الفصل الثامن والعشرون (النهاية)

9.1K 564 443
                                    


تُمرِر فرح نصل السكين الحاد على عُنق تلك العجوز المرعوبة و تبتسِم ببرود وعيناها خالية من اي تعبير قبل ان تهمِس بتهديد
- إبني لن تريه بحياتكِ واذا فكرت مُجرد تفكيرٍ بالإقتراب منه لن اتوانى بقتلكِ
تعالت خفقات قلوب الجميع بذُعر و هُم يُشهدون وِلادة فرح اُخرى غير تلك الطيبة الساذجة التي تبكي عندما تشعُرُ بالظُلم، فرح جديدة مُشوّهة بنيران الإنتِقام اللاسِعة .

آلاف من النبضات القوية بالثانية الواحدة تطرُقُ بصدر خالد الذي تجمّد الحديثُ على مُقدِمة حلقِهِ وهو يُحاوِلُ إستيعاب ما يراه وقبل ان تنحلّ عُقدة لِسانه هتف عُمر بذُعر
- فرح، إهدأي وابعِدي السكين .
صرخت بحدّة
- إيّاكُم ان تقتربوا! .. والاّ قتلتها، دعونا نُصفّي حسابتنا القديمة.
قرّبت السكين اكثر من ذي قبل لعُنق تلك التي بدأت بالبكاء بخوف ليتراجع عُمر وعيناهُ تترجاها بقلق ولكنّها لم تُعطِهِ بالاً وكُل افعال حواء السيئة تمُرّ امام ناظريها.

همس خالد برجاء
- فرح، هيا إنظُري اليّ
عضّت شفتيها بقوّة كابِحة سيول الدمع التي اثارتها نبرة صوته التي تُجرِدها من قِواها المُزيفة لتعصِف بها كورقةٍ في مهبّ الريح وتُعيد اليها رغبةً بتركِ كُلّ شيءٍ واللجوء الى ذراعيه التي تُعيدها طِفلةً باكية كما كانت .
رفعت عينيها للأعلى لكي لا تنزلِق تلك الدمعة ولم تلتفِت اليه مُكتفيةً بهمسٍ رقيقٍ أوهن مسامعه عندما استشفّ نبرة البُكاء فيه قائلة
- لا تقلق
هتف الجد بقلقٍ حقيقي
- لا تتهوّري يا ابنتي، إترُكيها واللهُ لن يُضيع حقّكِ.

همست بجمود
- ليس قبل ان اُخبِرها بقراري، انا سأخرُج الان ولن اعود ابداً لهذا المنزِل ولن اغفِر لهم قذفي بإثمٍ لم ارتكبه و لن اسمح لأحدٍ منكُم ان يقترِب من ابني، فقط والدهُ من يحِقُ له رؤيته و سيراهُ بمنزلي وقتما يشاء وإن حاولت هي او شمس الإقتراب منّي اُقسِمُ بالله ثلاثاً سيكون الموت حليفاً لهُما.
نظرت الى حواء وهتفت بغضب
- والان علِمتي مدى جنوني، فإياكِ والمُخاطرة برأسكِ الجميل هذا لأنني حينها سأقتلِعهُ بيداي من عُنقكِ.

ألقت بالسكين بعيداً لتسقُط حواء ارضاً في مُحاولة لتنظيم ضربات قلبها التي كادت ان تودي بحياتها وتحسست عُنقها براحة وقد نفذت من براثن موتٍ مُحقق بينما تراجعت فرح بضع خطوات قبل ان تشعُر بيدان تُحيطانها بخوف لتُلقي بجسدها - الذي لم تعُد تستطيع حملهُ - بين ذراعي خالد الذي تعثرت نبضاته فور شعوره بإرتجافها و قد تأكّد انها على وشك الإنهِيار فهمس بخفوت
- هيا بنا حبيبتي

اومأت إليه بضياع ليحمِل الصغير بإحدى يديه و يسنِدها باليد الاُخرى الاّ انها توقّفت عن السير و تقدمت من فاطِمة - التي لم تتفوّه بحرف واكتفت بالبكاء - لتضُمّها بحُب لمُدّةٍ من الزمن وتبتعد بعدها لتُقبّل وجنتيها هامِسة بإبتسامةٍ حزينة
- انتِ لستِ مثلهُم، انتِ اُختي ورفيقتي ولن يُبعدني عنكِ سوى الموت.

الدرويش والقديسة حيث تعيش القصص. اكتشف الآن