الجزء الأول
كانت نور تكافح لتصل إلى فيلا(رائد) رجل الأعمال الذي دلها محاميها على عنوانه و أخبرها أن تذهب لتعمل عنده.... كانت رياح الشتاء شديده جدا و احست نور أن أطرافها ستتجمد، نظرت في الورقة التي تحملها و عرفت أنه لم يتبقى إلا القليل لتصل إلى الفيلا و تقابل رب عملها الجديد هذا إن وافق على توظيفها ... كانت متعبه لأنها تسير منذ ساعة في ذلك البرد و استغربت من موقع هذه الفيلا فهي بعيدة عن الطريق الرئيسي... معزولة نوعا ما و أقرب مكان استطاعت ان تصل له بالحافلة يبعد ثلاثة اميال عنها، ارتجفت عندما تذكرت كلام رؤوف عن رائد: لا تحاولي ان تغضبيه و لن أخفي عنك كرهه و عداؤه الواضح للنساء فقد تركته زوجته عندما مر بأزمة مالية لترحل مع رجل آخر رغم ان هذه الحادثة كانت من سبع سنوات إلا أنه مازال يشعر بالمرارة تجاه النساء...
عندما لاحظ نظرة الخوف في عينيها طمأنها: لكن لا تقلقي سوف أتصل به و أوصيه بك....
عادت بذكرياتها إلى بداية معرفتها برؤوف ... هو الوحيد الذي صدقها و دافع عنها ...كل من حولها تخلوا عنها بمجرد ان ألقي القبض عليها.... لم يستطع رؤوف ان يحصل لها على البراءة و حكم عليها بثلاث سنوات في السجن و عندما خرجت بعد نصف المدة وجدت نبيل_ اخيها من الأب_ و الذي تسبب في سجنها قد بدد كل أموالها و تسبب في خسارتها لفندقها و مكتب السفريات الخاص بها..... لم تجد من تلجأ له سوى رؤوف الذي أخبرها أنه سيجد لها عمل عند رائد شقيق زوجته .... استفاقت نور من ذكرياتها عندما اقتلعتها موجة هواء و أطاحت بها، أخذت تئن ألما و لكنها ما لبثت ان وقفت و حملت حقيبتها الوحيدة و التي تحتوي على كل ما تملك و علقت حقيبة يدها الصغيرة على كتفها.... شدت معطفها حولها ليمنحها بعض الدفء لكن بلا جدوى و أكملت طريقها، طوال سيرها شغل تفكيرها كيف ستكون ردة فعل رائد عندما يعرف أن المتقدمة للوظيفة محكومة سابقة؟ كيف سيعاملها؟ لكن ألم يكن ذلك ظلما.... تذكرت ما حدث في ذلك اليوم المشؤوم و كأنه كان بالأمس.... عندما زادت بلاغات لسرقات تحدث في فندقها و بدأ السياح بالشكوى.... أحست نور أن لاخيها نبيل يد في هذا الامر فطالما كان لاهيا و مستهتر وكانت دوما ما تحذره من نتائج أفعاله....لكن هذه المرة كان يجب عليها ان تتخد خطوة لأن الأمر وصل لعملها و عملائها....في آخر مرة دخلت سيدة انكليزيه مسنة عليها مكتبها و هي تصرخ أن علبة مجوهراتها سرقت مع الحقيبة التي تحتوي على كل أموالها، حاولت نور تهدءتها لكن بلا نتيجة فقد اتصلت بالشرطة.... اول ما طرأ في فكر نور اخيها فركضت للغرفة التي دوما ما تحجزها له عندما يرغب في مأوى قبل ان يتابع صولاته و جولاته و عندما دخلت عليه وجدته يمسك بصندوق صغير عرفت أنه لتلك السيدة و عندما اتهمته بكل السرقات السابقة
قال لها بكل تبجح:نعم إنه أنا...أنا من فعلت كل هذا أتظنين أنني سأرضى بالفتات الذي تعيطيني إياه كل شهر،
أحست نور بطعنة في صدرها صاحت به: فتات؟ أهذا جزائي... لقد اعتنيت بك بعد وفاة والدنا و تحملت كل تصرفاتك الطائشة و نتائجها المريعة و لطالما سددت ديونك.... أهكذا تكافئني؟ تسرق زبائن فندقي؟ هل تريد أن تهدم المورد الوحيد الذي يعيلنا و يوفر لنا حياة كريمة و مريحة؟..... تناها إلى سمعهما صوت أبواق سيارات الشرطة،
ابتسم نبيل ابتسامة صفراء:حان وقت الوداع يا اختاه...ثم غصن جبينه في حركة تمثيلية
وبحقد: لطالما كنت المفضلة لوالدي كم من المؤسف ما ستؤول له الامور و ما سيحل بالابنة المثالية، أخذ الصندوق و قذف لها قبلة في الهواء و خرج من باب خلفي للغرفة....
