الجزء الثالث عشر

14.7K 342 16
                                    

الجزء الثالث عشر

جلس رائد في غرفته يكاد يصدم رأسه بالجدار....لقد قرر أن يذيقها قليلا مما ذاقه.... أن يؤلمها لكن ما هي إلا نظرة واحدة لها و هي تجلس على السرير و قد شحب وجهها و انتفخت عينيها من البكاء حتى أحس بالألم يعتصر قلبه فلتسرق كل شئ في الفيلا و لن يوقفها لكنها فقط لو تعيد له قلبه في المقالب...قلبه الذي منه من أن يصيح بها حتى ...قلبه الذي أنبه على ما فعله بها صباحا في غرفة المكتب، كان قد قرر أن يتصل برؤوف _الضابط الذي يباشر التحقيق_ ليخبره أنه يريد غلق التحقيق و أنه لا يريد أن يرد اسم نور في أي محاضر.... لا تهمه المجوهرات لكنه لا يريد أن تعيش نور تجربة الإدانة و السجن مرة أخرى، عندما سمع جرس الهاتف التقطه وهو يزفر ...كان رؤوف الذي أخبره أن البصمات التي كانت على الخزنة لم تكت بصمات نور و اخبره أن هناك ثلاثة أشخاص رؤوا رجل يتسلل من الفيلا و أنهم تعرفوا عليه و سوف يدلون بأوصافه.... في نهاية المكالمة عرف أن نور ليست السارقة و أنها بريئة، لم يستطيع النوم و عندما طرقت شاهيناز بابا حجرته دعاها للدخول و كله لهفة لصحبة أحد فقد أحس أنه على وشك الجنون فمنذ مكالمة رؤوف و هولم يكف عن لوم نفسه لاتهامه نور، قالت له شاهيناز: إنها لم تأكل أي شئ منذ الصباح و بالكاد توقفت عن البكاء، قال رائد: إنني كالأحمق تسرعت باتهامها بجرم لم ترتكبه، عندما رآى شاهيناز و هي على وشك السؤال: نعم يا شوشو إنها كما قلت...بريئة....لقد اتصل رؤوف و أخبرني أن البصمات ليست لها.... صمت قليلا ثم قال لها: لكنني طلبت منها أن تخبرني أنها لا تعرف شئ عن المجوهرات و رفضت ذلك....أمسك رأسه بين يديه: آآآآآه يا شوشو....أكاد أجن لقد أهنتها في السابق كثيرا لكنه هذه المرة ليست ككل مره إنها كألف مرة....كلما أتذكرها و هو تنظر لي بفزع أتمنى لو...لو.... قاطعته شاهيناز: هون عليكيا بنتي و حاول أن تنام تناول حبة مهدئ و نام و غدا سيكون كل شئ على ما يرام، قال:كم أتمنى ذلك، خرجت شوشو و أسرعت لتخبر نور بما قاله رؤوف لرائدلتريحها من البكاء المرير.

بعدما خرجت شاهيناز من غرفة نور جلست الأخيرة تفكر إنه " من المستحيل أن أبقى يكفي ما حدث حتى الآن"...كانت الساعة الواحدة بعد منتصف الليل عندما وضبط حقائبها و أنزلتها عند الباب ثم صعدت و تسللت إلى غرفة نارا لتضع لها هديتها و كتبت لها رسالة " هذه هدية عيد ميلادك مسبقا و لا تفتحيها إلا يوم الإثنين أيتها الشقية و لا تحزني لرحيلي سوف ستظلين حبيبتي للأبد نور" ، نزلت إلى غرفة المكتب و تركت رسالة إلا رائد ثم وقفت تتأمل المكان قليلا و بعدها خرجت.

