إرتجفت شفتيه وعيناهُ تقدحُ بغضبٍ مُميت عندما إقترب مِنها مُكذِباً ما سمِعهُ للتوّ ولكن غضبه تفاقم عندما لمح بروداً غريباً بعيناها بالرغم من لمعان الدمع الاّ انها بدت قوية جدّاً بتلك اللحظة، قوية لدرجةٍ مؤلِمة جعلتها تتنازل عنهُ بأول مُنعطفٍ بحياتها وشكّ للحظاتٍ انها لم تُحبّه ابداً وذلك الشعور احرقهُ حيّاً .
فرمقها بنظرةٍ تحمِلُ كُل معاني الخُذلان والخيبة قبل ان يُغادِر بصمت لتُغادِر روحها خلفه و يجود الدمع الحارِق على وجنتيها وتشعُر بتحطُم قلبها لأشلاءٍ صغيرة وشهقةً عالية خرجت من اعماقِها جعلت جدّها يقترب منها بقلق وفور شعورها بيده حول كتفها جفلت برُعب وابتعدت صارِخة ببكاء
- ابتعِد عنّي.- اصمتي يا فتاة ولا ترفعي صوتكِ على جدّكِ.
هتف العمّ احمد بغضب فأومأت فرح بالرفض وجسدها يرتعِشُ بجنون وشهقاتِها تكبحُ صوتها الباكي عندما صرخت
- هذا ما كُنتُُ اُجيدهُ طوال حياتي، الصمت والكِتمان ولكن الان لن اصمُت ولن اسمح لأحدٍ منكُم ان يؤذيني.وفي تلك الاثناء دلف الجميع الى المجلس بعد سماعِهم لأصوات البكاء برفقة مجد واحمد اللذان عادا للتوّ من العمل. ليجدون فرح بمنتصف المكان بينما الجدّ خارت قواه فجلس على الاريكة وعمر الذي يقِفُ بصمت رمقهم بغضب فهمس احمد بصوتٍ حنون واخذ يقتربُ من فرح قائلاً
- فرح، إهدأي يا صغيرتي ،ما الامر؟- إبتعِد!لا تقترِب اكثر؛ ستُصيبك لعنة الحُزن طوال حياتك وانتَ لا تستحقُ هذا؛ فلديك إمرأة تحبُك واُمٌّ تخافُ عليك، لديك اخوة واب، لديك سند بهذه الحياة .. ولكنني وحيدة
هتفت بحُزن وسيل الدمعِ يحجِبُ رؤيتها وثِقلٍ عظيم اجتاح جسدها جاعِلاً منها ورقةَ خريفٍ في مهبّ الريحسقطت على الارض ليقترب عُمر منها ويُحاوِلُ إيقافها ولكنها دفعته بقوة و ضمّت جسدها بيديها ونحيبها يُمزِقُ قلب خالد الذي لم يستطِع المُغادرة فقد توقف فور سماعه لصوتِها الذي تشرب بالبكاء وبالرغم من غضبه منها الاّ ان نحيبها قد فجّر شظايا الالمِ بداخله و بقدر رغبته بكسر حواجز رجولته و ضمّها بين اضلُعهِ الاّ ان رغبته بمعرفة ما اشعل فتيل الحُزن بعيناها كان اكبر فآثر ان لا تراه الى ان ليسمع ما لم تستطِع قوله له .
إقتربت جدّتها منها ولكنّها توقّفت بصعوبة مُستنِدة على الجِدار واومأت بالرفض قائلة
- لا تواسيني؛ قلبي لن يحتمِل بكائكِ يا جدّتي.
كفكفت دمعها هامِسة
- اتعلمي يا جدّتي، عندما تزوجتُ بعُمر كُنتُ مُستعِدة لأعطيه حياتي وروحي وجسدي، كُنتُ سأصونه غائباً او حاضِراً كما وعدتكِ. كُنتُ سأفعل المُستحيل لأراهُ سعيداً ولكنني لم استطِع فِعل شيء؛ لأنهُ كان يُحبّ اُخرى.نظرت لشمس التي ترمقها بحُزن لتُكمِل بإبتسامة
- لقد كان يُحبّكِ جدّاً وبالرغم من انني كنتُ استطيع إخباركم بالامر وكُنتُم ستُجبرونه على ترك شمس الاّ انني لم افعل؛ لسببٍ واحد وهو انني احببتُ ان اراهُ سعيداً، لقد تعودتُ على وحدتي وتأقلمتُ مع الامر و اُقسِمُ انني لم اُفكِر فيه بعد ان علِمتُ بزواجه، لقد دعوتُ الله دوماً ان يُلهمني بالصبر على حُزني، وفي الوقت الذي إندملت فيه جروحي واستعِدتُ فيه قوّتي جاء ليقتُلني.

أنت تقرأ
الدرويش والقديسة
ChickLitوردة وسط الاشواك .. وفارس بلا سلاح .. . . . الغلاف هدية من الغالية .. خديجة @DojaAlgatos #مسابقة_افضل_كاتب_عربي_للرواية_2