الجزء الخامس

20K 387 15
                                    


الجزء الخامس

وضعت نور بعض الأوراق في أحد أدراج الخزانة ثم نزلت لغرفة المكتب و دقت الباب، أتاها الصوت من الداخل:ادخل،دخلت و جلست بعد أن أشار لها أن تجلس...لم يرفع عينيه عن الأوراق التي كانت بين يديه قال لها:امنحيني خمس دقائق، بعد قليل رفع عينيه و أزاح الأوراق جانبا فناولته ما معها من ورق فأخذ يقلبه و بدى على وجهه الاستحسان نظر لها:أرى أن لك خبرة في مثل هذه الأمور، قالت:نوعا ما، ناولها الورق مرة أخرى و قال:حسنا سوف أترك لك إنهاء كل شئ .....فكرت((إذن لم يطلب رؤيتي ليراجع معي الأمور بل ليرى إذا فشلت في إعداد أي شئ اريه إياه...لقد كان شوشو على حق)) سألها:هل تعرفين قيادة السيارات؟، أومأت برأسها ايجابا...همهم بسخرية:متعددة المواهب، ثم فتح درج مكتبه و أخرج مفتاح ناولها إياه، قبل أن تسأله قال لها: استخدميها لتنقلاتك عندما تحتاجين إلى شئ من المدينة لا أرغب أن يتكرر ما حدث ظهر اليوم و أريد كل شئ مثالي أظن أن شوشو تبرعت كالعادة و أحاطتك علما أنني لم أقيم مثل هذا العشاء في الفيلا منذ زمن، قالت:حسنا لن أخذلك يا سيدي، فاجأها بأن قال: أعلم.
في الصباح اجتمع الكل على الفطور و سألت نور رائد: لماذا لا تستخدمون غرفة الطعام، قال:منذ زمن لم تفتح فهي تحتاج إلى عناية كبيرة، قالت له:إذا سمحت لي سوف افتحها و انظفها استعدادا للعشاء و بامكاننا أيضا أن نستخدمها بعد ذلك، أشار لها بيده:افعلي ما يحلو لك، قفزت نارا: إذن سوف تأتي لتلعبي معي، التفت الكل لها فقالت: لقد قال أبي الآن لنور أن تفعل ما يحلو لها، قال رائد لابنته: انتي تفسرين كلامي كما يطيب لك، لم تعير نارا والدها اي انتباه و توجهت لنور و همست في اذنها: لقد وعدتيني،نظرت نور لرائد كانت تعلم أنه ينتظر منها ان تصد ابنته لكنها بدلا من ذلك قالت:بعدما انتهي من العمل سوف ألعب معك، لاحظت نور اتساع عيني رائد دهشة و أيضا اتساع ابتسامة شاهيناز، قالت نارا:دائما ما يقول لي أبي مثل هذا الكلام لكنه لا يوفي بوعده، صاح رائد:نارا إلى غرفتك، قامت تدبدب في الأرض بتمرد و خرجت، أحست نور بالشفقة عليها فلقد واجهت لتوها غضب رائد الذي لا تتمنى هي بحد ذاتها أن تواجهه، حملت نور صينيتها و خرجت....أغلقت الباب وراءها و ركضت لتلحق بنارا...وجدتها تبكي و هي تصعد الدرج فوضعت ما بيدها أرضا و جذبتها بين ذراعيها: لا تبكي يا صغيرتي سوف نفعل كل ما يحلو لنا....سوف اصطحبك للمدينة و سنلعب بالكرة في الحديقة و سأقضي معك يوم كامل في غرفتك لكن دعيني فقط انتهي مما أوكلني به والدك....هل اتفقنا؟، مسحت نارا عينيها ودست وجهها في صدر نور:إنني أحبك يا نور،ابتسمت نور:وأنا أيضا أحبك...هيا اصعدي لغرفتك قبل أن يأتي والدك و يعاقبنا معا، ضحكت نارا و همست نور:و سوف احضر لك الحلوى خلسة دون أن يراني أحد.