استيقظ رائد و نزل ليتناول الفطور لكنه عدل عن ذلك فلم يجد بنفسه رغبة لتناول أي شئ و اتجه إلى غرفة نور ليطمئن عليها.....وقف أمام الغرفة قليلا ثم نادى على شاهيناز و أوكلها بهذه المهمة فلم يستطع أن يكلم نور بكل بساطة بعد كل ما حدث، نزلت شوشو و هي تلهث: لم أجدها...إنها ليست هنا....لم أجدها، وضع يده على كتفيها مهدئا: اهدئي ...اهدئي، ثم صعد راكضا إلى الغرفة .... فتح الأدراج و خزانة الملابس و وجد كل شئ فارغ.... التفت إلى الطاولة بجوار السرير فوجد مفتاح البيت و الهاتف المحمول الذي كان أعطاه لها، سمع صوت بكاء نارا فاسرع إلى غرفتها هو و شوشو.... و وجدها تحتضن لفافة و تبكي أخذ من يدها الورقة و قرأ الرسالة كورها في يده بغضب و قال:إذن لقد رحلت... لم تتمالك شوشو نفسها هي أيضا فانضمت إلى نارا في البكاء، لم يدرك رائد ماذا يفعل فنزل إلى غرفة المكتب ليتصل بتوفيق و وجد ظرف على طاولة المكتب كتب عليها " إلى رائد" فكر رائد باحباط (إنها المرة الأولى التي ترفع التكليف ....رائد فقط لكنها ستكون الأخيرة فقد رحلت) أخرج رائد الرسالة و قرأها بصوت مرتفع

" كان أول لقاء بيننا كارثة لكن بعد هذه الكارثة تعرفت على أشخاص صاروا أعز الناس على قلبي و سيظلون....فشوشو كانت لي الأم التي فقدتها و أنا صغيرة و فتحي بمرحه الجميل ذكرني بمواقف أبي الطريفة كما أن نارا كانت لي الابنة التي لا أظن أنني سأنجبها لأنه لا يوجد رجل عاقل سوف يربط حياته بحباة مجرمة و لو سابقا ....أنت...أنت رغم أنك لم تثق بي يوما و اتهمتني بعد أن ظننت أنني صرت فوق الشبهات إلا أنك آويتني في وقت لم أجد فيه مكان لي و أعطيتني وظيفة لم يكن غيرك ليعطيني إياها و صدقني لن أنسى لك هذا المعروف و يوما قد أستطيع أن أرده لك.... و أرجوك لا تبحث عني و هذا ما أشك في أن يحدث ، لقد استعرت السيارة و سوف تجدها مركونة أمام المقهى الكبير و مفتاحها سيكون مع عاشور صاحب المقهى قبلاتي لشوشو و فتحي"

لقد ظن رائد يوم تركته سمر من أجل رجل آخر أنه اختبر الألم و المعاناة لكنه عرف بعدما قرأ رسالة نور كيف يكون إحساس المرء عندما يفقد من أحب، قضى رائد يومين كالجحيم و أيضا نارا التي امتنعت عن الذهاب إلى المدرسة و شوشو لم تفارق المطبخ، لم يترك رائد مكان يمكن أن يبحث فيه عن نور إلا وبحث و استعان بتوفيق الذي حاول أيضا بكل قوته إيجادها فهو ذهل لحال ابن خالته و صاحب عمره الذي تحول إلا شبه حطام، في أحد الأمسيات قال رائد لشوشو و قد استغنى عن كل حرصه و أطلق العنا لمشاعره: أحبها فلتعود يا شوشو.... كم أتمنى أن تعود لا يهمين إن كانت سجنت لسنة أو لعشرة فأنا أثق بها و أحبها، لم تستغرب شاهيناز الإنفجار العاطفي الذي حدث لرائد فهو بعمره لم يعبر لأي كان عن ما بداخله كما فعل الآن و ابتسمت: أعلم يا عزيزي أنك تحبها و لا تقلق سوف تجدها بإذن الله و لسوف تجد الوقت لتقول كل هذا لها ....لا تقلق.

يتبعـــــــــــــ..........

 رواية بريئة ..... * مميزة *حيث تعيش القصص. اكتشف الآن