(22)

1.4K 25 0
                                    

ولكن أرى من واجبي أن أوجهكِ وأحافظ عليكِ، فأنتِ عرضي، ولكنكِ في كثير من الأحيان لم تكوني تفهميني، أردتُّ أن أبلغكِ امتعاظي وحنقي، وألفتكِ إلى بعض أخطائكِ فكان ما كان، أمّا أن أتخلى عن حبيبة عمري فهيهات، نور قلبي بتول، أحببت أن أبوح لكِ بالكثير منذ قلت لكِ: تسريح بإحسان، لا تعلمين كيف كنت أتقطع من الداخل حينها، حبيبتي، حينما مرضتِ في النجف وكنت مصابة بالحمى لم أنم طوال الليل خوفاً عليكِ، أخذتكِ في أحضاني وما بارحتكِ أبداً، بتول ثقي أنني أحبكِ وكفى،
حبيبتي..أتذكرين ليلة زفافنا، تعاهدنا ليلتها أنّ كلّ واحدٍ منا سيودع ذاته لينصهر في الآخر فنكون روحٌ واحدة، لا نفترق أبداً مهما كانت الظروف، أو تظنين أنني أخلف الوعد؟ لا يمكن يا روح علي، أحبكِ. ثمّ وقعّ رسالته بـ: رفيق دربكِ وحبيبكِ علي. تأخرت بتول، ترى ما الذي أصابها؟ كانت رحمة تحدّث نفسها، وهي في حالة قلق على بتول، فطرقت باب الغرفة، فلم ترد بتول خافت كثيراً، فتحت الباب بهدوء، وإذا ببتول تحتضن الرسالة ودموعها تنهمر بلا توقف، اقتربت رحمة منها، جلست على السرير، وهي تناديها: بتول عزيزتي، ماذا بكِ؟ هل ثمة مكروه؟ ما الذي كتبه عليّ في رسالته؟ بتول تنظر إلى رحمة وقد انحبس لسانها عن الكلام، فبدأت رحمة في الإمساك بكتفيها والضغط عليهما: بتول كلميني، هل أنتِ بخير؟ فقالت بتول: يحبني، علي ما زال يحبني يا رحمة، عليّ كما عرفته لم يتغير، كنت متيقنة من حبه لي، ولكن أين أنت يا علي؟ أين أنت يا نور قلبي؟ ترى هل تركتني ورحلت؟ فتحتضنها رحمة محاولة تهدئتها، وإذا بالباب يُطرق، فترد رحمة: من الطارق؟ وإذا بها زوجة صاحب الحملة تستأذن بالدخول، فتمسح بتول دموعها وتقول: تفضلي أختاه على الرحب والسعة، فتدخل السيدة وتبدأ بالإطمئنان على بتول ومن ثم تعرض عليها الذهاب معهم لزيارة الإمامين الجوادين في بغداد في صبيحة اليوم التالي، فتبدي بتول موافقتها شريطة موافقة الطبيب خصوصاً بعدما جرى عليها حين زيارة الإمام الحسين (ع)، فتخبرها السيدة أنّها سترتب كل ذلك وسيكون كل شيء على ما يرام، وتتفق معها على تفاصيل سفرهم لبغداد وتنصرف. في ليل ذلك اليوم تغادر بتول سريرها وتفترش مصلاها،
وتمكث في محرابها الذي اشتاقته كثيراً، تناجي الله وترفع كفيها بالدعاء: إلهي كيف أدعوك وأنا أنا، وكيف أقطع رجائي منك وأنت أنت، إلهي إذا لم أسألك فتعطيني، فمن ذا الذي أسأله فيعطيني، إلهي إذا لم أتضرع إليك فترحمني فمن ذا الذي أتضرعُ إليه فيرحمني، إلهي فكما فلقت البحر لموسى (ع) ونجيته، أسألك أن تصليّ على محمد وآل محمد وأن تجمعني بحبيب عمري، وتردّه لي سالماً معافى يا ربّ العالمين

#يتبع

ولليل حكاية أخرىحيث تعيش القصص. اكتشف الآن