الفصل 15

3.8K 134 2
                                    

الفصل الخامس عشر

ضربة قاسية

عاد ويكهام إلى مريتون بعدما أنهى عمله في المدينة. ثم التقى الفتيات في مريتون وسار معهن في طريق العودة إلى لونغبورن, وقد فرحت إليزابيث بتقديمه إلى أبيها وأمها.

لكن جاين لم تكن فرحة. فقد وصلت رسالة من كارولين بنغلي في ذلك اليوم تعلن أن العائلة بأسرها غادرت نذرفيلد من دون أية نية في العودة. كانت ضربة قاسية. ففي الرسالة ذاتها أخبرت الآنسة بنغلي جاين أنها وشقيقها سيزوران شقيقة السيد دارسي ـ وأن هنالك أملا في زواج مبكر بين الأخيرة و بنغلي. وبطيبتها المعتادة, ظنت جاين أن الآنسة بنغلي قد فكرت في أن هذه هي الوسيلة الألطف لتحذيرها من أن حب بنغلي قد منح إلى أخرى. لكن إليزابيث كانت تملك وجهة نظرة مختلفة.

"إن الآنسة بنغلي ترى أن أخاها يحبك, لكنها تريده أن يتزوج الآنسة دارسي. لقد أخذته إلى المدينة وستحاول إبقاءه هناك. فهي تأمل في إقناعك بأنه لا يحبك. لكن ما من أحد يستطيع أن يشك في حبه لك. والآنسة بنغلي لا تفعل بالتأكيد. فهي ليست حمقاء إلى هذه الدرجة. هذه هي الحقيقة. نحن لسنا أثرياء كفاية أو عظماء كفاية بالنسبة إليهم. وهي متلهفة على زواج أخيها بالآنسة دارسي بشكل خاص لأنها تأمل في أن يلي ذلك بسرعة زواجها بدارسي".

"لكن يا شقيقتي العزيزة, هل يمكنني أن أكون سعيدة(حتى لو كنت على صواب)بالزواج من رجل يرغب كل أقربائه في أن يتزوج امرأة أخرى؟"

"يجب أن تقرري ذلك بنفسك.إذا اعتقدت بأن البؤس الناجم عن خيبة أمل شقيقتيه هو أعظم من السعادة الناجمة عن كونك زوجة له, عندئذ يجب طبعا أن ترفضيه".

هذه الفكرة جعلت جاين تبتسم. وسرعان ما أصبحت أكثر مرحا, آملة في أن تكون الآنسة بنغلي مخطئة وان يعود بنغلي بسرعة إلى نذرفيلد ويستجيب لكل أمنيات قلبها.


في تلك الأثناء, كان يتطور شأن آخر. فاللطف الذي أبدته شارلوت لوكاس في رعايتها السيد كولينز ذهب إلى أبعد مما تصورت إليزابيث. وكان هدفه, في الواقع, الاطمئنان إلى أن السيد كولينز سيكون لها. كانت ناجحة جدا حيث في صباح باكر بعد يومين غادر منزل لونغبورن وأسرع إلى مسكن لوكاس ليطلب منها الزواج به. شاهدته الآنسة لوكاس من النافدة, فخرجت للقائه وكأنما صدفة في الطريق. تم ترتيب كل شيء مثلما شاءا وطلبت الموافقة من السير وليم والليدي لوكاس. فأعطيت بفرح. بدأت الليدي لوكاس تتساءل فجأة كم سيطول الوقت قبل أن يتوفى السيد بنيت وتؤول مزرعة لونغبورن إلى السيد كولينز. كذلك أملت الفتيات الأصغر سنا في أن يتزوجن بعد سنة أو سنتين. واستراح الصبية لأن شارلوت لن تموت "عانسا". فيما شارلوت نفسها لبثت صامتة. كانت مقتنعة بقرارها. فالسيد كولينز ليس بالتأكيد حساسا أو لطيفا. كانت رفقته مملة وعاطفته تجاهها خيالية. لكنه مع ذلك سيكون زوجها. فهي في الحقيقة لا تحب الرجال والحياة الزوجية, لكن الزواج كان دائما هدفها. إنه الطريق الوحيد للحياة الشريفة بالنسبة إلى الشابات المتعلمات اللواتي لا يملكن أية ثروة. ومهما كانت سعادتهن غير حتمية, فإنه على الأقل سيقيهن من الفقر. أحسست بأنها محظوظة جدا لأن تفوز بهذا الاستقرار وهي في السابعة والعشرين من عمرها. وكان أسوأ ما في الأمر إخبار إليزابيث, التي تقدر صداقتها أكثر من أي شخص آخر. قررت أن تخبر إليزابيث, وأن تحمل السيد كولينز على الوعد بأن يلزم الصمت.

