الى ان اصبح خلفها مُباشرة مواجهاً للصغير المُتكئ على كتفها ، فإبتسم ليوسف واخرج لسانه بطريقة مُضحكة ليصمت الصغير لثواني قبل ان يضحك بسعادة ويمدّ يديه للوصول اليه .
شعرت فرح بتجمُد الدم في عروقها فجأة قبل ان ينبض قلبها بعُنف وقد اسرها دفئ غريب لم تعلم مصدره وانتبهت الى ان يوسف بدأ يتلوى بين يديها فأبعدته عن عُنقها ليبدأ مرة اُخرى بالبكاء مؤشراً لشيء خلفها .فتلتفت ببطء لتصطدم عيناها بجسد طويل .. رفعت بصرها لترى رجُلاً ذو ملامح هادئة ، عيناه البُنّية اللامعة تشِعُّ غموضاً بينما بشرته السمراء تتناسبُ مع لون شعره الفحميّ الذي يشوبه بعض الوقار المتمثل بخصلات بيضاء قليلة . إلتحمت عيناهما لثانية واحدة كانت كافية لإطلاق شرارة غريبة قبل ان يحيد خالد بعيناه الى الصغير الذي يطلبُ منه حمله بعفوية الاطفال ليستجب اليه ويحمله بين يديه ويعبثُ معهُ ببراءة مُتانسياً تلك العينان التي ترمقه ببلاهة .. الى ان استفاقت من شرودها وانتزعت يوسف من بين يديه ورمقته بغضب فإنفجر ضاحكاً قبل ان ينحني اليها ويتحدث بصوتٍ جهور قائلاً
- لا تخافي يا صغيرة ؛ فلن آكُل اخيكي .حدّجتهُ بنظرات حارِقة واشاحت بوجهها بغضب طفولي بينما ابتسم هو بتسلية قبل ان يُفاجأ برجُل اقترب ليحمل الصغير و يقول بغضب
- فرح ، من هذا ؟ .
نظرت اليه فرح بلامبالة واقتربت من خالد قائل بملامِح صارِمة
- أعتذِرُ على تصرُفات ابني ، واشكُرك لإسكاتِهِ .رمقها بنظرات لم تفهم مغزاها قبل ان يلوح للصغير ويبتعد ، حتى انه لم يرُدّ على شُكرها ولم يعطي بالا للرجل الواقف خلفها . زفرت بغضب من تصرُفاته الوقِحةوالتفتت لترى عُمر وقد بدى في اوّج غضبه
فعيناه تحرقها بنظراته المُميتة وعظام فكه مشدودة بقوة بينما يداه تضغط بغير وعي على جسد يوسف الذي بدأ بالبكاء ، فإقتربت ووضعت يديها على يديه هامِسة
- عُمر انت تؤلمه ، اترك ابني !ولكنه لم يستمع اليها الى ان صرخ يوسف وبدأ بخدش وجهه فأرخى يداه بإرتباك ولم يُدرِك ما فعله الاّ عندما انتزعت فرح يوسف من بين يديه ليحتمي بها ونظرت اليه بعيناها الباكية وتمتمت بحِدّة
- هذا ما تبرع بفعله،الشك والإيذاء ،والان تحاول إيذاء ابني ، انتَ ...بترت حديثها غير قادرة على الكلام قبل ان تبتعد وتجلس بمقعدها وتخرج هاتفها من حقيبتها بيدين مُرتجِفتين بينما انهارت ببكاء يوسف فضغطت على رقم فاطِمة ولكنها لم تردّ عليها ؛ فبالتأكيد مع ذلك الضجيج لن تسمعها فتفهمها عُمر الذي شتم نفسه بغضب على ما فعله .
والان مُدرك تماماً انها لن تقبل مُساعدته ، فإبتعد باحِثاً على فاطِمة الى ان وجدها برفقة احمد ليسحبهم بهدوء واكتفى بإخبارهم بأن يوسف مُتعب وفرح لن تسمح له بإرجاعها للمنزل . توجهت اليها فاطمة بقلق بينما لمحها احمد من بعيد وعلى ملامحها اثر البكاء .فسحب عُمر خارِجاً ليهمس اليه بغضب جاهد لكبته
- ماذا حدث بينكُما ؟ انت ماذا فعلت للمسكينه الا يكفيك ما تُعانيه بسببك ؟! .
أنت تقرأ
الدرويش والقديسة
ChickLitوردة وسط الاشواك .. وفارس بلا سلاح .. . . . الغلاف هدية من الغالية .. خديجة @DojaAlgatos #مسابقة_افضل_كاتب_عربي_للرواية_2