الجزء الثالت
في أحد الأيام رأت شاهيناز رائد و هو يحضر زجاجات دواء من الخزانه بالمطبخ..... كانت منهمك في قراءة التعليمات على العلبة عندما سألته شاهيناز: لمن هذا الدواء؟، قال لها و هو يمضي في طريقه:إنه لنور، استوقفته فقال:نعم يا شوشو...هل تبحثين عن تسلية الآن؟ إنني في عجلة من أمري، قالت: لتذهب بالدواء لنور؟، قال : نعم للآنسة نور، رفعت حاجبا في سخرية:الآآآنسة! منذ قليل كانت نور فقط، نظر لها:لا وقت عندي لمزاحك يا شوشو إنني مشغول هناك عشرات الأوراق متكدسة على مكتبي، ابتسمت: نعم فأنت مهمل لعملك منذ فترة فهل يا ترى تكون الآآآنسة نور لها يد في ذلك؟غضب رائد و ناولها الدواء: خذي هذه الزجاجات و اذهبي بها لها، ثم أخذ يخبرها بمواعيد الدواء و ما إلى ذلك و رمقها بنظرة غضب: كل ما يهمني أن تشفى سريعا لترحل من هنا، كانت نور تقف بباب غرفتها تستمع لحديثهم بسعادة لم تجد لها سببا....كون رائد عطل أعماله من أجلها بعث البهجة في نفسها لكنها عندما سمعت جملته الأخيرة أحست بألم حاد في صدرها.... افلتت منها شهقه فانتبه لها رائد و شاهيناز... التقت عينا رائد و نور و بعدها ذهب مسرعا، اشفقت شاهيناز على نور فمن المؤكد أن كلام رائد كان مؤلما لها....دخلت الغرفة مع نور و جلسا سويا يتحثان إلى أن وصل الحديث إلى موضوع سجنها فحكت لها نور ما حدث و كم أدهشها أن شاهيناز أو شوشو كما ينادونها صدقتها و عندما لاحظن شوشو دهشتها قالت: إنه لمن السهل لكل من ينظر في عينيك الصافيتين و ملامحك الطفولية أن يعرف أنه من المستحيل أن تكوني مجرمة أو أن تمتي للإجرام بصلة، ابتسمت نور فقالت لها شوشو: مرحى لك.... كم تمنيت أن أرى هذه الابتسامة على وجهك، قالت لها نور: أعلم أنك تقولين هذا الكلام لتعوضي علي بعد أن سمعت السيد رائد يقول..... قاطعتها: لا يا طفلتي إنني لا أتفوه إلا بالكلام الذي أؤمن بصحته و لو من وجهة نظري أما رائد فلا تغضبي منه أعترف أنه عصبي لكنه ليس دائما بهذا المزاج الناري....لا أعرف ما أصابه قد يكون إحساسه بالخوف،لم تفهم نور معنى كلام شوشو و التي لم تبذل جهد إضافي لتفهمها وكنوع من تمضية الوقت و مد أواصر الصداقه بينهما أخذت تحكي لها عن طفولة رائد و كيف كان يتصرف بعصبية تجاه أي شئ يقلقه أو يحس أنه يهدده ....قطع حديثهما صوت رائد و هو ينادي على شوشو:أين أنت يا شوشو؟،وقفت شاهيناز مسرعة و ضحكت:لقد كنت أريد أن نتحدث طويلا لكنه يزأر....ساعدتها في الاستلقاء و غطتها: سوف يكون لحديثنا بقية يا طفلتي و ذكريني بأن أحكي لك قصة تسميتي بشوشو فأنا ألاحظ الدهشة على وجهك كلما ناداني أحد بشوشو، قبلت جبينها و خرجت في هدوء...فرحت نور بقضاء الوقت مع هذه السيدة،إنها خير عون أمام غضب رائد و صراخه المستمر.
