(1)

3.5K 57 3
                                    

الساعة تشيرُ إلى الثانية عشر بعد منتصف الليل،
بتول تراقب عقارب الساعة وهي تسير ببطء وتحدّث نفسها : لقد تأخر عليّ، تُرى ما الذي أخرّه إلى هذا الوقت ؟ تسمع صوت سيارة تقترب،
تسرع إلى النافذة، تبتهج وهي تخاطب نفسها: لقد وصل الحمد لله. تسرع إلى غرفة النوم تتجه إلى المرآة لتضع اللمسات الأخيرة والبسيطة على وجهها، وتسرع لتقف قبالة باب الشقة لتستقبله.

صوت مفاتيحه وهي تتحرك لتفتح الباب، صوت المقبض،
فُتح الباب،
هاهو ، تبتهج بتول، ويكاد قلبها أن يقفز، تبتسم ابتسامة عريضة وتقول: أخيراً عدتّ يا حبيبي، حمداً لله على سلامتك. تسرع اليه لتقبل جبينه، وتحمل أغراضه، ولكنه يفاجئها برفضه، وبفتور في التعامل معها، ويرد عليها: لا شكراً، سأحمل أغراضي بنفسي.
تنصدم بتول من ردة فعله، تتراجع خطوات للوراء وتسأله: ما بك يا علي؟ هل هناك مكروه أصابك؟
علي يرد - ويبدو متعباً-: لا أبداً فقط مرهق من العمل وأريد أن أرتاح.
بتول: لا بأس حبيبي، اذهب لتغيّر ملابسك، وتعال لكي نتعشى سوياً، فقد جهزت لك شيئاً تحبه.
علي: لا شكراً، لقد تعشيت بعد الإجتماع مع أصدقائي.
تنصدم بتول مجدداً، ويبدأ قلبها بالخفقان، وتحاول السيطرة على مشاعرها رغم أن الدموع تكاد أن تنفجر من مقلتيها وترد عليه بحشرجة مخنوقة: لا بأس علي، لا بأس، سأضع الطعام في الثلاجة ليوم غد، سنتغدا به.
علي يردّ بكل برود: لا أتصور أنني سأتغدا في البيت غداً، سأكونُ مشغولاً طيلة النهار.
هنا ترفع بتول رأسها والدموع تنهمر من عينيها: ما الذي جرى، ما بك عليّ؟ أنا لا أفهم ، لمَ تتعامل معي بهذه الطريقة القاسية؟ أولست حبيبتك بتول؟!، أو لست توأم روحك كما كنت دوماً تناديني ؟، ما الذي تغيّر فجأة؟ أخبرني، أنا لا أفهم شيئاً، مضى أسبوع منذ شجارنا الأخير وأنت في صمت مطبق، وقد قلت لنفسي: أتركيه، لعله يهدأ ويعود بنفسه، ولكن الأمر يبدو في تفاقم، راجعتُ نفسي كثيراً خلال الأسبوع المنصرم، ولربما أكون قد أخطأت في حقك، ولكنني حاولت كثيراً أن أقترب منك، أن نحل المشكلة سوياً، إلا أنك توصد كل الأبواب في وجهي، ولكنك هذه الليلة مختلف، مختلف تماماً، لستَ علياً الذي أعرف، كأنك شخصٌ لا أعرفه، لست أنت الذي أعرفه وأعيش معه منذ عامين _ تنفجر بالبكاء وتكمل وهي تتنهد - أرجوك عليّ أنا أحبك وتعلم كم أحبك ولا أتحمل منك هذه القسوة وهذا الجفاء.

#يتبع

ولليل حكاية أخرىحيث تعيش القصص. اكتشف الآن