(11)

1.3K 19 0
                                    

يستئنف عليّ وبتول المشي مع كوكبة المشاية،
ولا يتوقف الركب إلا وقت الصلاة ولتناول وجبة الغداء ثم يواصلون المسير حسب الإتفاق للإستراحة ليلاً في احد المواكب التي تمتد على جانبي الطريق المؤدي إلى كربلاء، إلا أنّ بتول تبدأ بالمشي بخطواتٍ أثقل، تمشي قليلاً وتتوقف جانباً، ثم تعود لمواصلة المشي، وبعد فترة تقرر أن تنادي عليّ: عليّ عليّ، يلتفت إليها علي ويعدو مسرعاً ناحيتها، فتواصل: أشعرُ بأن رجلي ليست على ما يرام، أريد أن أخلع حذائي لأتأكد أنّها بخير،" فيتنحى بها جانباً، خلف إحدى الخيام ويجلب لها كرسي لتجلس عليه ويطلب منها أن تعطيه رجلها،تستحي بتول منه وترفض أن تمتثل له، فرمقها بنظرة وابتسم وقال : هيا اعطني رجلكِ بسرعة هيا .
فمدّت رجلها على استحياء، فبادر لخلع حذاءها والجورب، وإذا به يتفاجيء بتورم رجلها مع ظهور فقاعات تشبه الحروق في باطن القدم، فنظر اليها وقلبه منكسر وقال: بتول لابد من زيارة المفرزة الطبية،رجلكِ متورمة إلى حد كبير،لا يمكنكِ المواصلة أبداً ، فاغرورقت عيناها بالدموع وردت عليه: عليّ أرجوك لا تقل لي لا يمكنك المواصلة، لديّ عزيمة وإرادة قوية وأنوي الوصول معك إلى كربلاء مشياً
فردّ عليها :لا بأس عليكِ، لن نستبق الأحداث قومي الآن واستندي عليَّ حتى نصل لأقرب مركز للإسعافات( المفرزة)، وقفت بتول ووضعت كفها بكفِّ عليّ، فشعرت بدفء مشاعره وحنان قلبه حتى كأنّ تياراً كهربائياً سرى في بدنها، حينها رمقته بنظرة استعطاف وكأنها تناديه أن عُد، فبادلها بنظرة حنونة مع إغماضة بسيطة وقال: هيا بنا.توجها للمفرزة وعاينت الطبيبة رجل بتول وتم معالجتها بشكل مؤقت، و طلبت منها أن لا تمشي عليها كثيراً، وأن وضعها لا يسمح بالمواصلة، فبكت بتول طويلاً، واستدارت ناحية عليّ تترجاه أن يسمح لها بالمواصلة، فردّ عليها بحسم: بتول تفهمي الأمر، حتى الإمام الحسين لا يرضى لكِ بأن تؤذي نفسكِ"
فأجهشت بتول بالبكاء حتى أن الطبيبة المناوبة تعاطفت معها، وتدخلت بقولها: اسمعني أخي، هناك حلٌ آخر، وهو لأن لا تستعجلوا المسير وامشوا ببطء حتى وإن تأخرتوا في الوصول" فأطرق عليّ رأسه، ومن ثم استدرك:لا بأس توكلنا على الله"
خرج عليّ من المفرزة الطبية وتوجه إلى المجموعة التي كانت تنتظرهما بالخارج وطلب منهما المضي في طريقهم، وأنهما سيلتحقان بهم في كربلاء،حيث قررّ أن يمشي مع بتول حسب وضع رجلها، فتتفهم المجموعة الأمر وتواصل المشي، بينما يعود عليّ إلى بتول ليسندها بذراعه مشيا ببطء،
كان الوقت حينها عصراً قريباً من الغروب وقد بدأت البرودة تشتد، فخلع عليّ معطفه وألبسه إلى بتول،رفضت بتول ما فعل وقالت: عليّ أرجوك لا تفعل ستمرض

#يتبع

ولليل حكاية أخرىحيث تعيش القصص. اكتشف الآن