إعتدل مجد بجلسته وهتف بفزع
- ماذا؟!
أجابت ريم بحُزن
- لا استطيعُ ترك اُمّي، لا اُريدُ الإبتعاد عنها
عضّ شفتيه بقوّة و همس من بين اسنانه - بنبرةٍ جاهد ان يجعلها هادئة -
هذه سُنّة الحياة، انتِ ستتعوّدين على الامر بمرور الوقت و يمكنكِ زيارتها متى ما اردتي
لم يسمع سوى صوت انفاسها المُتعالية ونحبيها الذي تُحاولُ فاشِلةً إخفائه ليعقِد حاجبيه بحيرة و يمسحُ على جبينه بتعب وعيناه مُغلقتان بإرهاق و قلبه يخفِقُ بطريقةٍ مُزعِجة و هو يشهد لحظات ضعفها لأول مرّة ليهمِس - بنبرةٍ حنونة خالطها حُزنُ عميق - قائلاً
- لا تبكِ ارجوكِ، انتِ توتِرينني بهذه الطريقة .. إهدأي حبيبتيإضطرب نبضهُ لثوانٍ وهو ينطِقُ بكلمة " حبيبتي " لأول مرّة فكل ما يقولهُ لها في السابِق كان "جميلتي .. صغيرتي .. حُلوتي .. " بحياته لم يتخيل ان يكون وقْعُ هذه الكلِمة بهذه الطريقة وبالرغم من انه من نطقها الاّ انه شَعر بها تخرُجُ من اعماق قلبه وكأنها قِطعةُ ذهبٍ عتيقة مدفونة منذُ قرون .
إرتعش قلبها من الجِهةِ الاُخرى وانسابت دمعةً على خدّها بالرغم من تلك الإبتسامة التي زيّنت ثغرها وصمتَ كِلاهُما لتهدِئة انفاسِهما من فوضى المشاعر التي عصفت بها كلمةٌ واحِدة قبل ان تهمِس -ريم - بحُزن
- هل انتَ مُتأكِد انكَ تُحِبّني؟
إقترن حاجِباهُ بدهشة قبل ان تُضيف
- اعلمُ انكَ لم تعُد تُحِبُّها ولكنني لا ادري إن كُنتَ تُحبّني ام لا
إرتبك هامِساً بتلعثُم
- ماذا تقصُدي؟ مَن تلك التي اُحِبُها؟
أجابت بغيرة
- فرحمرّ إسمها عاديّاً على مسمعه، لم يشعُر بذلك الوخز يسار صدره ولم يبتسِم بألم على ضياعها، عينيه كما هي لا تلمعُ بالحنين. علِم فقط في تلك اللحظة انه تحرر منها للأبد فهمس بهدوء
- من اخبركِ؟
أجابته - و عيناها تحمِلُ حُزناً مؤلِماً -
- شعرتُ بذلك منذُ ان التقينا بيوم عقد القِران ولكنني مُدرِكة انك لا تُحِبّها الان او بمعنى اصح تُحاوِلُ نِسيانها و انا لا اودّ ان اكون وسيلةً لنسيان حُبّك القديم.
إنسكب حديثهُا الى مسامعه كقُطيراتٍ من الماءِ الساخِن فإحترقت روحهُ مُدرِكاً انّهُ اثناء إنشِغاله بإستِجداء الحُبّ ممّن لا تُحِبّهُ كان يقتُلُ مشاعِر حُبّ يلوحُ في الاُفُق فإبتسم بحُزن لتُكمِل قائلة
- انا اُريدُك لي وحدي لِذا عندما تُخبرُني انك تُحبّني تأكد انك لا تحمِلُ مشاعِراً لأُنثى سواي و يجبُ حينها ان تُحبّني بإخلاص والى ذلك الوقت سأكون زوجةً مُطيعة و لن اُطالِبك بأكثر من ان يكون بيننا إحتراماً مُتبادل.إتسعت عيناهُ هامِساً
- لماذا وافقتي على الزواج؟
أجابت بصدق قائلة
- لا اعلم، يُمكِن لأنني بدأت اُحِبُّك.
إرتطم قلبه بقفصه الصدريّ كطائرٍ سجين يودّ التحليق عالياً علّهُ يصلُ الى تلك النجمة العالية وقبل ان يجِد الكلِمات المُناسبة للردّ همست هي - بدلالٍ لا يليقُ بسواها - قائلة
- آسِفة، اليوم ستنام بالمشفى وبالتأكيد انا ازعجتُكَ بحديثي .. تُصبِح على خير، حبيبي
ضغطت على آخر كلمة بتملُكٍ افقدهُ عقله و اغلقت الهاتف ليبتسِم بتعب ويدهُ على قلبه الذي يذوب من فرط سعادته بكلِمةٍ واحِدة من بين شفتيها و يهمِس بصدق
- أُحِبّكِ بجنون، وحدكِ يا صغيرتي.
أنت تقرأ
الدرويش والقديسة
أدب نسائيوردة وسط الاشواك .. وفارس بلا سلاح .. . . . الغلاف هدية من الغالية .. خديجة @DojaAlgatos #مسابقة_افضل_كاتب_عربي_للرواية_2