لم تستطع نور ان تتحرك من فرط ذهولها <أيعقل أن يفعل أخي بي كل هذا!!> اقتحمت الشرطة الغرفة و بعد تفتيشها وجدوا بها العديد من هويات السياح و محافظهم بالاضافة إلى بعض الاموال التي تركها نبيل و راءه و بما أن نور كانت تسجل هذه الغرفة لاخيها باسمها فأصبحت هي الوحيدة في الصورة....هزت نور رأسها بقهر لتنفض عنها هذه الذكرى....رأت من بعيد أنوار الفيلا فحثت خطاها، ضغطت زر الجهاز الموجود بجوار البوابة الحديدية الكبيرة
و بعد فترة سمعت صوت مشوش: نعم،
قالت: أنا الموظفة الجديدة لقد أرسلني الاستاذ رؤوف لأقابل السيد رائد، لم تسمع رد من الطرف الآخر لكن ما هي إلا لحظات و فتحت البوابة تلقائيا ....مشت نور في الحديقة المحيطة بالفيلا حتى وصلت للباب فتحت لها سيدة مسنة باسمة الأسارير: ادخلي يا طفلتي قبل ان تتجمدي بردا.... انا شاهيناز مدبرة المنزل بامكانك مناداتي شوشو كما يدعوني الكل هنا، قادتها للمكتب: استريحي.... سوف يحضر السيد رائد خلال دقائق ...هل ترغبين في شرب شئ؟
كانت نور تعاني من تقلص في معدتها بسبب احساسها بالخوف و الترقب لمقابلة السيد رائد فهزت رأسها نفيا، عندما خرجت شاهيناز أنزلت نور حملها أرضا و جلست على أريكة و نظرت من النافذة إلى الخارج و أحست بالدفء يغزو جسمها فكرت<إنه من الجميل أن يجد المرء مكان يلجأ له> أسندت رأسها على يد الأريكه..... لم تدري كم من الوقت غفت و لكنها عندما فتحت عينيها رأته يقف يتأملها و هي نائمة... استقامت في جلستها و اخذت ترتب شعرها المشعث ثم وقفت.... بدى عليها الارتباك الشديد، نظر لها
رائد و أحس بانقباض... غضب من نفسه...لقد علم نفسه منذ سبع سنوات أن لا يدع أي امرأة تؤثر به أو ان تستحق منه أكثر من نظرة عابرة أما هذه الفتاة فقد أثارت رؤيتها و هي تنام بسكينة كالأطفال احساسه بأنه يرغب في حمايتها، نظرت له و عندما استمر في صمته كأنه لا يشعر بوجودها
قالت: لابد أنك السيد رائد،
قال لها بخشونه:و لابد أنك الآنسة عصمت...نور عصمت،
قالت: نعم إنها أنا،
سار حول مكتبه ثم جلس وراءه و أشار لها بأن تجلس على كرسي مقابل للمكتب
باختصار: مما فهمته من زوج شقيقتي رؤوف أنه مهتم بأن تعملي و لقد أشاد بك كثيرا و بناءا على كلامه سوف تكونين مربية لابنتي نارا سترعين أمورها و ما إلى ذلك، نظر لها فوجدها مذهولة، و هي لم تستوعب كلامه ...
