5» البقاء.

150 8 0
                                    


__________________
دخلت الفصل غير مبالية للصراخ المعلمة ونظرات الطلاب المندهشة ، جلست على مقعدي بهدوء فقط ، نظرت الى اتاش ثم الى المعلمة التي وقفت امامي فجأة : من تظنين نفسك لتدخلي هكذا دون استأذان ؟
بهدوء : طالبة .
المعلمة : ان تكوني طالبة لا يعني دخولك ابداً بهذه الطريقة ، والان ستخرجين كما دخلتي هياا.
وقفت وانا اهمس : يناسبني .
خرجت واقفلت الباب ورائي ، واسندت رأسي عليه بتعب افف متى سأهرب من هنا واعود لبلدتي  ، بدأت بالسير وانا استرجع ذكرياتي في ازقة البلدة وشوارعها .
______________________________
في لندن تحديداً شارع ديسمبر 19 : 10 ليلاً .
شقةً في مبنى رديء وقديم ، يستعد بطلنا للنوم بعد يوم متعب ، اسند الجيتار قرب سريره و ضبط المنبه ، واخيراً رمى نفسه على السرير ، بمعده فارغة واطراف متجمدة وعينان مُحاطة بـ هالات سوداء .
بينما هو على وشك إغماض عينيه ، قُرع الباب فجأة ، وبصراخ : بيركان لقد جاؤوا جاؤوا ،
فتح بيركان الباب بذعر : ويليام مابك يا أخي ؟!
ويليام بخوف وتلعثم  : رجال والدك قادمون الى هنا رأيتهم وهم يسئلون صاحب المبنى .
بيركان  : اللعنة كيف جدوني بهذه السرعة .
اخذ بوضع اغراضه بسرعة ودون ترتيب في الحقيبة ، بينما ويليام يضع الجيتار في الحقيبة : انت ابن آرجو يافتى لاتنسى .
ارتدى بيركان الحقيبة واخذ معطفه بيده وحمل الجيتار : فلنذهب ، اخذ ويليام الجيتار من يد صديقه وركضوا معاً للدرج ، بيركان : اسمع انا... ، لم يكمل كلامه لأن رجالاً ضخام يقفون اسفل الدرج ،
ويليام بهمس : اللعنه .
بيركان بهمس وهو يراقب الرجل يتقدمون نحوه : عند ثلاثة، واحد...، قاطعه ويليام بصراخ : ثلاثة .

___________________________
وقفت امام نافذة باب احدى الفصول المجاورة ،وانا احاول تعديل قدمي من اجل الوقوف جيداً  وبدأت بتأمل اوجه الطلاب ، الكثير منهم يتثائب ، والبعض يتحدثون ويضحكون ، والنادر منهم من يستمع للشرح بإنسجام ، اللتفت للجهة المقابلة لرؤية الدرس ، اوه انها الرياضيات .
طرحت المعلمة سؤالاً ، بدى لي صعباً للغاية ، اساساً الرياضيات كلها صعبة بالنسبة لي على اي حال  ، رفع احدهم يده عرفت ذلك عندما أبتسمت المعلمة والتفت للجهة الأخرى لأرى ذلك العبقري ، لا اصدق انها تلك المغرورة التي التقيت بها صباحاً ، حتى وهي تجيب ترفع أنفها ، كل الشباب دون أستثناء ينظرون اليها  بإنسجام ، توجهت الى اللوحة الالكترونية للكتابة الجواب طبعاً عن طريق اللمس ، انها من اكثر الطرق الحديثة في التدريس والاكثر مللاً .

