رواية
مورستانتنويه : الرواية لا تتناسب مع من هم دون ال18 وذلك لجرأة المحتوى ..
الحشود اجتمعت في رقعة واحدة من القاعة الكبيرة .. اضواء سلطت على المسرح صور رفعت وايادي تحمل ذاك الكتاب الذي اعجب الجميع ... اضواء تخرج من الكاميرات التي اتت لتصور .. توقف المسؤول عن المهرجان ليقدمني عبر الميكروفون وهو يلقي اجمل الكلمات التي تصف قلمي .. انهى كلماته بذكر اسمي ليبدأ الجميع بالتصفيق الحار .. خطوت خطوات واثقة وانا ارسم ابتسامة تظهر مابداخلي من فرح بحصاد ماتعبت من اجله .. صفر البعض والبعض الاخر هتف باسمي بحب .. واخرين هتفوا بأسم ( مورستان ) .. صافحت المسؤول بتقدير لأقف مكانه على الناصية وامامي الميكروفون ليعلوا صوتي عبره ويصبح مسموعا للجميع .. بدأت بالكلام :
اولا قبل ان ابدأ بالحديث عن مورستان .. او عن اي تفاصيل تخصني .. سابدأ بالحديث عنكم .. عن اهميتكم في حياتي .. عن دعمكم وثقتكم بي .. تلك الطاقة التي تمنحوني اياها عندما افكر بأي رواية .. قبل ان تصلكم كلمات وهي مطبوعة على اوراق تبدأون باخباري برأيكم وانتم متلهفين .. واثقين من العمل الذي سأقدمه .. وهذا مايربكني في كل رواية اكتبها .. احاول قدر الامكان ان لا اخيب ظنكم .. ان ارسم ابتسامة على وجوهكم وانتم تقرأون وتصلكم مشاعري عبر كلماتي .. ترونني من خلالها واراكم وانا اكتب .. كل مايكمنني قوله هو شكرا لأنكم هنا .. شكرا لكم اينما كنتم ..
ثانيا سأبدا بالرواية التي اخذت مني عامين في كتابتها .. تعبت من خلالهما ولكن مازرعته الان سيحصد ..
كانت مجموعة افكار متفرقة لقصص .. شئ واحد جمعهم وجعلني افكر في جمع تلك القصص في رواية واحدة .. وهو الجنون الذي قد يصيب الشخص عندما يحب .. لا ذاك الجنون الذي يغنى ولا الذي يقوله المراهقين .. هو جنون من نوع اخر ....
عندما وجدت الشئ الذي جمع بين تلك الشخصيات .. وهو مرض نفسي اسميه ( جنون العشق ) لاينتمي لفئة معينة من الامراض بل ربما لم يثبت وجوده بعد ..
ولأن تلك الامراض نفسية .. ولا يوجد شئ يجمع بين تلك الشخصيات حتى المرض الذي ابحث عنه غير موجود .. قررت ان اجمعهم في مكان مخصص للجنون !..
مورستان .. هي كلمة مرادفة لكلمة ( بيمرستان ) .. فارسية الاصل وقد سميت اول مشفى لامراض العقلية بهذا الاسم ..
احببت فكرة ان نعود للاصل ربما وجد في زمن ما ذاك الجنون الذي ارتبطت به شخصياتي ...
اتمنى حقا ان تستمتعوا بما ستقرؤنه ...
....
( دلال )
سرت بخطوات سريعة متحمسة عابرة في الرواق الطويل الذي ينتهي به المطاف بباب بيضاء علق عليها اسم استاذي ( الدكتور : علاء عبد الله ) ..
طرقت الباب وانا اتهيا لمقابلته .. حتى سمعت صوته وهو يأذن لي بالدخول .. ادرت مقبض الباب لأدخل للداخل وعلى شفتي ترسم ملامح الابتسامة .. قلت بتحية : مرحبا استاذ .
قهقه بمرح وهو يقول : اهلا دلال .. ذكرتيني بأيام الجامعة نفس دخلتج وتوترج .