مر يومين تولت شاهيناز خلالهما رعاية نور حتى تحسنت صحتها و غادرت الفراش....خلال اليومين لم ترى نور رائد اطلاقا لقد اختفى من المكان تماما...جزء من نور أحس بالراحة و جزء منها افتقده و افتقد نظرته الغاضبة... أنبت نفسها على شعورها هذا، كانت تقف في الشرفه تؤنب نفسها:إنه مستبد كيف لك أن تفتقدي شخصيته السوداء، سمعت صوت من خلفها:هل تحدثين نفسك يا آنسة نور؟، التفتت لترى رائد....لأول مرة تراه مبتسما:لقد ظننتك شفيتي من الحمى لكن يبدو أنني مخطئ فها أنت تهذين، هزت رأسها:لا لقد كنت أفكر بصوت عالي، و اكملت بينها و بين نفسها((آه لو يعرف بما كنت أفكر لكان دق عنقي...لقد نعته بالمستبد))....كان شكل رائد مختلف تماما و الابتسامه تعلو ثغره.....أحست نور أنها فرصة لتفاتحه في موضوع رحيلها:سيد رائد هل لي أن أحدثك في موضوع، قال: تفضلي، بعد ان جلسا بدأت نور كلامها:أشكرك على استضافت لي و رعايتك لكنني الآن أصبحت في كامل صحتي و لا أرغب أن أثقل عليك أكثر من ذلك،قال لها و هو يشير بداخل الغرفة: نعم لاحظت أنك حزمتي أغراضك و تخليتي عن روبي و ارتديتي ملابسك فأنت استعديتي للرحيل، احمر وجهها خجلا: نعم....أشكرك أيضا على اعارتي روبك، قال ممازحا:أعلم انه لم يكن مريح، دخلت شاهيناز تضحك:نعم...ياليتك ترى نور و هي تتعثر فيه لتصل إلى الحمام، لاحظ رائد احمرار وجهها الشديد فغير الموضوع موجها كلامه لشاهيناز: أعيدي ملابس الآنسة نور للخزانة، نظرت له نور باستفهام: لكن...قاطعها: بدون لكن، هبت واقفه و اندفعت تقول: أنا لا أقبل الاحسان طالما لم أحصل على العمل لن أبقى لأنك تشفق علي إنني أستطيع أن أتدبر أموري وحدي،وقف و مد يده كأنه يصد عنه هجوم:ماهذا؟ ما كل هذا؟رويدك قليلا لقد اندفعت كمن يخوض حرب....صمت ثم قال و قد اكتسب صوته قسوته و خشونته المعهودة: عندما قلت لشوشو ان تعيد أغراضك قصدت أنني سأمنحك وظيفة ستكون لمدة أسبوعين كتجربة و لو وجدت أنك تصلحين سوف تظلي، كانت شاهيناز تتابع الموقف باستمتاع و هي تفكر>أخيرا قابلت من هي ند لك يا رائد< و خالجها شعور أن بقاء نور سوف يضيف للحياة في هذه الفيلا بهجة كبيرة التفتت شاهيناز لنور عندما سألت رائد بتحدي: وماذا سأعمل؟.... سألته لأنها تعلم انه يريدها بعيدا عن ابنته، قال لها:ستساعدين شوشو في أعمالها فمن حقها أن تستريح قليلا، قال هذه الجملة و التفت لشاهيناز و منحها ابتسامه ساحره ثم أكمل: و سوف تشرفين على الحفلات التي أقيمها في الفيلا فلقد عرفت من رؤوف أن لك خبرة في هذه الأمور أليس كذلك؟، قالت: نعم..... بعدما خرج رائد ركضت نور بفرحة كالأطفال و قفزت بين ذراعي شاهيناز التي استقبلتها بسعادة و اختل توازنهما و وقعتا على السرير ثم استغرقتا في الضحك.
في أول يوم من الأسبوعين الذي حددهما رائد كتجربة عمل اصطحبت شاهيناز نور إلى المدينة و ابتاعت لها الكثير من الملابس و عندما اعترضت قالت لها: أظن يا طفلتي أنك لن تحبي أن تشرفي على سير الحفلات و لقاءات العمل و أنت ترتدين روب رائد مع أنني أتمنى أن أرى تعابير وجه زوار الفيلا عندما يرونك تتجولين به، ضحكت نور ومشت مع شاهيناز ليكملوا جولتهم، اشتروا بقالة للفيلا فكما قالت شاهيناز فهي تحتاج للكثير من الطعام في حال قرر رائد أن يقيم حفلة فجائية، عندما انتهيا من التسوق استقلا الحافلة التي أنزلتهما في نفس المكان الذي نزلت فيه نور عندما قصدت الفيلا أول مرة... كان من المفترض أن ينتظرهم فتحي_زوج شاهيناز_بالسيارة لكنهم لم يجدوه و عندما طال انتظارهما حملت نور معظم الأشياء و قالت:أظن يا شوشو أننا سنعود سيرا،نظرت لها بدهشة: لن نستطيع بالإضافة إلى أنني لن أخاطر بتعريضك للانتكاس لقد قمت من فراش المرض منذ يومين لا أكثر، بعد كثير من المناقشات انتصرت نور التي قالت لشاهيناز:بما أن فتحي لم يحضر فمن المؤكد أن هناك أمر و أظن أنه لن يأتي بعد مرور نصف ساعة، عاتبتها شاهيناز: آه منك يا نور لماذا رفضت عندما عرض عليك رائد أن تأخذي الهاتف النقال الذي أحضره لك، داعبتها نور:إن لم تتحملي السير سوف أحملك على ظهري، سارا في اتجاه الفيلا بعد أن حملت نور معظم الأغراض رغم اصرار شاهيناز بأن لا تجهد نفسها، عندما وصلتا إلى البوابة الحديدية كانتا في حالة يرثى لها و قد ابتلت ملابسهما بالعرق فلقد كانت شمس الظهيرة قوية بعد العاصفة التي استمرت لعدة أيام....