وقتها بقي نقدر نخليها هي نفسها إلي تبعد عننا والعيل يمكن الحمل ميكملش ويبقي خلصنا منه ولو ربنا أراد أهو إبننا وأحنا نربيه بمعرفتنا.
❈-❈-❈
وقف بسيارته أمام العقار الذي يقطن به شقيقه الأصغر نظر في ساعته وجدها تخطت الرابعة عصراً فمن المؤكد أنه عاد من عمله صف سيارته جانبا وهبط من السيارة وهو يغلق أزرار بدلته واتجه إلي داخل العقار الذي توصل إليه من إحدي رجاله الذي كلفه بمعرفة أخبار شقيقه أثناء سفره.
أستقل المصعد الكهربائي وضغط علي الأزرار توقف المصعد في الطابق المنشود خرج من واتجه إلي الشقة المقصودة وتوقف أمامه ضغط علي زر الجرس وتراجع إلي الخلف عدة خطوات.
بينما في الداخل كانت قد إنتهت من تحضير الغداء وجلست تستريح أمام التلفاز ريثما يعود زوجها لكن تفاجأت بجرس الباب قطبت جبينها بحيرة فمن يأتي إليهم من الأساس نهضت سريعاً واتجهت إلي غرفة النوم ارتدت إسدالها ولفت حجابها بإحكام وإتجهت إلي الباب وفتحته وجدت رجلاً غريب لا تعرفه غضت بصرها سريعاً ونظرت أرضاً وتسألت بخفوت:
-أفندم حضرتك عايز مين ؟
رد بهدوء:
-عايز قاسم.
ضغطت على شفتيها بخجل وعيناها مازالت مثبتة أرضاً وقالت:
-بس قاسم مش هنا لسه في شغله.
قطب جبينه بحيرة وتسأل:
-طيب هيرجع إمتي ؟
ردت بارتباك متسائلة:
-هو حضرتك مين ؟
آخذ نفس عميق وتحدث بنبرة متزنة:
-أنا أحمد أخوه.
رفعت رأسها أخيراً في نظرة خاطفة له لتفاجئ من الشبه الكبير بينه وبين زوجها لكن غضت بصرها سريعاً وقالت:
-هو ده معاده هيجي دلوقتي.
كان سيغادر وينتظره بالأسفل لكن راودته فكرة ماكرة كي يتأكد أن كانت فتاة لعوب وتتظاهر بالبراءة أم أنها كذلك بالفعل:
-طيب ينفع أدخل أستناه جوه ؟
بهت وجهها وردت بإرتباك وهي تتنحي جانباً تشير له بالدخول:
-أتفضل حضرتك.
امتعض وجهه ولكن تفاجئ بها تخرج خارج الشقة وتتحدث بخفوت:
-أنا هقعد بره علي السلم حضرتك تقدر تتفضل ده بيت أخوك.
إبتسم لا إرادياً وقال:
-خليكي في شقتك هنزل أستناه في العربية بعد إذنك.
غادر سريعاً دون أن يعطيها فرصة إلي الرد بينما هي عادت أدراجها وأغلقت الباب برفق.
❈-❈-❈
اتجه إلي المصعد وضغط علي الزر في انتظار أن يأتي وصل المصعد وفتح الباب وخرج منه قاسم الذي تفاجئ بشقيق الأكبر خرج من المصعد سريعاً وتسأل بقلق:
-أحمد أنت بتعمل أيه هنا ؟ بابا وماما كويسين ؟
إبتسم أحمد مربتا علي ظهره برفق وقال:
-أطمئن بابا وماما بخير أنا جاي ليك أنت.
قطب الآخر جبينه بعدم فهم وتسأل:
-ليا أنا خير ؟ وعرفت عنواني منين ؟
رمقه أحمد معاتبا وعقب:
-هنتكلم علي السلم ؟
ضرب قاسم جبينه بخفة وقال:
-أسف اسف حقك عليا أتفضل معايا.
تحرك صوب شقته وضغط علي الزر رفض أن يفتح بمفتاحه كي ينبه زوجته لا يعلم أن شقيقه قد رن الجرس سابقا.
فتح باب الشقة وقابله وجه زوجته البشوش وهي بكامل إحتشامها ابتسم برضا وقبل جبينها بحنان وقال:
-معايا ضيف.
ردت بعفوية:
-أيوة أخوك هو جه سأل عنك ونزل يستناك تحت.
إبتسم بهدوء وتحرك إلي الداخل وزوجته بأحضانه وأشار إلى شقيقه بالدخول:
-أتفضل يا أحمد نورت بيت أخوك.
إبتسم أحمد ودلف إلي الداخل واتجه إلي أقرب مقعد وجلس فوقه.
أغلق الباب وهمس إلي زوجته برفق:
-حبيبي ممكن فنجانين قهوة من إيدك؟
ردت بهمس مماثل:
-بس ده وقت غداء وده أخوك عيب نقدم له قهوة في آول زيارة الغداء جاهز أنا هحطه علي السفرة.
طالعها بتردد وتسأل بصوت خافت:
-طيب في أكل بزيادة ؟
ابتسمت بخفة وعقبت:
-سيبها علي الله بعد إذنك.
غادرت أسفل نظرات زوجها العاشقة الذي ظل يتأملها لثوان وبعدها اتجه إلي شقيقه وجلس جواره.
تحدث أحمد معتذراً:
-أسف أني جيت من غير ميعاد كنت فاكرك رجعت من الشغل .
أومأ بتفهم وقال:
-أنا فعلاً برجع في الوقت ده بس النهاردة أتاخرت في الموصلات خير يا أحمد شكلك عايز تقول حاجة ؟
أخذ نفس عميق وسرد له الحديث الذي دار بينه وبين والديه.
