الجزء2

205 10 1
                                        

يا إلاهي ! كنت شارد التفكير كل هذا الوقت بينما كان المحامي يتكلم ورائي ، ولم أستيقظ من غفوتي إلا بطرقات من مطرقة القاضي يعلن بها انتهاء  الجلسة : رفعت الجلسة للمداولة ! لم أسمع بقية الكلام . لقد كنت أفكر حينها . لكن بماذا رد المحامي ؟ ماذا قال ؟ هل يا ترى استطاع إقناع القاضي بتخفيف العقوبة ؟
جاء أحد الحراس ، و أخذني للخارج . كنت أود رؤية عائلتي فهم قلقون علي كثيرا . لم أعرفكم بعد على أفراد العائلة . يعيش في نفس البيت ، أمي ، أختي و زوجتي الحامل . رغم أن البيت صغير إلا أن الحب الذي يجمعنا و التعاون الذي بيننا جد كبير . أمي تكاد تموت خوفا علي : آش قالو . سألتني أمي في ارتباك شديد .
- والو (لا شيء) أجبتها .
فبقيت تنظر إلي مدة و تقبلني . و أنا بقيت واقفا متصلبا هكذا أنظر من حولي .
ثم أضفت : قالو غانرجع غدا . ( قالو أني سأرجع غدا )
- لا لا ماتمشيش يا ولدي ! بقا جنبي يا روحي .
أحسست بقلبي يتقطع حين رأيت دموع أمي تذرف .
فمسحت دموعها ، و لم أعرف أأبكي على حالي معها . أم أفرح لأني على الأقل كنت وفيا لوطني . هذا الوطن الذي إلى الآن ما زال يستضيفني بنفس الحرارة و الكرم . مستحيل أن أفرط فيه !وطني الغالي أفديك بروحي ودمي .دخلت غرفتي و كان الوقت متأخرا ، استلقيت على فراشي أنظر جانبي إلى النافذة المفتوحة و السماء السوداء المرصعة بالنجوم المضيئة . أتُراني أسجن لصدق نيتي و حسن تصرفي ؟ أتراني أُبعد عن من غلا علي ، أمي ، زوجتي و أختي . ثم من يرعاهم و ينفق عليهم حين أغيب عنهم ؟ هل يا ترى سيتحملون كل هذا الوقت من دوني ؟ كل هذه الأفكار راودتني خلال مدة قصيرة . و في وقت سريع . و أنا الآن أنتظر ، أنتظر ساعة رحيلي إلى مكان آخر ، حياة أخرى . و لاشيء أطول من الإنتظار . ذلك العذاب النفسي الذي بمقدوره أن يحول دقيقة إلى ساعة ، و ساعة إلى يوم ! كم هو ثقيل و كئيب ، لعل الغد يكون أفضل من اليوم. و أنا أفكر و أتأمل النجوم غفوت من شدة إرهاقي و تعبي دون أن أشعر بذلك ، و قد نمت على أمل يوم جديد ، أحسن بكثير مما عشته اليوم ، لا بد أنه كان كابوسا ، لن أسجن صحيح ؟

بقلم سجين Where stories live. Discover now