ابتسمت بخجل وانا مازلت استعيد ذات الشعور كلما رأيته .. مظهره مهيب وكله وقار .. حيث يغزو الشيب شعره وذقنه .. تختبئ عيناه الضيقتان خلف نظارة طبية ذات اطار رفيع ولكن لونهما البني يبرز عبر قطع الزجاج .. رغم تقدمه بالسن الا انه مثال للياقة والشباب .. لطالما او ربما كان ومازال قدوتي واجده من الرجال المهمين في حياتي بعد والدي ..
اشار الي بالجلوس على الكرسي الذي امام مكتبه .. جلست لأنتظره ليبدأ بالحديث متسائلا : قدمتي على المستشفى العام للطب النفسي ؟.
قلت بايجاب : اي بس بعدهم مردولي خبر .
ابتسم بفرح استنكرته لينهض قائلا : ممتاز .
قلت ببلاهة : ممتاز !.
سار باتجاه خزانة الملفات التي تقابل مكتبه .. فتحها وبدأ يبحث ليقول لي : جهزتلج مكتب .
التفت اليه وانا لم افهم بعد : عفوا مفهم !.
التفت قليلا لينظر الي متسائلا : تحبين تشتغلين بعيادتي ( مورستان ) ؟.
!!..
صدمت من !.. هل حقا يعني مايقول !.. اعمل برفقته في عيادته الشهيرة !.. اشهر العيادات في مدينتنا !..
عاد للبحث وهو يعلق : هههه ادري موافقة .
تأتأت لأقف قائلة : أأ.. ستاذ .. اني .. م.. شكرأ .. يعني ..
اخرج ملفات وسار مقتربا نحوي ليجلس على الكرسي الذي يقابلني .. ضحك وهو ينظر الي متسائلا : مرح تقعدين .
ادركت انني مازلت متوقفة فجلست فورا بتوتر .. وضع الملفات على الطاولة الصغيرة التي بيننا .. اسند مرفقه على المكتب الذي على يمينه ليقل وهو يمسح ذقنه : دلال شنو الي خلاني اوصل لهاي المرحلة والي خلا عيادتي تنشهر بهاي الطريقة ؟.
سؤال صعب بالنسبة لي لرجل اجد فيه جميع صفات الاكتمال .. بدات اعد له ماحضيت به من اجابات وردت في ذهني في تلك اللحظة دون ان افكر : لأنك ذكي جدا .. اكثر استاذ قارئ للكتب والمراجع .. عندك طريقة خاصة تتعامل بيها ويا الناس وتتواصل وياهم .. مممم تفهم الي قدامك بدون كلام ..
قاطعني قائلا وهو يرفع سبابته ليقل : شي واحد بس .
نظرت له بحيرة .. عاد بظهره للكرسي قائلا بثقة : ان طبيعة الامراض الي اعالجها شاذة .. او نقدر نقول مو موجودة بمجتمعنا .. هالكلمة مال مو موجودة احنا نصنعها .. افضل نقول انها متخبية .. نسترها .
تسائلت ببلاهة : مثل شنو ؟.
ابتسم كأنه كان متوقع سؤالي ليشير الي بعيناه للملفلات : مثل هالحالات .. حولتهم عليج .. اريدج تدرسيهم وانتي بنفسج رح تكتشفين شنو هالامراض .
بدأت اشعر بالحماس لأقل له : حاضر استاذ .
....
بعد ان اتممت اجراءات العمل بدأت بدراستها بعد ان التقيت بهم كلقاء اول ...
....
( الحالة الاولى )
مازلت اتذكر هيئته عندما دخل لمكتبي وهو يرتدي بدلة سوداء .. شعره ذقنه ينمو بعشوائية .. عيناه ناعستان ويبدو عليهما التعب .. نظر حوله وكأنه يبحث عن مكان اطلب منه الجلوس عليه .. نهضت من مكاني قائلة : تفضل بأي مكان تحبه اهم شي ترتاح عليه وتقدر تحجي .
جلس على الاريكة القطنية التي اضع عليها وسادات عدة .. سرت بأتجاه الة صنع القهوة لأسأله : شنو تحب تشرب ؟.
اجابني ببرود : قهوة سادة .
كنت واثقة من اختياره .. كل شئ اسود يحيط به بل حتى السواد يغطي داخله .. اثناء اعدادي للقهوة سألته وانا احاول ان اجعله يشعر بالراحة كأنه في منزله : اسم حضرتك قالتلي الممرضة حسن !.