مشيت ومشيت ومشيت وانا احكم قبضتي على العكاز  ، وتوقفت فوراً وغيرت مسار تجاهي فوراً عند رؤيتي جيداء : اوه دينيز !
اضطررت للألتفاف وانا افكر في كذبة : اه سيدة جيداء ! .
وهي تتجه نحوي : كيف الأحوال  ؟وكيف تسير امور المدرسة  ؟ هل استطعتِ الإرتياح ان شاءالله ؟ .
ياللهي انها تسأل كثيراً ، بابتسامة مصطنعة : يااه اجل اجل كل شيء رائع حقاً يعني من شدة روعته يتعدى الروعة .
وهي تبتسم : جميل ، حسناً إذاً دروساً موفقة .
رحلت وانا اخذت شهيقاً وزفيراً عميقياً ، التفتت ألي فجأة ، حتماً ستسألني الان حتماً : دينيز هناك اوراق عليكِ ان تكميلها انتي وصديقاتك ، مروا ألي في فترة الغداء .
بإبتسامة مصطنعة طبعاً : طبعاً طبعاً سأخبر الفتيات انتي لا تقلقي ابداً .
واخيراً رحلت تلك الشقراء ، اظن انها الوحيدة التي تعاملني هنا كإنسانة ، لاننسى ذلك العجوز انه جيدٌ نوعاً ما ، اكملت سيري بصعوبة مع ساقي ، لو انني اذهب الى صالة الطعام وازعج ذالك الشيف قليلاً لكن مهلاً سيعطيني الان دروساً ونصائح ، وهذا اكثر شيء مُمل ، افففف .
___________________________
يجريان في سطح السكن بسرعة لاينصتان للصراخ الرجال الذي ورائهم ، توقفا عند نهاية السطح ، نظرا الى بعضهما بتساؤل ، بيركان : لا حل آخر ، ويليام بترّجي : بيركان دعنا لانفعل السطح بعيد جداً .
بيركان وهو يستعد للقفز : هيا يا أخي .
قفزا معاً في اللحظة التي مد الرجال اياديهم للإمساكهم ، اكملوا الركض وفتحوا باب سطح العمارة واكملوا الركض من الدرج ، اما الرجال الآخرون ففعلوا بالمثل ، وصلا للشارع وهما يلهثان ، امسك ويليام ذراع بيركان ليوقفه : تـ ـو قـ ـف .
بيركان وهو يجر صديقه : علينا المتابعة يا أخي اسرع  .
ويليام سحب بيركان ودخلا الى احدى الأزقة المظلمة والضيقة وأسند نفسه على الحائط ، جلس كلٌ منهما بتعب
ويليام : أظن انهم أضاعونا .
بيركان بهدوء : اسف .
ويليام وهو يلتفت أليه بدهشة : اوهاا لقد عشنا لنرى ابن آرجو يعتذر .
بيركان : جعلتك تتورط في امور ليست من شأنك .
ويليام وهو يضع يده على كتف صديقه : معاً في السّراء ، معاً في الضّراء
بيركان بإبتسامة : ولكن كيف قفزنا !
ويليام : اووووه تلك حكايةٌ اخرى يا أخي .
ضحكا معاً رغم اختلاف عرقهما ولهجتهما ، وكأنهما شتلتان قُدر لهما الإجتماع في بستانٍ واحد .
__________________________
جلست على احدى المقاعد في الحديقة ، الجو باردٌ ، افكر وأتأمل في البحيرة التي تقبع أمامي ، اغمضت عيّناي واخذت نفساً عميقاً وللحظة جاءت صورة أمي في ذهني ، فتحت عيّناي وكأني اهرب من كابوس يلاحقني كلما أغمضت عينّاي ، لو بدأت بالتمني والتخيل هل ستحل مصيبةٌ كالمرة السابقة ، لو ، لو انها تأتي مع البوابة الضخمة تلك وتسأل عني ، اه دينيز ، وقفت للاتجاه الى المبنى ، لكن شيئاً ما لفت أنتباهي طيف أمرأة ذكرني بنجمةٍ عزيزة ، دعك من التخيلات دينيز ، اكملت سيري لكني سرعان ما اللتفت للتأكد ، لحقت بها وتوقفت عند رؤيتي لها وهي تمد يدها للمصافحة تلك المغرورة سينام وهي تحمل حقيبتها ، لم يكن وجه المرأة واضحاً فقط كنت ارى ظهرها ، اما سينام فأستطيع رؤية علامات الغرور وعدم الرضا وهي تصافح المرأة ، عدت أدراجي ودخلت الى المبنى .
________________________

ذات الشعر الطويل حيث تعيش القصص. اكتشف الآن