الجزء3

123 4 0
                                        

بقيت على هذه الحال نائما ، و ما أيقظني سوى نقر طائر على زجاج نافذتي و كأنما أرسل لاستدعائي . أما الرياح التي تدخل من شرفة غرفتي فما كانت إلا لتجرني بقوة إلى القاضي مفتخرة بذلك . بدأت أرى كل شيء ضدي ، و كنت أسمع صرخات داخل أذني تنادي بسجني و أخرى بإعدامي . و قد ازداد الأمر سوءا حين تذكرت أن اليوم سيستدعيني الحارس لينظروا في قضيتي . هذا ما قاله لي .
أأذهب بنفسي؟ لقد تأخر فعلا و أنا أكره الإنتظار ، انتظار كلمة تحدد مصيرك، تحدد بقية عمرك .
و لماذا أذهب ؟ أيوجد أحد يذهب إلى الموت بنفسه؟! لعلهم نسوا أمري ، أو بالأحرى هم منشغلون بقضايا أكبر قضايا سرقة خبز ، أو رمي الأطفال الصغار للجنود بالحصى و السخرية منهم ، أو ربما بسبب دفاع عن الوطن من قبل شخص بسيط لا يريد سوى مصلحة وطنه. طبعا لن يشغلوا بالهم بقضايا تافهة ك قتل جندي لمواطن بريء ، و تهديم المباني و الآثار و تخريب المدن و تفجير المساجد .... و آخر القضايا اغتيال وطن !!!
سمعت طرقات باب قوية وحسبت أنه خيل لي ذلك . لكن ذلك كان حقا صوت دقات الباب . لقد فزعت أمي و زوجتي و هما يدعوان بملئ قلبيهما أن لا يكون أحد الجنود أو الحراس صاحب الطرقات ، رغم أن ذلك ظاهر من خلال طرقاته العنيفة . فتحت أختي الباب و بقيت واقفة مشدوهة أمامه. جندي بزيه الرسمي و قبعته التي تكاد تخفي عينيه يقف متصلبا و بنبرة حادة طلب من أختي مناداتي . فخرجت أمي و قالت أنني غير موجود خوفا علي . لكن الجندي لم يصدق ، بل و أراد اقتحام المنزل ، فخرجت من غرفتي بعد أن غيرت ثيابي و نظرت إليه نظرة مخيفة و قلت : أهلا بزائرنا . لقد انتظرتك منذ مدة و تأخرت ، و أنت لم تنتظر بضع دقائق حالما أرتدي ثيابي و أخرج إليك ، بل و أردت اقتحام المنزل . فنفذ صبرك بسرعة و خلتني من الجبناء ! و لو كنت جبانا كما تظن لما فعلت ما فعلت لأسجن . و أسأل الله الذي رزقني الصبر على هذه الصدمة أن يرزقني الصبر في السجن إن كان لي إليه مآل . فنظر إلي طويلا و قد أيقن أن الذي أمامه ليس بشخص عادي أو شخص متمرد ، بل هو شخص مثقف وفي لوطنه صائن لعرضه . فأطرق رأسه و قال : قلت حسنا . أما الآن فاتبعني .

بقلم سجين Where stories live. Discover now