الجزء5

87 3 0
                                    

لقد كان الجو باردا و الضباب يعم المكان ، و كأنني أعيش فيلم رعب سينتهي باستئصال رأسي أو بدهسي بدبابة . وصلنا للمحكمة ، و سلمت ورقة لم أفهم كل ما كتب فيها فطلبوا مني توقيعها . نظرت إليهم نظرة استغراب ، كيف لي أن أوقع و أنا لا أفهم كل ما في الورقة ؟ رفضت التوقيع فلم يتردد أحد العسكر بلكمي . فغضبت لذلك و لكمته بدوري فإذا بحراس يأتون ليقيدوني . و قد طلبوا مني التوقيع رغما عني بعدها . كيف سأوقع و أنا مقيد اليدين ؟ ضحك من كان في المكان و أمروني بالتوقيع بفمي أو برجلي ، فاخترت التوقيع برجلي إهانة لورقتهم و لأفعالهم ، ثم إنني لن أنحني للتوقيع بفمي ، يكفيكم أني قد لكمت . هذا توقيعي ، و الآن ماذا بعد؟ نظر إلي اثنان من العسكر و قال أحدهم :- هيا اتبعني .
-إلى أين ؟
لم أتلق إجابة ولم يكن ذلك غريبا ، طالما أنت تتحدث إلى جندي .
نزلنا الدرج إلى أن وصلنا إلى مكان مظلم فأشعل الجندي شعلة لإضاءة المكان فإذا بي أبصر هياكل عظمية معلقة على الجدران و أرى في الجهة المقابلة أناسا مازالوا أحياء ، يصرخون من شدة الألم و من قسوة العذاب . كل وسائل التعذيب كانت مباحة ، بدأ بالصعق ، وصولاإلى غمر وجهك بمحلول كيميائي يحرقة أو جعلك فأر تجارب لإحدى عقاقيرهم أو حقنهم لينتظروا و يروا مذى تأثير ذلك على جسمك و فعالية العقار المصنع . يستعملون الناس كأشياء و كأزبال ترمى حين تنتهي صلاحيتها . و لِمَ قد يستعملون الفئران ؟ مساكين هم الفئران هذا يتنافى مع الرفق بالحيوان ، فتجربتها على الإنسان جائز طالما لم يصدر قانون للرفق <بالإنسان> .
سألت أحدهم هناك ماذا يفعلون لكم؟ و منذ متى و أنت هنا . قال لي منذ شهرين و هم يجلدونني و يصعقونني و أحيانا يحرقون جلدي .
-ولماذا كل ذلك أخبرني ، ما سبب مجيئك إلى هنا .
-لقد أتيت بدافع البسق على جندي و التبول على علم العدو جهرا أمام الناس . بسبب هذا فإنني أتعذب لمدة شهرين و لا أعلم إلى متى سيخلص هذا الجحيم . ذعرت حين علمت بالأمر ، أنا الذي نظمت حملات للكفاح و هاجمت عساكر و مزقت أعلام العدو بل و هدمت مبانيهم أيضا ، ما جزائي إذن بعد كل الذي فعلت ؟ لن يقوموا بإعدامي ، صحيح ؟ لن يعيق ذلك طريقهم فقتلي أسهل بكثير من النفخ على ذبابة أو الصراخ على كلب . على فكرة الصراخ على الكلاب محرم ، طبقا لحقوق الحيوان و مبدإ الرفق بهم . سأنتظر ساعة رحيلي في صمت . لكن أمي ، لقد وعدتها أني سأعود و أني سأكون بخير . بقيت أفكر في مكاني جالسا حتى لم أعد أحس بما حولي و غبت طويلا.

بقلم سجين Where stories live. Discover now