ضغطت نور على الجرس فاتاها صوت رائد الذي لا يكمن أن تخطؤه بين ألاف الأصوات: من هنا؟،قالت و هي تلهث: هنا نور و شوشو و قد أصبحتا كالبطتين المشويتان، لم تدري كيف خرجت هذه الجملة من فمها لكن شوشو ضحكت و هي تشير لها باستحسان، لم يرد رائد لكنهما رأتاه و هو يركض في الحديقة و يفتح البوابة...هاله منظرهما فصاح:ارميا ما تحملانه أرضا، سألته شوشو:أين فتحي؟لما لم يوافينا؟، قال لها: إنه يشعر بتوعك و هو نائم الآن لكنه لم يخبرني بأنكما في المدينه يبدو أنه نسى و لقد ظننت أنكما في المطبخ أو في غرفة نور تمرحان كالعادة، عندما سمعت شاهيناز كلامه خافت على زوجها و ركضت باتجاه الفيلا و بقيت نور مع رائد،انحنت لتحمل الأغراض في نفس الوقت الذي نزل ليحملها فاصطدمت رأسيهما استقامت نور و هي تضع يدها على رأسها....قال لها:أعتذر، ثم حمل قسم كبير من الأغراض و طلب منها ترك الباقي و تأتي معه للداخل، أثناء سيرهما في الحديقة سألها:ما كل هذه الأغراض هل ستخوضان حربا...صدق من قال أن النساء ضعيفات أمام المشتريات و أنهن قد يشرتين ما لا يحتجن إليه، أجابته بحنق:لقد أصرت شوشو أن تبتاع لي ملابس و ...قاطعها: لقد طلبت منها ذلك،توقفت و التفتت له: اسمعني يا سيد رائد سوف أرد لك كل فلس من مرتبي الذي سأتقاضاه فأنا لا أقبل....أكمل عنها:احسانا....أنت لا تقبلين احسانا أعلم أيتها الآنسة الصغيرة و أنا أيضا لست رجل الاحسان....اعتبري هذه الملابس بزات عمل فسوف تقابلين رجال أعمال و شخصيات مرموقة و يجب ان تكوني في ابهى مظهر، عندما وصلا للباب تركته نور و توجهت للمطبخ و هي غاضبة، وجدت شاهيناز هناك مبتسمة:هل قتل أحدكما الآخر، قالت نور:لا لقد مر الأمر بسلام....أخبريني هل فتحي بخير؟،أشارت بيدها باستخفاف:وعكة بسيطة ولكنك تعرفين الرجال عندما يكبرون يصيرون كالأطفال....نظرت لها و قالت: لا تغيري الموضوع و أخبريني ما سر نظرة الغضب في عينيك يا طفلتي؟، زفرت نور:لا شئ كل ما في الأمر أنه يصعب علي التفاهم مع السيد نور...إنه صعب.....قاطعها رائد بسخرية: صعب؟لقد وصفت بألقاب عديدة من قبل و أرقها حتى الآن كلمة صعب، التفتت له و لم تتمالك نفسها: سيد رائد إن لك صفة رائعة فأنت لا تنفك تنقض على الناس أثناء حديثهم عندما لا يتوقعون، قهقه ضاحكا:تقصدين أثناء حديثهم عني، وقفت شاهيناز بينهما ورفعت يديها:توقفا إن من يراكما كلما تتحدثان يتذكر تناطح الثيران...هلا تهدآن ثم التفتت لرائد: أين الأغراض يا عزيزي؟، قال لها: ستجدينها في الردهة سوف أذهب لأكمل أعمالي في غرفة المكتب و أرجو أن تلزما الهدوء،عندما رحل ضحكت شوشو فنظرت لها نور: لماذا تضحكين؟إنه يثير أقصى درجات غضبي، قالت شوشو:صدقيني رؤيتكما تتحدثان بهذه العصبية تثير الضحك بالإضافة إلى ان رائدعندما قال ....قلدت طرقة رائد في الكلام((أرجو أن تلزما الهدوء)) كان يقصدنا عندما نلهو ونضحك في غرفتك و نتبادل الأحاديث، ضحكت نور و سألتها:هل يصل له الصوت حقا؟، قالت شاهيناز: بكل تأكيد فغرفة مكتبه تحت غرفتك.....التفتت حولها كمن يخطط لجريمة ثم مالت على نور و همست كطفل نزق:لماذا لا نترك ترتيب هذه الأغراض لما بعد و نصعد لغرفتك لنمنح رائد بعض الهدوء لقد اشتريت لعبة أثناء تسوقنا لنشغل وقتنا بها،ضحكت نور من قلبها((إن هذه السيدة رائعة دوما ما تنجح في تغيير مزاجي للاحسن))، صعدتا للغرفة بعد ان أخذتا بعض الحلويات و الفشار بالإضافة إلى اللعبة.يتبعــــــــــــ...........
أنت تقرأ
رواية بريئة ..... * مميزة *
Romanceكانت نور تكافح لتصل إلى فيلا(رائد) رجل الأعمال الذي دلها محاميها على عنوانه و أخبرها أن تذهب لتعمل عنده.... كانت رياح الشتاء شديده جدا و احست نور أن أطرافها ستتجمد، نظرت في الورقة التي تحملها و عرفت أنه لم يتبقى إلا القليل لتصل إلى الفيلا و تقابل رب...