(6)

1.4K 34 1
                                    

يبدو أن التعب قد غلبهما، وإذا بهما ينامان ولا يستيقظان إلا على صوت أذان المغرب،
فينتبهان منزعجين،
فتشعر بتول بالضيق،وتنهض كي تستعد للصلاة،
يعتدل عليّ على سريره وينظر إليها :بتول، أعتذر منكِ فقد وعدتكِ باصطحابكِ إلى الحرم وقد غلبني النوم، أنا بالفعل آسف.
فترد عليه بتول بهدوء: لا بأس لعله صلاحاً، هل نصلي هنا ثم نتوجه للحرم، أتوقع أن يكون مزدحماً جداً الآن " فيثني عليّ ل اقتراحها ويؤديان الصلاة في الفندق.ترتدي بتول عبائتها، وترتدي عليها شالاً أخضراً كانت قد أهدتها إياه صديقتها منال حين عودتها من الزيارة في العراق. ويستعد عليّ بلبس معطفه الأسود وكوفيته الشتوية.كان البرد شديد جداً حينها في النجف، يخرجان باتجاه الحرم العلوي، يسيران في ذلك الشارع الممتد الطويل باتجاه العتبة العلوية، وإذا بقبة الأمير تتلألأ من بعيد، وما إن ترمق بتول القبة حتى تتجمد في مكانها، وكان الزحام شديداً، فكاد أحد الزوار يصطدم بها، فالتفت عليّ وسحبها ناحيته وضمها بذراعه، فشعرت بدفء أحاسيسه وغيرته، رفعت رأسها ناحيته وقالت: أنا آسفه، فقد أخذني جمال حرم الأمير.فردّ عليها بجفاف: عليكِ أن تلتفتِ جيداً فالمكان مزدحم، ولا مجال للوقوف. ثم رفع يده عنها مجدداً.واصلا مسيرهما حتى بلغا بالقرب من البوابة الرئيسية،
وضع كل واحد منهما حذاءه في المكان المخصص، ثم اقترب عليّ منها ليتفق معها على وقت العودة، ومكان اللقاء،
فجأة توقف عن الحديث ونظر إليها وبرقت عيناه بلمعة شعرت بتول بها لدرجة أن بدنها قد اقشعر،
وقال لها: لم ألتفت انكِ لبستِ هذا الشال ، إنه مثير، تبدين به جميلة،لا أحبذ لكِ لبسه.أنزلت بتول رأسها، ورفعته وفي عينيها نظرة رضا ممزوجة بابتسامة وقالت: حاضر، سأنزعه، شكراً لالتفاتتك.دخلت بتول الحرم، ودخل علي جهة الرجال..
وصلت بتول عند أعتاب الحرم، استأذنت للدخول، واذا بقبة الأمير تلوح في وجهها، وإذا بها تتمتم: يا صاحب القبة البيضاء في النجف، من زار قبرك واستشفى لديك شفي... تتقاطر الدموع تباعاً على وجنتيّ بتول، وتقترب شيئاً فشيئاً، تخاطب الأمير بحزنٍ شديد والدموع لا تنشف: بابا علي، أنت أبي، أبي، أنا يتيمتك بابا، فقد فقدتّ أبي وأنا صغيرة، وهذه أول زيارة لك يا أبي فلا تردني مكسورة خاطر.يقترب موعد العودة بعد قرابة الساعتين، وتعود حيث تواعدت مع علي،وتكون قد نزعت الشال الأخضر كما طلب، خرجت من الحرم وإذا به ينتظرها في الخارج، وقد بادرها حالما وصلت : تقبل الله أعمالكم، فردت عليه:منا ومنكم صالح الأعمال، فسألها: أين الشال الذي كنتِ ترتدينه؟
فقالت: نزعته،لقد وعدتك.فقال لها: ولكن الجو بارد وستمرضين

#يتبع

ولليل حكاية أخرىحيث تعيش القصص. اكتشف الآن