عند الظهر أخبر رائد شاهيناز أنه لن يكون موجود على الغداء و انه سيذهب للشركة و يمضى النهار كله بها فاستغلت نور فرصة غيابه لتلعب مع نارا...قضيا وقت ممتع هما و شوشو التي أمدتهم بكل أنواع الحلوى...قبل أن يخيم الليل خرجوا ثلاثتهم ولعبوا مع فتحي بالكره و عندما غابت الشمس و سطعت أنوار الكشافات في الحديقة قالت نور:هيا بنا للداخل لأن الجو برد، ذهبت شاهيناز لتعد العشاء وذهب فتحي لتغيير ملابسه بعد أن سقى الزرع وصعدت نور لتساعد نارا في أخذ حمامها بعد أن ألحت عليها....خرجت نور من الحمام مبتلة بعد أن أخذت هي و نارا تقذفان بعضهما بالألعاب المطاطية و بعدها لبست نارا ملابسها بمساعدة نور و مشطت شعرها ، اجتمع الكل و اتفقوا على أن يبقى كل ما فعلوه سرا لا يخبروا رائد به،وصل رائد في موعد العشاء و لاحظ أن ابنته تجلس في هدوء دون أن تتقافز هنا وهناك و تلح عليه بطلباتها الطفولية، دخلت شاهيناز و قالت: هيا إلى العشاء، نظر لها رائد فقالت:لقد انتهت نور من إعداد غرفة الطعام ، دهش عندما دخل ووجدها نظيفة مزينة بالزهور،أصرت نارا أن تجلس بجوار نور رغم اعتراض رائد الذي رمق نور بنظرة نارية فنظرت له كأنها تقول"و ما ذنبي"،جلس الكل يأكل في صمت و عندما نظر رائد لهم وجدهم ينظرون لبعضهم مبتسمين...أحس أن هناك خطب ما لكنه تجاهل ذلك و نظر لابنته:إن شعرك يبدو أجمل اليوم إنها تسريحة جميلة،اجابت نارا بتلقائية:نعم لقد مشطته لي نور، أعقب جملتها صمت رهيب، نظر رائد لنور....أحست نارا بفداحة ما فعلت و نظرت لنور بأسف ....أدركت نور أن نارا قالت جملتها بتلقائية الأطفال فنظرت لها و ابتسمت ثم ربتت على يدها، بعدما انتهى رائد من تناول طعامه القى بفوطته على الطاولة و وقف:إلى غرفتك يا نارا لا تحليه لك اليوم، قالت: لكن ماذا فعلت؟، قال:لا أعرف لكن هذا ما سأسعى لمعرفته ....ثم نظر لشاهيناز و فتحي: هناك أمور تحدث من وراء ظهري لكنني يجب أن أعرف ما يدور في بيتي ...ثم نظر لنور:آنسة نور أريدك في غرفة المكتب.....و هيا يا نارا إلى غرفتك حالا، عندما دخلت نور غرفة المكتب التفت رائد لها: أظن أنني أوضحت لك مهمتك في هذا البيت و ابنتي خارج اختصاصاتك، قالت: كل ما فعلته أنني مشطت لها شعرها، قال بغضب: أتعتقدين أنني غبي أيتها الآنسة الصغيرة؟هل يوجد على وجهي ما يدل على الغباء؟ أنا أعرف ابنتي و نظرة الرضا في عينيها تدل على أن الأمر تجاوز تمشيط شعرها لقد قضيتي معا اليوم كله تقريبا أليس كذلك؟، أحست أنها ترغب في صفعه:هل تعرف ابنتك حقا؟ لو كان هذا صحيح لكنت عرفت أنها بحاجة منك إلى أن تقضي معها القليل من الوقت الذي تقضيه مع أوراقك، تقدم منها و امسكها من ذراعها بقوه كأنه سيقتلعه: اسمعي أيتها الفتاة لقد أخبرتك يوما ما أن لصبري حدود و أظنه بدأ ينفذ أود أن أخبرك أمر لن أكرره ابقي بعيدا عن ابنتي و حذار لو وجهتي لي أي كلام بخصوصها....لن تأتي الآن لتعلميني كيفية التعامل مع ابنتي ....افلتها و قال: اخرجي، عندما ظلت متسمرة في مكانها صاح: الآآآآآن....و إذا كنت تواجهين صعوبة في صدها سوف أخبرها أن لا تخالطك....