الشُّعلَةُ الرّابعة:بِدايَةُ النِّهاية

158 11 17
                                    

"لا تجعل نهايةَ قصَّتكَ تكون كَما يُريدون، اكتُب نهايةَ قصَّتكَ كَما تستَهويها نَفسُك!"
.
.
.
.
.
.
.
.
.

منَ المعروفِ بالنِّسبةِ لَنا نحنُ البَشر، أنَّ الشَّمسَ هي النَّجمُ المَركزي للمجموعَةِ الشَّمسيّةِ كَما اعترفَ بها الجُغرافِيُّونَ وَعُلَماءُ الفَلَك...وذلكَ ما اتَّفقت الكُتُب العلميَّةُ على ترسيخِهِ في عُقولِنا أيضًا.

لكن ما لا يُدرِكُه مُعظَمُ البَشر، أنَّ الشَّمسَ ليسَت فَقط نجمًا مُلتَهِبًا يَبعثُ الحَرارَةَ ويرسِلُ الدفءَ إلى كوكبِ الأرض، وأنَّها لَيسَت مُجَرَّدَ دائِرَةٍ تُزيِّنُ السّماء في النَّهارِ وتبدو صغيرَةً للغايَةِ رغمَ أنَّها أكبَرُ النُّجومِ بسببِ بُعدِها عنّا.

كما أنَّ شُروق الشَّمسِ لا يَعني فَقط إرسالَها الاشعَّةَ الحَراريِّةَ والضّوء اللّازمانِ لنمو النباتاتِ وحياةِ الإنسانِ والحَيوان، بَل شُروقُها يَعني بِدايَةً جَديدة، بدايَةُ يومٍ جديد، بدايَةُ حُلُمٍ جَديد، وربما بِدايَةُ حَياةٍ جَديدة!

فالإنسانُ لا يَكونُ إنسانًا لأنَّه خُلِقَ وخرجَ من رحمِ امرأةٍ من الجِنسِ البَشريّ، الإنسانُ يكونُ إنسانًا حينَ يَتَّصفُ بالإنسانيَّة، فليس كُلُّ بشريٍّ إنسان...وَليسَ كُلُّ إنسانٍ بشريّ، أوليسَ؟

حينَ يَقتَرفُ المَرءُ جُرمًا لا بُد من أن يُعاقَبَ عليه، أوَّلُ ما سيَحدثُ هو زَجُّهُ داخلَ زِنزانَةٍ معتمة، دون أن تُتركَ أي فتحةٍ تدخلُ خيوطُ الشَّمسِ منها...كَما لو كانَ أقسى عقابٍ قد يتعرض له المُجرِمُ هُو حِرمانُهُ من الشَّمس، حرمانُهُ من نورِها، وحِرمانُهُ مِن رُؤيتها!

وبذلك، فحتّى لو كانَ قلبُ ذلكَ الشّخصِ لا يزالُ يَنبِض، وحتّى لو كانَت أنفاسُهُ لا تَزالُ تختلطِ بِالهواء، إلّا أنَّهُ لَن يَعيشَ طَويلًا مع حِرمانِهِ من رُؤيَةِ الشَّمس!

الشَّمس هُنا سَتكونُ نهايَتَهُ كَما كانَت بِدايَته!

حينَ امتَدَّت خيوطُ الشّمسِ الذهبيَّة، وتداخَلت مكوِّنَةً شعاعًا ساطِعًا اخترَق زُجاجَ النّافِذَةِ الواسِعة، أطلَّت حدقَتاها اللتانِ أصبَحَتا شبيهَتانِ بالعسلِ أكثَر مع اختِلاطِهِما بأشِعّة الشّمسِ من وَراء سِتارِ رُموشِها.

فورَ أن فتحت عيناها بشكلٍ كامِل، تراءت لَها عينانِ زَرقاوَتانِ تُحَدِّقان بوجهها بِتَركيز.

"يا إلهي!"
نَبَست هيلينا تزامُنًا مَع رَفعِها جسَدَها لتندَفِعَ نَحو الوَراءِ تَلتَصِقُ بِدعّامَةِ السّرير.

"هل أخفتُك؟ أنا آسفة."
قالت ذاتُ العينينِ الزَرقاوَتينِ بصوتٍ رقيق ونبرةٍ مُعتَذِرة، إلّا أن ذلكَ لَم يكُن كافيًا لتتجاوَزَ هيلينا صَدمَتَها، إذ بَقيت تُحدِّقُ في كلِّ شيءٍ حولَها بِعينينِ جاحظَتين، قائِلة:
"أأ..أينَ أنا؟ ما هذا المَكان...؟"

آسِر||Asserحيث تعيش القصص. اكتشف الآن