في اليوم التالي بعد الفطور أتت وأخبرت إليزابيث سرا بما ترتب. كانت دهشة إليزابيث عظيمة جدا بحيث لم تقدر في البداية إلا على الصراخ:

"أنت مخطوبة إلى السيد كولينز!عزيزتي شارلوت ـ مستحيل!"

ردت شارلوت: "أعرف كيف تشعرين, لا بد أنك مدهوشة ـ مدهوشة جدا. فمنذ ثلاثة أيام فقط أراد السيد كولينز أن يتزوجك. لكنني لست رومنطيقية, كما تعلمين. لم أكن كذلك أبدا. فأنا أريد فقط بيتا مريحا, وأنا متأكدة من أن فرصتي في السعادة مع السيد كولينز هي عظيمة مثل سعادة معظم الناس عندما يتزوجون".

عادت إليزابيث إلى رشدها وأجابت بهدوء: "من دون شك",ثم تابعت متمنية كل السعادة لشارلوت. لكن مضت أيام كثيرة قبل أن تعتاد على فكرة زواج كهذا. لم تفكر في أن صديقتها ستضحي بذكائها وحسن إدراكها في سبيل الراحة المادية. كان أمرا مخزيا. وقد أضيف إلى هذه الفكرة المؤلمة حتمية تعاسة شارلوت في هذه الرفقة.



لكن دهشة إليزابيث لم تكن شيئا بالنسبة إلى دهشة والدتها. فقد أتى السير وليم لوكاس بنفسه في آخر النهار ليعلن النبأ السعيد. فلقي استقبالا باردا. فأولا, رفضت السيدة بنيت أن تصدق القصة, وثانيا, كانت متأكدة من أن السيد كولينز كان مخدوعا, وثالثا, كانت متأكدة من أنهما لن يكونا سعيدين معا, ورابعا, لا بد من فسخ الخطوبة. كذلك لاحظت نقطتين إضافيتين خلال النهار, الأولى هي أن إليزابيث كانت السبب الحقيقي لكل المشكلة, الأخرى هي أنها عوملت بشكل مؤذ من قبلهم جميعا. لم يفلح شيء في تهدئتها. ومر أسبوع قبل أن تتمكن من رؤية إليزابيث من دون أن توبخها, ومر شهر قبل أن تتمكن من التحدث إلى السير وليم أو الليدي لوكاس بأدب, ومرت أشهر كثيرة قبل أن تتمكن من مسامحة ابنتها. إن فكرة أن شارلوت لوكاس ستصبح ذات يوم سيدة لونغبورن كانت غير مستساغة على الإطلاق.
تذمرت بمرارة إلى زوجها.
وقالت: "في الواقع, يا سيد بنيت, من الصعب التفكير في أنني سأضطر إلى أن أفسح لها الطريق وأن أعيش لأراها تسكن هنا".

"لا تكوني متشائمة إلى هذا الحد يا عزيزتي. دعينا نأمل في أشياء أفضل.لنأمل في أنني سأعيش لمدة أطول منك".

لم يمنح هذا الراحة إلى السيدة بنيت وبالتالي لم ترد عليه

رواية كبرياء وتحامل العالميةحيث تعيش القصص. اكتشف الآن