التفت لأجده يسرح في عالم اخر يحرك رأسه بايجاب وببطئ .. حملت كوبي القهوة لأضع خاصته امامه متسائلة : تحب نتعرف اكثر ولا تدخل بالتفاصيل .
لم يجبني بل سألني قائلا : بشنو يفيد تعرفين معلومات عني ؟.
كان غامضا شعرت انه يخشى ان يبوح اي تفاصيل عنه !.. هو مهم بالنسبة لي ولكن حاولت ان اتغاضى عن الامر لأكسب ثقته : خلص حسمع الشي الي انت تحب تقوله هاي بس بأول جلسة ..
رفعت يدي مشيرة اليه بهدوء : فرغ طاقتك وقول الي انت حابه .. الجلسات الجاية رح تطيني تفاصيل لازم اعرفها عنك .
اومأ برأسه بايجاب .. ليتنهد ويمد يده اليسار ليمسك بكوب القهوة .. تجرع رشفة منها ربما ليتذكر مرارة ماعاشه ...
قال بهدوء : زوجتي توفت من اكثر من سنتين بمرض .. وو ..
بقي صامتا يحاول ان يجمع كلماته .. اما انا فراقبت عيناه اللتان كانتا تلمعان كأنه يتذكر او يحاول ان يستوعب موتها !.. اصبحت انا مشدودة اكثر ارغب ان يكمل واسمع قصته ..
فاجاب ربما رغبتي واسترسل : وبس من بعدها كل شي صار اسود .
هذا واضح !.. سألته : عندكم اولاد ؟.
حرك راسه نافيا ليقول بضيق : مجانت تقدر تخلف .
دونت تك المعلومات في دفتري .. الى الان حالته شبه مألوفة .. استمعت اليه وهو يكمل : صار سنتين احاول ادور على حل .
سألته باستفهام : حل لشنو ؟.
- اني احييها من جديد .
!..
اصابتني الصدمة لأضع دفتري جانبا واركز جميع حواسي فيما قاله !.. لوهلة كنت ساشك ان حزنه اصابه بالجنون ليبحث عن شئ يحي الموتى ربما !.. او انه دخل في مرحلة من الهلاوس والانفصام .. ولكن اخر شئ قاله جعلني اذهل اكثر لأنه كسر جميع توقعاتي ...
- لقيت وحدة تحل مكانها .
!..
( الحالة الثانية )
تم استدعائي لزيارة مريضة في المنزل .. رغم انني لا اقوم بزيارات منزلية ولكنني لبيت رجاء زوج تلك الحالة .. كان صوته منهكا .. كأنه غريق او عاجز .. وصلت لشقته برفقة ممرضتي ليفتح هو لي الباب .. كان شاب في نهاية عقده الثاني او ربما اقب للتو على الثالث .. ابيض وشعره اسود .. طويل القامة .. كان مرتبكا للغاية وهو يشير الي لأدخل .. دخلت لداخل الشقة الواسعة .. المطبخ المرتب يطل على الصالة الواسعة التي كانت تحتوي ارائك بيضاء ووسائد ملونة .. شراشف ملونة ومكتبة على شكل ارفف معلقة .. جلست على الاريكة وبجانبي الممرضة اما هو امامي ...
قالت وهو يحاول تدارك نفسه : زوجتي مادري شبيها .. تتصرف تصرفات غريبة .
سالته وانا احاول ان اهدئ من روعه : اهدى .. بس حاول تفهمني .
فرك يديه ببعضهما ليقل : زوجتي البارحة سوت حادث سيارة .. حادث تقريبا بسيط مجرد رضوخ وطلعت من المستشفى بنفس اليوم بس الدكتور طلب من عندي انها ترتاح .. من شوي قعدت ...
صمت كأنه تذكر ليصدم مرة اخرى .. قال وهو يهز رأسه : مدتعرفني .. حاولت اسألها اذا تذكر شئ بس متذكرت .. سألت الدكتور عن حالتها اذا جان شئ اثر على ذاكرتها .. وفعلا اكدلي انه هالشئ وارد ويعتبر فقدان للذاكرة مؤقت .