ظل صامتا يستمع إلي حديث شقيقه كاملاً إلي أن قال:
-أحمد أنا مراتي حامل وأنت عارف بابا وماما وأنت شوفت بنفسك إلي حصل.
ربت أحمد علي فخذه بحنان وقال:
-أطمئن يا قاسم أنا اتكلمت معاهم وده حفيدهم حتي لو بيكرهوا أمه مش هيكرهوه أكيد قاسم دي فرصة كويسة علي فكرة هتصلح علاقتك مع أهلك هترجع لشغلك وحياتك واطمئن أنا رجعت وهفضل جنبك.
قطع حديثهم صوتها الخافت وهي تقول:
-الغداء جاهز .
نهض أحمد مستئذناً وقال:
-طيب فكر براحتك ورد عليا أستأذن أنا.
انتفض قاسم علي الفور وتحدث معاتباً:
-تمشي تروح فين الغداء جاهز يلا.
رد بإحراج:
-لأ ألف هنا مرة تانية بإذن الله أنا جيت من غير ميعاد وأكيد مش عاملين حسابكم.
ردت بخجل:
-خير ربنا كتير أتفضل.
أكد قاسم علي حديثها:
-يلا بقي متزعلنيش منك بقي.
تنهد بسأم وتحرك معه إلي السفرة الصغيرة وجلس على المقعد وجلس جواره أحمد بينما أستاذنت أسما منهم لكنه اعترض بذوق:
-لأ طبعاً أتفضلي كلي معانا أنا أخوكي الكبير زيك زي قاسم أحنا ملناش أخت بنت وأنتِ هتبقي أختي.
ابتسمت بإمتنان وقالت:
-شكرا لحضرتك.
تحدث زوجها برفق:
-اقعدي يلا.
جلست جوار زوجها بخجل وهي تطلع إلي الطعام المكون من صينية من المكرونة البشاميل وطبق سلطة كبير وطبق آخر به قطع من البانيه وثلاثة كأسات من عصير المانجو بخجل شديد:
-حاجة بسيطة مش قد المقام.
مد يده وآخذ قطعة المكرونة في طبقه وقطعة من البانيه وملعقتين من السلطة وتحدث مبتسماً:
-بالعكس ده أكلتي المفضلة.
تذوق الطعام بنهم وقال:
-تسلم إيدك.
إبتسم قاسم لشقيقه وبدأ يتناول طعامه وهو يحس زوجته أن تتناول طعامها هي الاخري.
بعد عدة دقائق نهض أحمد وهو يقول:
-تسلم إيدك.
عاتبه قاسم قائلاً:
-كمل أكلك يا حبيبي.
ابتسم أحمد ووضع يده علي معدته وهو يقول:
-لأ يا حبيبي الحمد لله شبعت الف هنا الحمام منين ؟
أشار له قاسم علي مكانه وتحرك لغسل يده.
بعد فترة كان يجلس مع قاسم يحتسون الشاي وهو يحاول إقناعه وبعدها إستئذن حتي يطرق المجال لشقيقه كي يفكر علي راحته.
❈-❈-❈
سردت إلي شقيقها ما فعلته تلك الشمطاء معها وسرعان ما إنفجر شقيقها ضاحكاً.
رمقته شذرا وتسألت:
-ممكن أفهم حضرتك بتضحك علي أيه ؟ تصدق أن غلطانة أني حكيت ليك حاجة.
توقف عن الضحك وتحدث بجدية:
-أصل بصراحة مصدوم أن دي تعمل معاكي كده أنا قولت أنتي هتدبحي ليهم القطة من آول يوم.
عضت علي شفتيها بغيظ وقالت:
-مكنتش متخيلة تطلع كده دي حيزبونة.
تحدث لؤي بنبرة يشوبها الدهاء:
-علي فكرة الست دي نقطة ضعفها عيالها أضعطي عليه من ناحية أسر هتلين معاكي.
قطبت جبينها بحيرة وتسألت:
-أزاي؟
إبتسم ساخراً وعقب:
-لأ عيب عليكي الصراحة يا نيڤوا بزمتك أنا إلي هقولك تعملي أيه ؟
نهضت نيڤين وهي تتحرك ذهاباً وإياباً بتفكير وسرعان ما تتسع إبتسامتها.
❈-❈-❈
بينما في الأسفل هتفت عليا بإستياء: -وده أيه إلي جابه بدري ده ؟
إبتسمت أسيل ساخرة وعقبت:
-كبري يا ماما بقي بزمتك بردوا دول هيفهموا في الأصول بردوا ؟
تنهدت عليا بضيق وقالت:
-علي رأيك قومي صحي أبوكي وأنتوا حضروا السفرة واطلعوا فوق كلوا براحتكم.
أومأت بموافقة:
-حاضر.
بعد ساعة جلسوا يتناولوا الطعام بصمت تام مر بضيق كبير علي عليا أخيراً أخيراً وما زاد ضيقها مكوث لؤي معهم حتي منتصف الليل لكنها لم تستطع التفوه بكلمة فهو ضيف في بيتها.
أنت تقرأ
إرث الحب والآلم
Mystery / Thrillerعندما يتحكم المال في النفوس يجعلها تتغير ، فما بالك إذا أتحدت حواء والمال سويا ، فتجعل من العادل ظالم ، ومن الصالح فاسد ، وعندما يتدخلوا بين الأخوة فهل سيظلوا أخوة أم سيكون للقدر رأي آخر ، هل بعد سكب الحليب وسيل الدماء ، ومفارقتنا الأحباب ، هل سيظل...