الفصل 1

3.9K 59 12
                                    

ﺣﻜﺎﻳﺘﻲ ﻟﻴﺴﺖ ﻛﻜﻞ ﺍﻟﺤﻜﺎﻳﺎﺕ ، ﺑﺒﺴﺎﻃﺔ ﺣﻜﺎﻳﺘﻲ ﺗﺘﻤﺤﻮﺭ ﺣﻮﻝ ﺍﻟﺒﺤﺚ ﻋﻦ ﻫﻮﻳﺘﻲ ﺷﺨﺼﻴﺘﻲ ﺫﺍﺗﻲ ﺗﻮﺍﺟﺪﻱ ﺩﺍﺧﻞ ﻫﺫﻩ ﺍﻟﻤﻨﻈﻮﻣﺔ ﺍﻟﻜﻮﻧﻴﺔ ﺍﻟﺸﺎﺳﻌﺔ ، ﺃﻧﺎ ﻣﻦ ﺃﻧﺎ ؟ ﺃﻧﺎ ﻟﺴﺖ ﺃﺩﺭﻱ ﺃﻱ ﺷﻲﺀ ﻛﻞ ﻣﺎ ﺃﺩﺭﻳﻪ ﺃﻧﻪ " ﻫﻮ " ﺃﻧﺎ " ﺃﻧﺎ ﺷﺎﺑﺔ ﻓﻲ ﻣﻘﺘﺒﻞ ﺍﻟﻌﻤﺮ ﻟﻜﻦ ﻣﺎ ﻣﺮ ﺑﻲ ﻳﺠﻌﻠﻨﻲ ﺃﺷﻌﺮ ﻛﺄﻧﻲ ﻋﺠﻮﺯ ﻛﺴﺮ ﺍﻟﺰﻣﻦ ﻇﻬﺮﻫﺎ ﺗﻜﺴﻴﺮﺍ ﻗﻮﻳﺎ ، ﻻ ﺃﺣﺲ ﺑﺄﻱ ﺷﻌﻮﺭ ﺃﺑﺪﺍ ﺃﻭ ﺑﺎﻷﺣﺮﻯ ﻟﻘﺪ ﺍﺧﺘﻔﻰ ﺫﺍﻙ ﺍﻟﺸﻌﻮﺭ ﺍﻟﺬﻱ ﻛﺎﻥ ﻳﺪﻏﺪﻍ ﺧﻼﻳﺎ ﻗﻠﺒﻲ ﺍﻟﺼﻐﻴﺮ ﺍﻟﺬﻱ ﻻﻣﺴﻪ ﺧﻼﻝ ﺗﻠﻚ ﺍﻟﻔﺘﺮﺓ * ﻓﻘﻂ * ﺁﻩ ﻣﻨﻬﺎ ﻭ ﺃﻟﻒ ﺁﺁﺁﻩ ،ﺃﺣﺲ ﺑﻔﺮﺍﻍ ﺩﺍﺧﻠﻲ ﺃﺗﻌﺠﺐ ﻛﻴﻒ ﺃﺣﺴﺴﺖ ﺑﺮﻭﺣﻲ ﺗﻼﻣﺲ ﻏﻴﻮﻡ ﺍﻟﺴﻤﺎﺀ ﺣﻴﻨﻬﺎ ﻟﻜﻦ ﺍﻵﻥ ﻋﺎﺩ ﺫﺍﻙ ﺍﻟﻔﺮﺍﻍ ﺍﻟﺬﻱ ﻛﺎﻥ ﻳﺴﻜﻨﻨﻲ ﻣﻦ ﻗﺒﻞ . ﺃﻳﺎﻣﻲ ﺗﻤﺮ ﺑﻠﻮﻥ ﻭﺍﺣﺪ ﻻ ﻳﺘﺒﺪﻝ ﻻ ﻳﺘﻐﻴﺮ ﺃﺑﺪﺍ ،ﻣﺎ ﺃﻗﻮﻡ ﺑﻪ ﺍﻟﻴﻮﻡ ﺃﻛﺮﺭﻩ ﻏﺪﺍ ﻭ ﺑﻌﺪﻩ ﻭ ﻃﻮﺍﻝ ﺍﻷﻳﺎﻡ ﺍﻟﻤﻮﺍﻟﻴﺔ ﺩﻭﻥ ﺃﻥ ﺃﺷﻌﺮ ﺑﺎﻟﻤﻠﻞ ﺃﻭ ﺍﻟﻜﻠﻞ ،ﺃﺗﺴﺄﻟﻮﻥ ﻛﻴﻒ ﻻ ﺃﺣﺲ ﺑﺎﻟﻤﻠﻞ ؟ ﺑﺒﺴﺎﻃﺔ ﺳﺄﺟﻴﺐ ﻷﻧﻲ ﻻ ﺃﺣﺲ ، ﻻ ﺃﺷﻌﺮ ﺑﺸﻲﺀ ﻣﻄﻠﻘﺎ ، ﻷﻧﻪ ﺗﻌﻄﻞ ﻟﺪﻱ ﺍﻟﻨﻈﺎﻡ ﺍﻟﺤﺴﻲ ﻓﺘﻮﺍﺟﺪﻱ ﻓﻲ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﺤﻴﺎﺓ ﺑﺪﻭﻧﻪ ﻻ ﻣﻌﻨﻰ ﻟﻪ ، ﺃﻧﺎ ﻟﺴﺖ ﺇﻻ ﻛﻮﻣﺔ ﻟﺤﻢ ﻭﻋﻈﺎﻡ ﻭﺟﺴﺪ ﻗﺎﺣﻞ ﺗﻬﺠﺮﻩ ﺍﻟﺮﻭﺡ ﻣﻄﻮﻻ ، ﻭﺇﻥ ﻋﺎﺩﺕ ﺍﻟﺮﻭﺡ ﻷﻭﻛﺎﺭﻫﺎ ﻛﺎﻧﺖ ﺭﻭﺣﺎ ﻓﺎﺗﺮﺓ ﺑﻼ ﺇﺣﺴﺎﺱ ﺭﻭﺣﺎ ﻓﻘﺪﺕ ﺣﻴﻮﻳﺘﻬﺎ ﺑﺮﻳﻘﻬﺎ ﺇﺩﺭﺍﻛﻬﺎ ﺷﻌﻮﺭﻫﺎ ﺑﺎﻟﺨﻮﻑ ﺑﺎﻟﺤﺰﻥ ﺑﺎﻟﻔﺮﺡ ﺑﺎﻟﺮﺍﺣﺔ ﺑﺎﻟﻄﻤﺄﻧﻴﻨﺔ ﻭﺍﻷﻟﻢ ﺍﻟﺸﺪﻳﺪ .. ﻛﻞ ﺗﻠﻚ ﺍﻟﻤﺸﺎﻋﺮ ﺍﻟﺘﻲ ﺗﺸﻌﺮﻭﻥ ﺃﻧﺘﻢ ﺑﻬﺎ , ﺃﻧﺎ ﻟﻢ ﺃﺗﺬﻭﻗﻬﺎ ﻳﻮﻣﺎ ﻻ ﻻ ﺁﺳﻔﺔ ﻟﻘﺪ ﺃﺧﻄﺄﺕ ﺻﻴﺎﻏﺔ ﺍﻷﺳﻠﻮﺏ ، ﺑﻞ ﺗﺠﺮﻋﺘﻬﺎ ﻣﻦ ﻛﺄﺳﻪ " ﻫﻮ " ﺣﻴﻨﻬﺎ ﻫﻮ ﺑﺎﻟﻨﺴﺒﺔ ﻟﻲ ﻛﻞ ﺷﻲﺀ ﻓﻲ ﺣﻴﺎﺗﻲ ﺍﻟﻤﻨﻌﺪﻣﺔ ،ﺣﻴﺎﺓ ﺍﻟﺒﺆﺱ ، ﺍﻷﻟﻢ ﺍﻟﻌﺫﺍﺏ ، ﺍﻟﻨﺪﻡ ، ﺍﻟﺤﺴﺮﺓ ، ﺧﻴﺒﺔ ﺍﻷﻣﻞ ﻭ ﺍﻹﺣﺴﺎﺱ ﺑﺎﻟﻔﻘﺪﺍﻥ .. ﻳﻜﻔﻲ ﻭ ﻳﻜﻔﻲ ﻟﻢ ﺃﻋﺪ ﺃﺳﺘﻄﻴﻊ ﺃﻥ ﺃﺗﺬﻛﺮ ﺃﻛﺜﺮ ، ﺃﺭﻳﺪ ﺃﻥ ﺃﻧﺴﻰ ، ﺃﻥ ﺃﺷﻌﺮ ﺑﺎﻟﻄﻤﺄﻧﻴﻨﺔ ﻛﺴﺎﺋﺮ ﺍﻟﻨﺎﺱ ..