قلت وانا منصتة اليه : طيب شنو المشكلة ؟.
قال بتردد : المشكلة انها تقول عمرها 8 سنوات .
اتسعت حدقتا عيني بعد ان انهى كلامه !.. نظرت للممرضة التي نظرت لي فورا !.. نهضت والفضول يدفعني لرؤيتها قائلة : اقدر اشوفها .
نهض هو ليشير الي : اكيد تفضلي .
سرت خلفه لادخل لغرفة نومهما .. غرفة واسعة بيضاء بسرير واسع .. كانت هي تجلس عليه وتشد الفراش على جسدها بخوف .. كان وجهها صغير شعرها قصير بني .. التفت لزوجها قائلة بهمس : ممكن تتركنا !.
اومأ برأسه وهو مازال ينظر اليها ليخرج ويتركنا .. قالت هي بنبرة باكية : منو انتي ؟.
سألتها وانا اقترب لأجلس على حافة السرير : انتي متعرفيني ؟.
لوت شفتها السفلى قائلة : لا .. وماعرف اني وين .. وهذاك عمو منو !.
رفعت حاجبي باستنكار لأسألها : انتي شقد عمرج ؟.
رفعت يداها كالاطفال لتشير باصابعها على الرقم ثمانية !..
سألتها قائلة : شنو اسمج زين ؟.
- دينا .
- دينا حبيبتي تعرفين منو بابا وماما ؟.
حركت رأسها نافية .. قالت : لا .. بس هذا بابا !.
- مممم لا يعني .. أأ..
لم اجد شئ لأقوله لاسيما وهي كانت على حافة الانفجار باكية ... نهضت قائلة وانا ابتسم : لتخافين انتي ببيتج .. ماشي !.
اومأت برأسها وهي تحاول ان تطمئن نفسها ...
...
خرجت من الغرفة لأخرج هاتفي من جيبي واتصل باستاذي الذي يعتبر قدوة بالنسبة الي واب بشكل شخصي ...
اخبرته عن حالتها وانني لم اجد اي تفسير لهذه الحالة سوى ان الحادث قد اثر عليها ..
ولكنه سألني سؤالا ذكيا وهو لم تحديدا طفلة في سن الثامنة !!..
نقطة مهمة لم اتوقف عندها .. فقررت ان اتحرى عن تفاصيل حياتها بشكل شخصي ...
جلست امام زوجها وانا ادون المعلومات عنهما لأسأله : شقد عمرها هي ؟.
اجابني : عشرين .
- وحضرتك ؟.
- 28 .
- تزوجتوا عن حب ؟.
اومأ وهو مازال مشوشا : اي .
- من كم سنة مزوجين ؟.
- تقريبا سنة ونص .
سألته : زوجتك مجانت تفكر بالاطفال موضوع الخلفة مثلا !.
قال نافيا : متفقين ان ورا كم سنة لحد ماتخلص جامعة .
عقدت حاجبي وبدأت انظر للورقة التي امامي .. وجودي مع زوجها لاينفع بقدر حاجتي للتواصل مع عائلتها ..
....
( الحالة الثالثة )
دخل مكتبي وهو يرتدي نظارة سوداء .. يرتدي بدلة فخمة تدل على انه شخص ذا منصب منهم .. خلع نظارته ووضعها على الطاولة امامه .. تلفت حوله ليسألني : اقعد هناك مثل الافلام ؟.
ابتسمت لأجيبه : لا موشرط اهم شي تكون مرتاح .
ولكن وجهه لم يكن كذلك .. كان متوترا جدا .. ربما تواجده في مكان كهذا هو الذي جعله كذلك .. سألته : شنو الي مخليك مو ع بعضك ؟.. تحب نغير المكان .
كأنه كان ينتظرني ان اقترح هذا الاقتراح لينتصب متوقفا : اي ياريت .
نهضت وانا احمل دفتري وقلمي وسرت من خلف المكتب قائلة له : الميزة الحلوة بهالعمارة انهم مسوين السطح ع شكل كافيه نقدر نحجي هناك ولتخاف محد يشوفك .
...
