الشُّعلةُ السَّابِعة:الطّائِرُ الأزرَق

146 8 12
                                    

رجلٌ وما استسلمْتُ قَبْلُ لفارسٍ
مالي أمامَ عُيونِها مستسلِمُ !

_امرؤ القيس
.
.
.
.
.
.
.
.
.

فجرٌ جديدٌ ها هُنا، وَقُلوبٌ تنضَحَ مشاعِرَ جَديدَةً لا تُرى.

أنّى لَنا أن نكونَ سُعَداء؟
دومًا؟
حتّى المَمات؟

طفولةٌ وريعانُ شباب، وَمَشيبٌ نَقضيهِ كُلُّهُ بِهَناء؟

بينَ أولادٍ وأحفاد؟

والأهمُّ مِن ذَلِك...
معًا؟

بينَ طيّاتِ أيّامٍ طِوال، نقضي نِصفَها بِهَناء، والنِّصفُ الآخَرُ بِشَقاء...

ثُمَّ ماذا؟
ثُمَّ أدرَكَ هذا المِسكينُ أنَّ حياتَهُ في الأصلِ ابتِلاء!

القَلَمَ كانَ هُنا سِلاحي في معركةِ الحَياة، والحِبرُ كانَ لِسانًا لي حينَ لا يَفقَهُ لِساني كَلام...

وأيُّ لسانٍ يا حِبرَ أوراقي؟
لسانٌ إمّا سَيُضيعُني في عالمِ النّسيان...
أو لسانًا يُخلِّدُ اسمي بينَ الأنام!

في يومٍ ماطرٍ مِن أيّامِ شهرِ مارس، شهرُ البُرودةِ والنّقاء...

فَرّقت هيلينا أهدابَها تنظُرُ إلى السَّقفِ فوقَها بِنصفِ وعي، وأُذُناها تُنصِتانِ إلى صُراخِ الأمطارِ مُعانِقَةً أرضَ قصرِ عائِلةِ فاليريا في الخارِج...

جَلَست مُسندةً ذِراعًا عَلى الأريكةِ التي تنامُ عليها مُنذُ ثلاثِ ليالٍ لأنَّ زوجَها يَحتَلُّ مساحةً لَهُ من أحدِ جانِبِيّ السّرير، وهي بدورِها ترفُضُ تمامًا إشغالَ المساحةِ الفارِغَةِ التي تُجاوِرُه، بالرُّغم من أنَّ ظَهرَها باتَ يُؤلِمُها بالفِعلِ وباتَت تَشعُرُ بِشعورِ أن تكونَ عجوزًا قَبلَ أن تُصبِحَ كَذَلِكَ حتّى!

لكنّها هيلينا، ولَن تكونَ ابنَةَ عائِلَةِ رودريك إن لَم تَكُن عَنيدة...

رُغمَ أنَّها غيرُ مَحسوبَةٍ عليهُم الآن...
فهي الآنَ هيلينا فاليريا!

وَذكِّروها رجاءً لِمَ صارَت كَذَلِك؟

رُبّما...لأنَّها الآنَ زوجةٌ لرجلٍ يُقالُ أنَّ اسمَهُ آسِر فاليريا!

يا إلهي!
هي حقًّا تكادُ تُصابُ بالجُنونِ في كُلِّ مرّةٍ يُذكِّرُها فيها عَقلُها بأنّها الآنَ باتَت بالفعلِ زوجةً لِهذا الوَغد!

أيُّ وَغد؟
هي حتمًا تعني الوَسيمَ واللّطيفَ والمُهذَّبَ جدًّا...ذو البَحرين!

استقامَت مِن مجلِسِها تَلتقطُ وِشاحًا أسوَدَ مَع بعضِ النُّقوشِ الزّرقاءِ الدّاكنةِ كانَ مُعلَّقًا قَريبًا منها في العلّاقةِ الخشبيّةِ مَع مَعاطِفِ آسِر، وضَعتهُ حولَ كَتِفيها تَسيرُ إلى حيثُ الشُّرفة، لِتَفتَحَ البابَ تخطو نحوَ الخارِجِ وابتسامةٌ عذبةٌ لا تُفارِقُ شَفتيها لِرؤيَتِها لِلأمطارِ التي تنهَمِرُ بغزارَةٍ مِن سماءِ كاليدونيا.

لقد وصلت إلى نهاية الفصول المنشورة.

⏰ آخر تحديث: Jan 13 ⏰

أضِف هذه القصة لمكتبتك كي يصلك إشعار عن فصولها الجديدة!

آسِر||Asserحيث تعيش القصص. اكتشف الآن