تركها و خرج و بعدها سمعت نور صوت صياح في الأعلى فركضت مسرعة ....وجدت رائد في غرفة نارا يصيح بها:حذار أن أراكي مرة أخرى تكلمينها، صاحت باكية و هي تركض باتجاه نور عندما رأتها بالباب: لماااااذا؟، عندما رآى ابنته و هي ترتمي بين يدي نور زاد غضبه و صاح: تعالي إلى هنا، مد يده ليشدها من نورإلا أنها ابعدتها عنه وشدتها لتقف وراءها: توقف يا سيد رائد إنك تخيفها،قال لها من بين أسنانه: اخرسي انتي، صرخت به بغضب: لن أخرس و لم أعد خائفة منك....ما الذي حدث لكل هذا؟ لماذا تتصرف هكذا؟....التفتت لنارا و قالت لها: اذهبي لشاهيناز، ثم التفتت لرائد تواجهه: إن الأمر لا يتطلب منك أن تفزع ابنتك لو نظرت لنفسك في المرآه لفزعت فما بالك عندما رأتك نارا، تطاير الشرر من عينيه كان على وشك أن يضربها إلا أنه فوجئ بها تقول بكل مرارة الدنيا: لا تقلق يا سيد رائد لقد أدنت بسرقة أموال لا أطفال...لن ألحق أي أذى بابنتك هذا إن لم تفعل أنت بتصرفك كأنك ستبطش بها،قال لها: لا يحق لك أن تحكمي على تصرفاتي، قالت:أعلم فأنا مجرد موظفة....موظفة خرجت من السجن توا...آخر من يحق لها أن تتكلم لكنني رغبت أن أوصل لك أن لا تخاف عليها مني فلم يسبق أن سجنت بسبب اختطاف طفل و بامكانك أن تسأل الأستاذ رؤوف عن ذلك إن لم تكن تثق بكلامي كالعادة، تركته ونزلت للمطبخ....وجدت نارا تضحك وهي تحكي لشاهيناز كيف وقفت نور في وجه والدها و وصفت عملها أنه فريد و الأول من نوعه فضحكت نور و هي تأخذها بين ذراعيها:لا أظن أن والدك بهذا السوء، قالت نارا:ألم تري كيف يكون و هوغاضب بالإضافة إلى أنك تعدي الأولى التي وقفت في وجهه و هو ثائر طبعا غير شوشو،عندما نظرت نور لشاهيناز أومأت الأخيرة برأسها: نعم إن كوني سيدة عجوز منحني امتياز أن انهر رائد و أوبخه بخلاف ذلك لم يستطيع أحد أن يواجهه....اقتربت من نور و همست في أذنها:حتى زوجته السابقة "والدة نارا"،تناهى إلى سمعهم صوت سيارة رائد مغادرا الفيلا....التفتت نور لنارا و قالت:لقد تأخر الوقت حان وقت النوم، صحبتها لغرفتها و جلست بجوارها تقرأ لها قصة حتى غالبها النعاس و نامت،نزلت نور و رتبت مكتب رائد لأنه كان في فوضى عارمة ثم خطرت في بالها فكرة فصعدت لغرفتها و أحضرت لعبة كانت ابتاعتها أثناء وجودها في المدينة لتهديها لنارا ثم نزلت للمكتب و كتبت ورقة لرائد مع علمها أنه قد يدق عنقها.
في الصباح استيقظت على أصوات ضحك في الحديقة ودهشت عندما وجدت رائد يلعب مع ابنته و سمعت صوت شاهيناز من خلفها: يبدو أن رائد قرر أن يتخلى عن عناده و عمل بنصيحتك، سألتها نور: كيف عرفت؟،قالت: بعدما آويتي إلى فراشك ذهبت إلى غرفة المكتب لأنتظر رائد لأوبخه عندما يعود لكن لفت نظري الدب الذي كان على المكتب و وجدت تحته ورقة و عندما قرأتها قررت أن أترك ورقتك تعمل عملها و ذهبت أنا الأخرى لفراشي.

يتبعــــ.........

 رواية بريئة ..... * مميزة *حيث تعيش القصص. اكتشف الآن