ﺍﻟﺸﺎﺑﺔ : " ﺑﺼﻮﺕ ﻛﺎﻟﻬﻤﺲ ﻳﻜﺎﺩ ﺃﻥ ﻳﺴﻤﻊ " ﻫﺎ ﺃﻧﺎ ﺫﺍ ﻭﺍﻗﻔﺔ ﺃﻣﺎﻡ ﻗﺒﺮﻙ ﻣﻦ ﺟﺪﻳﺪ ﺑﻌﺪ ﻣﺮﻭﺭ 10 ﺳﻨﻮﺍﺕ ﻋﻠﻰ ﻭﻓﺎﺗﻚ .

ﻭﺿﻌﺖ ﻗﻠﻤﻬﺎ ﺍﻟﻔﻀﻲ ﻭﺳﻂ ﻣﺬﻛﺮﺗﻬﺎ ﺍﻟﺬﻫﺒﻴﺔ ﺍﻟﻠﻮﻥ ﺫﺍﺕ ﺯﺧﺮﻓﺎﺕ ﻭ ﻧﻘﻮﺵ ﺭﺍﺋﻌﺔ ﻋﻠﻰ ﻏﻼﻓﻬﺎ ﺛﻢ ﻫﻤﺖ ﺑﻐﻠﻘﻬﺎ ﻭ ﺿﻤﻬﺎ ﺇﻟﻰ ﺻﺪﺭﻫﺎ ، ﺗﺄﻣﻠﺖ ﺍﻟﻤﻜﺎﻥ ﻣﻦ ﺣﻮﻟﻬﺎ ﺑﻌﻴﻮﻥ ﺩﺍﻣﻌﺔ ، ﻛﺎﻧﺖ ﻭﺳﻂ ﻣﻘﺒﺮﺓ ﺟﺎﻟﺴﺔ ﺑﺠﺎﻧﺐ ﺃﺣﺪ ﺍﻟﻘﺒﻮﺭ ﺍﻟﻤﺰﻳﻨﺔ ﺑﺄﻧﻮﺍﻉ ﻛﺜﻴﺮﺓ ﻣﻦ ﺍﻷﺯﻫﺎﺭ ﻋﻠﻰ ﺟﻨﺒﺎﺗﻬﺎ ، ﻧﺴﻴﻢ ﺍﻟﻬﻮﺍﺀ ﻳﺪﺍﻋﺐ ﺧﺼﻼﺕ ﺷﻌﺮﻫﺎ ﺍﻟﻤﻨﺴﺪﻝ ،ﻛﺎﻥ ﺍﻟﺠﻮ ﻣﻌﺘﺪﻻ ﺑﻨﺴﻤﺎﺕ ﺍﻟﺮﺑﻴﻊ ﺑﻞ ﺇﻧﻪ ﻓﺼﻞ ﺍﻟﺮﺑﻴﻊ ﺣﻴﺚ تذب ﺍﻟﺤﻴﺎﺓ ﻓﻲ ﺧﻼﻳﺎ ﺳﺎﺋﺮ ﺍﻟﻨﺒﺎﺗﺎﺕ ﺍﻟﺘﻲ ﺗﻨﻔﺘﺢ ﺑﺄﻟﻮﺍﻧﻬﺎ ﺍﻟﺰﺍﻫﻴﺔ ﺣﻴﺚ ﺗﺮﺗﺪﻱ ﺍﻟﻄﺒﻴﻌﺔ ﻟﺤﺎﻓﻬﺎ ﺍﻷﺧﻀﺮ ﻓﺘﺼﺒﺢ ﺍﻟﻐﺎﺑﺎﺕ ﻭ ﺍﻟﺤﺪﺍﺋﻖ ﻓﻲ ﻛﺎﻣﻞ ﻃﻠﺘﻬﺎ ﺍﻟﺒﻬﻴﺔ ﺇﻧﻪ ﺍﻟﻠﻮﻥ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﺠﻌﻞ ﺍﻟﺤﻴﺎﺓ ﺗﻨﺒﺾ ﻭ ﺗﺸﻊ ﻓﺮﺣﺎ ﻭ ﺳﺮﻭﺭﺍ ﻟﻮﻥ ﻳﺠﻌﻠﻚ ﺗﺒﺘﺴﻢ ﺑﺪﻭﻥ ﺇﺭﺍﺩﺗﻚ ﻋﻨﺪﻣﺎ ﺗﺮﻯ ﺟﻤﺎﻟﻴﺔ ﺍﻟﻤﻜﺎﻥ ﻭ ﻃﻐﻴﺎﻧﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﺑﺒﺴﺎﻃﺔ ﺇﻧﻪ ﺍﻟﻠﻮﻥ ﺍﻟﺤﻘﻴﻘﻲ ﻟﻠﺤﻴﺎﺓ ﻓﻠﻮﻻ ﺗﻮﺍﺟﺪﻩ ﻟﻤﺎ ﺗﻮﺍﺟﺪﺕ ﺍﻟﻄﺒﻴﻌﺔ ﻣﻦ ﺃﺳﺎﺳﻬﺎ .. ﻭﺳﻂ ﻫﺎﺗﻪ ﺍﻟﻤﻘﺒﺮﺓ ﺍﻟﺘﻲ ﺗﺘﺰﻳﻦ ﺑﺎﻟﻠﻮﻥ ﺍﻷﺧﻀﺮ ﺑﺠﻨﺒﺎﺕ ﻛﻞ ﻗﺒﻮﺭﻫﺎ ﻛﻌﺮﻭﺱ ﻣﺰﻳﻨﺔ ﻳﻮﻡ ﺯﻓﺎﻓﻬﺎ ﻛﺎﻧﺖ ﻫﻲ ﺗﺮﺗﺪﻱ ﻓﺴﺘﺎﻧﺎ ﺃﺑﻴﺾ ﻓﻀﻔﺎﺽ ﺫﻭ ﺃﻛﻤﺎﻡ ﻃﻮﻳﻠﺔ ، ﺫﺍﺕ ﺑﺸﺮﺓ ﺑﻴﻀﺎﺀ ﻧﺎﺻﻌﺔ ، ﺷﻔﺘﻴﻦ ﻭﺭﺩﻳﺘﻴﻦ ﻭﺃﻧﻒ ﺻﻐﻴﺮ ﻣﺤﺪﺩ ﻭ ﻋﻴﻨﻴﻦ ﺁﻩ ﻣﻦ ﻋﻴﻨﻴﻬﺎ ﺣﻜﺎﻳﺔ ﺳﺘﺘﻌﺮﻓﻮﻥ ﻋﻠﻴﻬﺎ ﻻﺣﻘﺎ ،ﺗﻤﺘﻠﻚ ﺷﻌﺮﺍ ﺃﺳﻮﺩﺍ ﻛﺴﻮﺍﺩ ﺍﻟﻠﻴﻞ ،ﺑﻨﻴﺘﻬﺎ ﻫﺰﻳﻠﺔ ﺫﺍﺕ ﻃﻮﻝ ﺃﻗﺮﺏ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻤﺘﻮﺳﻂ ،ﺃﻏﻤﻀﺖ ﻋﻴﻨﻴﻬﺎ ﺣﺘﻰ ﺳﺎﻟﺖ ﺩﻣﻌﺔ ﻳﺘﻴﻤﺔ ﻋﻠﻰ ﻣﺤﻴﻂ ﺧﺪﻫﺎ ﺍﻟﻤﺘﻮﺭﺩ ﺑﺎﻷﺣﻤﺮ ، ﺗﺤﻀﻦ ﻣﺬﻛﺮﺗﻬﺎ ﺑﻞ ﺣﻴﺎﺗﻬﺎ ﺑﺸﻮﻕ ﻣﻠﺘﻬﺐ ، ﻋﺎﺩﺕ ﺑﻬﺎ ﺫﻛﺮﻳﺎﺗﻬﺎ ﻟﻠﻮﺭﺍﺀ ، ﻟﺴﻨﻴﻦ ﻣﻀﺖ ﻛﺎﻟﺒﺮﻕ ﺑﺎﻟﻨﺴﺒﺔ ﻟﻬﺎ ﺑﺪﻭﻥ ﺗﻮﺍﺟﺪﻩ ﺭﻓﻘﺘﻬﺎ ..

~ ﻗﺒﻞ 10 ﺳﻨﻮﺍﺕ ~

عيون تائهة حيث تعيش القصص. اكتشف الآن