الجزء 6

64 2 0
                                    

فتحت عيناي ببطء شديد فوجدت نفسي في زنزانة ، بعيدا عن المكان الذي كنت فيه ، و لقد تساءلت كثيرا عن سبب ذلك و لم تم عزلي عن الباقين ؟ لقد كنت وحدي هناك و لا أحد في الزنزانة المجاورة . جلست انتظر مجيء أحد لأفهم منه ما يجري . مرت ساعتان حتى الآن و أنا هنا أنتظر . أكان غرضهم تركي هنا حتى أموت جوعا ، أموت عطشا أو خوفا؟
دخل أحد الضباط أخيرا إلى المكان ، فصرت أناديه بأعلى صوتي و أصرخ عساه يسمعني ، لكنه لم يلتفت حتى و أخذ بعض الأوراق خاصته و انصرف في صمت مميت . بقيت يدي ممدودة إلى الأمام كأنما أحاول التقاط شيء بعيد . لقد ضاع أملي . سأموت هنا و لن يعلم بذلك أحد . أسعفوني ، أحتاج ورقة وقلما. لا بد من كتابة وصيتي . لم تمر سوى بضع دقائق ، فسمعت صوتا بعيدا يقترب من مكان وجودي . صوت ضحكات غريبة و وقع الأقدام تدل على أن القادم أكثر من شخص واحد . أغمضت عيناي أحاول تمالك أعصابي . لن يقوموا بإعدامي، صحيح؟
فكرة الإعدام تراودني دائما ، في كل وقت و في كل حين . إنها مثل الشبح لا تموت ، حاضرة نهارا و ليلا ، تؤرقني و يقشعر بدني بمجرد ذكر الأحرف الأولى من اسمها . التفتت فجأة عند صوت معصم الباب . لقد كنت مضطربا. من الذي سأيتي ، و ما غرض مجيئه إلى هنا .فإذا بالضابط الذي قدم قبل دقائق يعود ثانية ، لكن هذه المرة رفقة رجل في الأربعينات من عمره ، و قد بدأ الشيب يهاجم شعرات رأسه . هزيل البنية ، بسيط الهيئة ، متوسط القامة ، تبدو عليه علامات الجنون المرضي و هو يقهقه و يطلق أصواتا غريبة ، يمشي مشية الغراب و نظراته كنظرات الثعلب يقلب عينيه يمنة و يسرة .
بقيت انظر إليه في استغراب شديد . ما خطبه؟ و ما الذي جاء به إلى هنا ؟ هل يا ترى يكون رفيقي في الزنزانة؟
لمحت بعدها باب الزنزانة المجاورة يفتح ، فإذا بالضاط يلقي بالمجنون في الزنزانة و يخرج في صمت مرة أخرى. ناديته ثانية لكنه لم يستدر و أكمل طريقه. مستحيل أن أبقى مع هذا المجنون هنا . هيا أعطوني قلما و ورقة .أفضل الموت على البقاء هنا ، لا بد أن أكتب وصيتي .

بقلم سجين Where stories live. Discover now