كيف له ان يوظفها كمربية لابنته بهذه البساطة... يبدو أن رؤوف لم يوضح له كل شئ عنها،
سألها: عفوا يا آنسه ألم يخبرك رؤوف بأن لي ابنه؟، قالت له لا لقد اخبرني لكن الأمر هو...الأمر...عندما استمرت في اللعثمة و أحمر وجهها مال على المكتب و سألها: ما هو هذا الأمر؟، شئ في لهجته أنبأها باقتراب وقوع كارثة
قالت:من المؤكد أن الأستاذ رؤوف يعرفني من فترة، قال لها: نعم ألم تكوني صديقة لاختي داليا؟،
قالت: لا،
سألها: ألم تلتقي بها من قبل؟،
قالت: لا معرفتي بالأستاذ رؤوف لم تكن من طرف شقيقتك لقد كنا نعمل معا على قضيه،
قال لها: كنت مساعدة له؟،
قالت: لا، أحست بنفاذ صبره
و هو يقول: ماذا هناك يا آنسة نور؟،
قالت : لقد كنت موكلته،
صمت قليلا ثم قال: اهااا و طبعا تمت تبرءتك، هنا رفعت نور عينيها و نظرت له.... لاحظ رائد نظرة الرعب في عينيها
قالت بسرعة: هذا هو الأمر لم تتم تبرءتي لقد حكم علي بثلاث سنوات سجن لكنني خرجت بعد نصف المدة لحسن السلوك، اعقب جملتها صمت رهيب و كأنها فجرت قنبلة بعدها انتفض رائد واقفا و خرج من الغرفة و عندما عاد انفجر بها: بماذا كان رؤوف يفكر عندما أرسلك إلى هنا .... بحق الله إن لك سجل إجرامي و لقد خرجت للتو من السجن،
أصابتها كلماته في الصميم لكنه و لشدة غضبه لم يلاحظ أثر كلماته الجارحة، أحست نور انها اكتفت لليوم فبعد المعاناة في الوصول إلى هنا تواجه هذه الاهانات
فهبت واقفة: كنت اظن ان الاستاذ رؤوف أوضح لك كل شئ في ما يخصني،
صاح بها: عندما حدثني عنك كان الاتصال غير واضح بسبب سوء الاحوال الجويه و انقطع الخط بيننا قبل أن يذكر أي كلمة عن كونك كنت مسجونة و عندما خرجت الآن اتصلت به و أبلغتني عبير اختي أنه سافر في مهمة ولن يعود قبل شهر، عندما استمر في صياحه
صرخت: يكفي...يكفي يا سيد رائد لا يوجد داعي لهذه الجلبة ان لم توظفني سأرحل فوجئ رائد بموجة القوة التي اعترتها فجاة
قال بهدوء وبقسوة: نعم لن أوظفك و سترحلين... لقد كنت أرغب في مساعدتك و لو على الاقل إكراما لزوج شقيقتي لكن لا مكان عندي للمجرمين، لم يخفى على رائد بريق الألم الذي لمع في عينيها إلا انها أخفضت عينيها سريعا و حملت اغراضها و خرجت من الغرفة... و هي تخرج مسرعة اصطدمت بطفلة فسقطا معا و قفت نور و امسكت بكتفي الطفلة تساعدها على الوقوف ابتسمت لها و
قالت: أنا نارا من انت؟،
ابتسمت نور و كانت على وشك ان تعرف عن نفسها إلا ان رائد انتزع ابنته من بين يديها
و قال : هناك أناس يجب ان لا تتعرفي عليهم ، لم تفهم الطفلة مقصد أبيها إلا ان نور فهمت.... خنقتها العبرة استدارت و ركضت خارج الفيلا.يتبعــــــــــ.........
أنت تقرأ
رواية بريئة ..... * مميزة *
Romanceكانت نور تكافح لتصل إلى فيلا(رائد) رجل الأعمال الذي دلها محاميها على عنوانه و أخبرها أن تذهب لتعمل عنده.... كانت رياح الشتاء شديده جدا و احست نور أن أطرافها ستتجمد، نظرت في الورقة التي تحملها و عرفت أنه لم يتبقى إلا القليل لتصل إلى الفيلا و تقابل رب...