هذه المشكلة يعاني منها اغلب مرضاء وهو نظرة الناس لهم وهم يزورون اطباء نفسيين .. رغم ان الجميع يحتاجون لذلك ولكن الاغلبية ترفض ان تعترف .. ربما يرون الاعتراف بمشاعرهم ضعف ...
جلست امامه على الطاولة التي في المقهى الذي على سطح العمارة .. كان يشبك اصابعه بشكل رسمي كأنه يجلس في اجتماع عمل ..
ابتسمت لأسأله قائلة : قلت ان اسمك طارق ؟.
ارتبك ليقل : اي .
- حضرتك شنو تشتغل ؟.
- م.. هندس .
قالها وهو يمسح انفه فعلمت من حركة جسده وتوتره انه كاذب ولكن لابأس ... نظر حوله كأنه يتأكد انه لايوجد شخص يراه ليقل : زوجتي ماتت وهي دتولد ابني ..
دس يده في جيبه الداخلي للمعطف واخرج منها سيجارة .. احرق طرفها وسبح كمية من الدخان لزفره مردفا : ربيت ابني ومحبيت اجيبله زوجة اب .
سألته : محبيت تجيبله اله ولا الك !.
ابتسم بثقة : تقدرين تقولين الاثنين .
- او اكثر شي انت .
فكر قليلا ليقل بعدها : ممكن ... كبر وحياتنا مستقرة ماينقصنا شي .. لحد ما شفتها .
سالته بفضول : منو هي ؟.
- نايا ...
ابتسم كأن اسمها يدغدغ احساسيه ..
- زميلة ابني بالمدرسة .. هههه تخيلي !.
نظرت له باستنكار ولكنه كان يؤنب نفسه وهو يتابع التدخن بشكل اكبر كأنه يحرق توتره لا السيجارة التي بين يديه ...
....
( الحالة الرابعة )
اخبرتني الممرضة ان المريضة التالية هي فتاة مراهقة اسمها ليليان .. تأففت وانا اتوقع انها تعاني مشكلة مشابهة للمراهقات اللاتي يأتين بحجة الحبيب الذي خذلهن والحبيب الخائن ..
فتحت الباب لتدخل .. كان شعرها اسود طويل .. عيناها رماديتان ولكن يحيط بهما تورم ربما لكثرة البكاء .. وجهها ابيض ولكنه متعب .. اغلقت الباب خلفها بحذر وبدأت تتلفعت حولها وهي تشد على كم قميصها اكثر وتفرك يداها بتوتر .. نهضت من مكاني وانا ابتسم اليها احاول ان اطمئنها : مرحبا .
كأنها ادركت وجودي لتقل لي ببرود : اهلا .
اشرت لها بيدي لتجلس على الاريكة فجلست ووضعت احدى الوسائد على صدرها لتحتضنها وتبدأ بعصر اطرافها ...
سألتها قبل ان اجلس مكاني : تشربين شي !.. عصير او اي شي ؟.
حركت رأسها نافية .. قالت وهي تنظر لي برجاء : ماكو وقت .
جلست وانا انظر لها باستفسار : ماكو وقت لشنو ؟.
بدأت الدموع تتسلسل من عيناها بهدوء لتقل : اني خايفة منه .. احسه وياي بكل مكان .
اعتقدت انها تعاني من الهلوسة .. فحاولت ان اطمئنها : لتخافين اني وياج محد يقدر يسمع الي دنقوله .
رفعت يدها لتمسح دموعها : بس اني خايفة يعرف اني قلت لأحد .
....
حسن
مر شهر كامل وانا اراقبها يوميا ... عرفت من خلال مراقبتي لها بعض المعلومات التي تخص حياتها .. فهي الاخت الصغرى لأربع اخوات يقطن معها في المنزل هن وازواجهن .. تذهب يوميا للجامعة بوقت محدد ولاتخرج لأي مكان سواها .. الا في العطل الاسبوعية حيث تخرج برفقة العائلة ..
فكرت في الشئ الذي سيساعدني في الحصول عليها وهو انها تعمل مساءا مساعدة لدى الطبيبة التي في الحي .. من كثرة مراقبتي اصبحت اتقن معرفة التواقيت التي ستخرج بها وعبر اي شارع ستقصد متجهة الى وجهتها ...
