الفصل الأول
هدى، نورٌ مضيءْ..
.لسبيلٍ هوت قدماي، باحثة عن الأمان، أي مكانٍ فيه أنا الآن.. أين هي أنا؟! و أين هي ابنة عمتها نفسي؟! أين العائِلة بأكملها.. في هذا الجوف المسمى جسدي.
أربعة حيطان.. وقعتُ بكرهها منذ أغابر الأزمان، أستطيع أن ٱحس بها تدنو لحظة و تبتعد بالٱخرى. تهددني أن أقتل صمت الأجواء، أو تكون أحشاء صبري الضحية.
أربعة حيطان.. محبوسةٌ بها كأميرة الجرذان، أستطيع أن أشتم بها رائحة الخذلان، الإنكسار و الآلام. رائحةٌ بشعة، ترفض الرحيل أو حتى تغييرَ نوع عطرها.
أربعةُ حيطَان.. أذبلت أفكاري ككتبٍ بللتها الوديان، أستطيع أن أرى بها أصابع الظلال، تشير لي، للسواد خلفي، لظلٍ.. يختبٱ بجبن أسفل السرير، دون ذرة وقارٍ أو احترام.
أرضيةٌ واحدة.. اشتهتها قدماي، كعشيقٍ فارق محبوبه بغابة السنديان، أستطيع أن أسمع وِطأ أقدام. بعيدة المدى، واضحة الوجهات. و بضع صرخات، تعلو دقيقتين و تصمت بواحدة، كأنها تنتظر مني نقدًا شعريا أو تصفيقًا للٱغنية.
نافذةٌ واحدة.. أمقت وجودها، كغضب المطر على الحقول لنسيانها العرفان، أستطيع أن ٱكلم قضبانها، بنظراتي الخاوية، كيف تسمح بزجاجها، أن يمنع دخول ثاني ٱوكسيد الكربون.
هكذا شغلت حواسي بغرفة المجانين القابعة بها. بكره الحيطان، الشوق للأرضية، و الحسرة على النافذة.
أجلس وسط الغرفة، بالسرير الذي أصبح عضوًا مني. أضم رِجلَيَ بحنوٍ لصدري، أشْبك أصابعي رافضة التخلي عن هذه العادة. لا ٱريد أن أتسبب بتفرقة البنصر عن حبيبته السبابة، لست بذاك السوء.
جسدي كصوت رياحٍ تصْفر داخل قَرْعَة. شعري.. قليله للوجنتين، بعضه لأسفل الكتفين، و معظمه عند الرقبة. ذو قصةٍ غير متساوية. لقد قطعته منذ أيامٍ قليلة، كعقابٍ لأنه قام بفعلٍ سيء. إذ داعب الرياح دون إذن مني. لذا بترت أقدامه كدرس له، حتى لا يعيد الكرة. و لكنْ الغرة، كانت لا تزال صغيرة، فرحمتها هذه المرة.
على عكس عيناي فقد كانتا وفيتان لي، حتى أنهما قررتا الوجود بلونٍ أزرق فاتح، فقط كي لا أغار من السماء. ليس كخصلاتي، التي اختارت التشكل على لون حياتي.. إسودادٌ قاتِم.
حين ولدت.. أخبرتني ٱمي أني لم ٱطلق صرخةً واحدة، أني كنت كنغمةٍ هادئة، رغم الألم الذي سببته لها. لقد قالت أن ذلك سيجعلني مميزة، أنه علامة خيرٍ على أن المستقبل.. أجمل، أفضل، و أنه سيكون أبكم الصرخات، لكن.
أنت تقرأ
رواية || أين غرفة المنكسرين؟!
Mystery / Thrillerبعضٌ من الظلمة، علها توقظ فينا النور بغتة.