الفصل الثاني عشر (أنفاس بين الحطام)

293 39 46
                                    

"الفصل الثاني عشر"
"رواية جريمة شقة ١٣"
"أنفاس بين الحطام"
______________________

المشاعر هي مزيج يصعب فهمه، فهي دائمًا كانت لغزًا يصعب فك رموزه.
كيف يمكن للقلب أن يحمل الحب والكراهية في آن واحد؟ الصفح والضغينة، الحزن والفرح.
كيف يتسنى للإنسان أن يضحك ويبكي في نفس اللحظة؟ كيف يمكن للبشر أن يحملوا المشاعر ونقيضها معًا؟ أليس هذا يثير التعجب برأيك؟
ألم تفكر يومًا كيف لك أن تحمل كل تلك المشاعر في وقت واحد؟ هل سبق لك أن تساءلت لما يختلف البشر عن غيرهم من الكائنات؟
عجيب! إبداع الخالق بنا كبشر مثير للدهشة.

ألم يثر فيك يومًا، بين كل تلك المشاعر المتناقضة، شعور وكأنك بين الحطام؟ كأنك مجرد بقايا كسور من شيء كان مكتملاً ذات يوم، كأنك قطع متناثرة من زجاج مكسور لا تعرف أين بدايتك وأين نهايتك.
ينكسر العالم من حولك قطعةً قطعة، ومع مرور الأيام تتراكم عليك الذكريات كما تتراكم الأنقاض، وتظل أنفاسك محبوسة بين الركام.

وبينما أنت تقف، تلتقط أنفاسك بين الحطام الذي لطالما كنت أنت من شيده بيديك، غير مدرك لما فعلت؛ تدرك أن الحياة لغز غير مضمون، قد تسعدك في لحظة، وفي لحظة أخرى قد تنقلب ضدك، فتجد نفسك مجرد أنفاس تكافح للخروج من بين حطامها.

إذًا، ما الذي يجعلك مميزًا عن سائر الفصائل؟ ما الذي يجعلك قادرًا على التنفس تحت الركام؟ هل هو شعور الأمل الذي يبزغ في القلوب، فينقض على الحطام، ليعيدها من جديد من بين أطلالها إلى سيرتها الأولى، فيجعل الأنفاس قادرة على شق طريقها وسط الركام؟ أم أن الأمر يختلف؟

لربما اليوم نحن بين الركام، وصلنا إلى أنقاض الجريمة لنرى هالات بين الحطام، تروي لنا كيف بدأ الحطام وانتهى، وكيف من بينه خرج الضحايا.
______________________

"دقت ساعة الصفر"
"مقتطفات من الجريمة"

(الضحية الخامسة: "شادي")

كان جسده مسجًى على أرضية الشقة، ملتصقًا بالبلاط الذي شعرت أطرافه أنه بارد رغم الجو الحارق في ذروة أغسطس؛ ربما كان ذلك انعكاسًا لحالة الوهن التي غرق فيها..
ثيابه المبتلة بمزيج من العرق والدماء التصقت بجسده كأنها عبء إضافي يُثقل حركته..، نصفه العلوي بالكاد متكئ على الجدار خلفه، عينيه مغمضتان، وأفكاره تسبح في عالم آخر بعيد عن كل الضجيج المحيط.
في داخله، كان يحاول الانسحاب من الواقع القاسي إلى دوامة أوهام من أحلام مبعثرة وذكريات مشوشة؛ لكنه لم يُمهَل طويلًا؛ ركلة عنيفة ارتطمت بجانبه، جعلت جسده يتأرجح قليلًا وهو يتشبث بوعيه المنفلت... فتح عينيه ببطء، رؤيته مضببة بالكاد تمكنه من تمييز الشخص الذي يقف أمامه؛ وسط هذا الضباب الذي يلف عقله، وصل إلى أذنه صوت خشن مليء بالغضب، يكرر الركلة مجددًا:
ــ فوق يا ابن الـ****.

لقد وصلت إلى نهاية الفصول المنشورة.

⏰ آخر تحديث: Jan 04 ⏰

أضِف هذه القصة لمكتبتك كي يصلك إشعار عن فصولها الجديدة!

جريمة شقة ١٣حيث تعيش القصص. اكتشف الآن