...
سرت بجهة معاكسة اليها وضربات قلبي تتسارع اشعر بلهفة الوصول لفريستي .. حماس وشغف يقودني للاقتراب منها اكثر .. توقفت امامها فتوقفت هي لتنظر الي باستفهام !..
ابتسمت وانا ارى ملامح الاستفهام هذه التي كانت تشبه ملامح هالة .. هي لاتشبهها في الملامح بل ربما روحها .. شئ بحثت عنه في نساء كثيرات لم اجده الي فيها .. لم اكن لأفقد الامل في البحث عن نسخة مطابقة لروحها .. واخيرا وجدتها .. ارغب بلمسها .. تذوقها .. ادراكها بين يدي ..
قلت وانا اصطنع الكذب : مرحبا .. اسف بس مو انتي مساعدة الدكتورة امل ؟.
قالت بايجاب : اي تفضل .
اشرت بيدي لسيارتي قائلا : ابني الصغير كلش تعبان رحت للدكتورة مالقيتها حرارته مرتفعة بس اريدج تشوفيلي وضعه اذا متأزم لو لا .
سألتني قائلة : ليش موديته مستشفى ؟.
كانت ذكية في سؤالها .. كان شيئا متوقع منها .. اجبتها : لأن البارحة شافته الدكتورة امل واطته ادوية وقالت اذا يصير شي تعال قولي .. وحرارته هسة فجاة ارتفعت .. اتوقع انتي احسن وحدة تشوفه .
بلعت ريقها ثم قالت بارتجال : حاضر .
حاولت قدر المستطاع اخفاء ابتسامتي برمي الطعم والتقاطها له .. اشرت بيدي لسيارتي التي اصفها على بعد مسافة قريبة ..
.....
خالد
مازلت لا اصدق ماحدث لدينا !.. جلست مدة احاول ان اتقبل الحل الذي اقترحته علي الطبيبة دلال بأن اسايرها ريثما تتحسن حالتها لأن التعامل معها بغير ذلك قد يؤدي لاصابتها بالصدمة ...
لم استطع اخبار والديها ولا والدي .. لايمكنني ان اخبر احدا فلا اظن ان الجميع سيوافق على هذا الحل والخضوع له .. ولاسيما والدتي التي تبحث عن ثغرة لها لتخبرني انني كنت على خطأ حينما اصريت على الزواج بها ...
سمعت باب الغرفة فالتفت اثناء جلوسي على الاريكة التي امام الي الباب لأراها تخرج من الغرفة بخطوات بطيئة متوجسة كأنها ترى المكان للمرة الاولى .. حاولت ان اكتم غصتي وقلت وانا ابتسم لها : تعالي حبيبتي .
سارت متقدمة لاريكتي وتوقفت امامي لتسألني : انت بابا مو ؟.
ابتسمت بحنان لأمد يدي وامسك بوجهها الطفولي : انتي شتريديني اكون ؟.
- انت جبير لو صغير جان سويتك صديقي .
- هههههه .. اوكي اعتبريني ابوج وامج وخالتج .
- ههههه ماكو خالة عندها شوارب .
سحبتها لأجلسها على فخذي قائلا بمزاح : هههههه لا اكو .
قالت كالاطفال بتعجب : اكو !.
- اي خالتي ههههههه .
قبلت وجنتها وانا اشعر انني تائه .. احتاج اليها ان تخبرني مالذي افعله !.. كيف اتصرف !.. هذا قد يكون اصعب اختبار نمر به فلطالما تجاوزنا تلك الصعوبات والمعوقات التي كادت ان تمنعنا من الزواج .. ولكن هذه المرة مختلفة !..
سألتني قائلة : بابا وين غرفتي ؟.
عقدت حاجبي قائلا : بالغرفة الي جنتي بيها .
نهضت وتوقفت لتقابلني وهي تحرك رأسها بنفي : لا ماريد .. اريد غرفة بحدي شنو اني ماعندي وين جنت انام !.
كانت شهية وهي تدعي الطفولة حركت رجولتي لأقول لها بمكر : متريدين تنامين بحضن بابا ؟.
