" مَلاذ " .

79 4 0
                                    

أهلاً من جديد ، لا أزال أنا سلام معكم .. إطمئنوا فإن لورا على الأرجح بخير فـ هي لم تستدعني منذ أسابيع لكن أؤكد لكم أنها بـِ كامل صحتها على الأقل هذا ما يبدو لي ..
حسناً إذاً ؛ أنا لم أُرِد إكمال ما كُتِبَ في مذكرتي هذه و لكن ، شعرت لـِ وهلةٍ أنّه يجب أن أشارككم بعضاً من ماضيَّ الذي دُفِن مع مرور الزمن و غابت حقيقته في نفوس البعض ، لكنّه لا يزال حياً يقظاً في عقلي وكأنّه حدث بالأمس ..
لذلك ، سوف أكمل لكم ما قد كُتب في المذكرة :
_________________________
الخامس من شهر ديسمبر :
" يجب أن أشكر الآلهة و أركع لي لـِ صمودي أمام هذه الحياة المشؤومة  ، إنتظر ! لا تقل أنظر لـِ من هم أسوأ منك حالاً .. هل تريد إضحاكي ؟ فعلاً لا يوجد أحدٌ .. قد يكون أسوأ مني حالاً قد أفوز في مسابقة " من هو صاحب أكثر ماضٍ أسود على الإطلاق  "  سأفوز بـِ جدارة و أيضاً لو كان هناك مركزٌ قبل المركز الأول لإستحقيته  " .
________________________
السابع من ديسمبر :
" إنتشر الوباء المدينة ، والسيد والسيدة - - الى الآن لم يتركان عادتهما في تبذير النقود ، نسيا أن لديهم ملجأً من و إلى عليهم إطعامهم و إلباسهم و علاجهم إلخ .. والكثير من الإحتياجات .. أعتقد أن بـِ فعلتهما هذه أعني .. أن يقوما بـِ تجويعنا و و تعذيبنا بـِ شتّى الطرق و الوسائل ..
أعتقد أنّ حتّى جمعية الرفق بالحيوان لن ترفق بهم " .
_________________________
الخامس و العشرون من ديسمبر :
" أبداً ، لا جديد حتّى الآن .. جوعٌ و فقر ٌ و ألم إذاً هل من جديد ؟
أشعر و كأنه سـ يحصل معي مثل ما في الأفلام .. تعرفون ما أقصد ، تأتي ساعة صعود روحي للرب ثم تأتي تلك المعجزة التي تأتي في أخر لحظة ثم أعود لـِ كامل صحوتي .
________________________
مرت الأيام بـِ سرعةٍ كبيرة لـِ درجة أنني لا أعرف ما هو اليوم أو التاريخ فـقد حصلت الكثير من الأحداث و لم يكن لدي الوقت كي أكتب لكم ما يحدث أو حتى أن أعرف كم التاريخ .. السيد والسيدة - - قاموا بـِ بيع الملجأ بدون صَك قانوني يسمح لهم بيعه ، لذلك أخذوا النصف من العائد المادي لهم .. و أما النصف الآخر فـ قد قاموا بـِ توزيعه على العاملين في الملجأ .. أما نحن ؟ لم نحصل سوى على عشر سِنتات لِكل واحد منّا ! أي طمعٍ و بخلٍ هذا ، إن العشر سنتات هذه لا تكفي حتى كِسرة خُبز و رشفةٍ من الماء ، و بعد ذلك .. أطلقونا كالطيور في هذا العالم .. و لكن لحظة ؟ إلى أين سوف أذهب الآن ! فـ نحن الآن لا نعرف وجهتنا الى أين سوف ننطلق في هذا الكون الشاسع ؟
_________________________
أرى أنني إنتهيت من الكتابة في هذه النقطة على ما يبدو لي ؟ ما أتذكره حقاً انه بعد ان خرجت من الملجأ بـ رفقة زملائي الذين تغلب عليهم البرد و الجوع و العطش فـ كانوا ضحايا مجزرة سببها المال و الجشع ، لذلك عندما خرجنا من ذلك المكان الموحش لم نجد أي مأوى يحتوينا أو ثيابٌ دافئة تكسونا أو حتى رشفة ماءٍ ترطب علينا حناجرنا الصغيرة ، فـ منهم من باغتهم الموت قريباً ، و منهم من ذهبوا في حال سبيلهم للبحث عن مأوى عند القمامة فـ منها يجدون مكاناً ينامون فيه و طعاماً يكفيهم و يسد جوعهم - هذا اذا لم يموتوا بـ سبب التسمم - .
أما انا فقد ذهبت في حال سبيلي لا اعلم من و أين و متى و كيف و لماذا وصلت لهذا الكوكب اللعين الذي يدعى بـ " الأرض "
جُلّ ما أعرفه أن هنالك شريطٌ مصوّر سقط عليّ من السماء و كان فيه تسجيل مصور بالصوت و الصورة عن والديّ .. كم كانت سعادتي عارمة عندما رأيتهما بـ كامل صحتهما .. لكن لحظة ؟! كانوا في مكانٍ أشبه بالسجن الإنفرادي أو شيئاً من هذا القبيل !! لكن قد بدا لي انهما بخير .. و اما ما ورد في التسجيل هو انهم في الحدود الجنوبية لـِ مقاطعة جوهانسبرغ ، و قالوا أنهما قلقان كثيراً عليّ و انهما سيكونان سعيدين جداً لو أنني رأيت هذا التسجيل المصور ، و لكن لم يحددان لماذا هم هناك في تلك المقاطعة ؟ و كيف وصلا لـ هناك و من أوصلهم و كيف حدث هذا الأمر بـ رمته ؟!
فعلاً ، كنت كالفقير بلا مأوى و هذا ما أنا عليه الآن .. كل ما استطيع فعله الآن هو الصلاة للرب .. بإن ينجيني مما أنا فيه في ذلك الوقت  ..
كنت حقاً احتاج إلى " ملاذ  " يأويني لـ قلبه .. يفتح لي باب الصمود و القوة في وجه المصاعب والأخطار .. ملاذ ٌهو قلبك يا ملاذي الوحيد .

Stay.حيث تعيش القصص. اكتشف الآن