(8)

1.6K 24 1
                                    

يستمر مرض بتول لمدة يومين، وعلي يعتني بها،
تتماثل بتول للشفاء في اليوم الثالث وهو اليوم الذي ستغادر فيه الحملة النجف الأشرف تستيقظ بتول فجر اليوم الثالث مع علي ليستعدان للذهاب للحرم للتوديع،
فيستدير علي وهو يلبس ملابسه إلى بتول ويقول لها:بتول ألبسي ملابس ثقيلة فأنت في فترة نقاهه ولا أريدكِ أن تصابي بأذى خاصة وأن وراءنا طريق طويل وصعب في المشاية.
تبسمت بتول في وجهه وقالت: شكرا لك عزيز قلبي، لاتقلق حصنت نفسي جيداً.
توجها لحرم الأمير في ذلك الفجر القارص وقلبيهما يشتاق لدفء وحنان الأب الروؤف، فجأة شعر علي بصوت بكاء مكتوم، استدار وإذا ببتول تبكي بحرقة، فتوقف علي واستدار ناحيتها: وأمسك بذقنها ورفع رأسها: مابكِ لم البكاء؟ إن كان بكائكِ لله فزادك الله همّا، وإن كان بكائكِ للدنيا، فهذه الدنيا فانية ولا تسوى دموعكِ.
فردت بتول بألم: إنما أبكي لفراق الأب العطوف، فقد حرمني المرض من التزود من حنانه، لعلني لم أوفق للزيارة لنقصٍ فييّ، أو لأن الله طردني من النهل من فيوضات حبيبه.
فرد عليها علي بنبرة فيها من القسوة الممزوجة بالحنان: لم هذا القنوط من رحمة الله، لقد اصطفاكِ الله دون الكثيرمن الناس لزيارة العتبات المقدسة، وزيارة الحسين ( ع) ومرضكِ لابد كان لحكمة، ولعله صلاحاً لكِ ستدركين أبعاده يوماً -مسح دمعتها وابتسم في وجهها-
كوني إيجابية، فلولا حب الله لكِ ما كانت هذه الخطوات نحو الحبيب,
هيا بنا تأخرنا" فترد بتول وقلبها يكاد يطير من السعادة: سلام الله على الحبيب، شكراً لك عليّ، شكرا لك" ويهمان نحو الحرم المطهر ليقيما صلاة الليل، والفجر، ومن ثم يتودعان من الأمير ودموعهما تنهمر كالميزاب، ويتجهان عائدين نحو الفندق مع وقت وجبة الإفطار، يستأذن عليّ من بتول في أنه سيذهب للغرفة لأنه بحاجة للحمام، ويطلب منها أن تسبقه لوجبة الإفطار،
فتتجه بتول للبوفيه في القسم المخصص للنساء، وحين تهم بالعودة للطاولة في انتظار علي يستوقفها شاب ليسلّم عليها،
فترحب به بتول بكل أدب واحترام، هنا يصل عليّ إلى المطعم، وإذا به يشاهد بتول تتحدث إلى هذا الشاب، فتغلي الدماء في عروقه،
ويتسمر في مكانه لوهلة، تشعر بتول به، فتستأذن من الشاب بسرعة وتتجه إلى عليّ، ولكنه يشيح بوجهه عنها ويجلس على الطاولة التي اختارتها لهما، إلا أنه يلوذ بالصمت طوال فترة الإفطار، بتول تحاول أن تكسر جدار الصمت: عليّ هل رأيت الشاب الذي كان يقف معي؟
فيردّ عليها : وما الذي يهمني من أمره؟! فقالت : لا فقط كنت أريد،
فيقاطعها عليّ: قلت لكِ لا يهمني أمره. تسكت بتول وهي تشعر بمرارة معاملة عليّ القاسية لها وتلوذ هي كذلك بالصمت،

#يتبع

ولليل حكاية أخرىحيث تعيش القصص. اكتشف الآن