رفعت يدها لفكها تمسك به وتفكر ثم قالت : اليوم اي باجر سويلي غرفة مثل كل البنات .
بدأت افكر في كيفية صنع غرفة لها !.. فتلك الغرفة الفارغة اغلقناها لحين رغبتنا في انجاب طفل !.. اشعر بالاختناق .. هي لوكانت مكاني مالذي كانت ستفعله !.. بالطبع ستبقى بجانبي لأتخطى مرضي ..
هذا الوقت المناسب لأثبت اليها قدر حبي لها ...
...
( طارق )
كنت غاطا بالنوم ولكن صوت رنين يتسلسل لأحلامي فيبدأ بازعاجي .. فتحت عيني بتثاقل لأمد يدي باتجاه الهاتف اعلى الطاولة التي بجانبي .. نظرت للمتصل انه مدير مدرسة مروان .. تأففت لأنهض بجسدي قليلا واسند ظهري على مقدمة السرير وانا امسح عيني بنعاس .. اجبته وانا انظر للتي تنام بجانبي العارية .. حتى انني لا اذكر اسمها .. طلب مني حضور مجلس الاباء الذي يقيمه المدرسة بصفتي والد مروان وايضا احد المالكين للمدرسة ..
نهضت بتثاقل لأسير للحمام واغسل جسدي الذي عاد للحياة بعد تلك الليلة الساخنة التي قضيتها .. لا افضل بائعات الهوى ولا احب للرخصيات ان يدخلن فراشي .. اختار بعناية من التي ستقضي الليلة وهي تواجهني في المعركة التي انتصر انا بها في كل مرة .. كأب ارمل احتاج لهذا ولكنني لا افعله الا مرات معدودة لتجديد النشاط فقط ..
اتجهت الى مدرسة مروان الكبيرة التي تضم جميع المراحل الدراسية .. دخلت الى الساحة الكبيرة وانا انظر الى الطلاب والطالبات .. ابحث من بينهم على مروان بعد ان انهيت الاجتماع الممل كالعادة .. رأيته اخيرا وهو يقف برفقة فتاة يثرثران .. سرت باتجاههما وانا اركز عليه لم انتبه للقمر الذي هبط من السماء في النهار ليرافقه ..
نظر الي بدهشة وهو يضحك : بابا !.. شتسوي هنا .
ضربته على ظهره بخفة كأنني احتضنه : مشتكين منج المدرسين .
نظر لي بدهشة : لا وين اني شاطر اسألها .
ازحت بصري عنه لأراها لاول مرة .. عيناها الملونتان بلون غريب رائع .. شعره وهي ترفعه خلف رأسها .. وجنتاها المتوردان .. جسدها الذي بدأت عليه علامات النضوج .. اشار مروان اليها قائلا : بابا اعرفك بنايا .. زميلتي .
مددت يدي لاصافحها : تشرفت .
قالت برقة : اني اكثر .
شعرت باثارة تجاهها لم تسيطر علي من قبل .. وايضا تجاه فتاة في السادسة عشر !.. وجدت الادرينالين يرتفع في جسدي وتزداد نسبته لتزيد من دقات قلبي التي ظننت للحظة ان صوته بات مسموعا ...
ومن هنا وقعت بها ...
...
( ليليان )
في كل يوم اعود به للمنزل اتوجس خيفة من رؤيته .. مالذي سأفعله ان عاد ليزورنا !.. هل اصرخ بوجهه واخبر الجميع بحقيقته !.. ولكن !..
انا لست اهلا لمواجهته لاطاقة لي للوقوف ضده فأنا الطرف المغلوب دائما ان كنت ضده ...
تناولت الغداء برفقة جدتي الصامتة .. استغرب كثيرا من تصرفاتها التي تهمشني دوما .. وكانني لا اعيش معها ..
سألتني لتربكني : دتتصلين برائد ؟.
بلعت الطعام بغصة قائلة : لــ ا .
- رح يجي يزورنا اليوم .
سقطت الملعقة من يدي لتصدر صوتا مزعجا .. قلت لها وانا انهض : اني تعبانة حدرس وانام ماقدر اشوف احد .
سرت بسرعة متجهة لغرفتي زقبل ان تجادلني وتجبرني على رؤيته ...
....