p10

2K 99 65
                                    

جلباب أسود طويل ووشاح ثقيل ملفوف بإحكام حول رقبتها, التغضن طال شفتيها ورغم تلك الشيخوخة هي تجلس ثانية قدميها بشكل معاكس فوق الأريكة القاسية. لناظرها هي تبدو عمياء حيث أنه بالتدقيق نحو مقتليها ستجد غشاوة بيضاء واضحة للعيان ولكن من خلف تلك الغشاوة عينان لإمرأة رأت الكثير

عينان تحدثانك وكأنها تراك!

إنها سَليمة, العجوز التي قفزت من صندوق أسود يحمل صك هتان.

- كملي

كانت تلك لين, تجلس على الأرض في مواجهة العجوز مباشرةً, عيناها جاحظة لا تحيد النظر عنها وتضم أناملها متحكمة في ارتعاشها بتصلبٍ قاسٍ.. ابتسمت العجوز بغموض قبل أن تغمض عينيها, وكانت تلك هي عادتها.. كلما قصَّت أغمضت عينيها.

******************

اقتربت منه.. كان يجلس القرفصاء أمام وروده الصغيرة, لقد نثر بذورها بنفسه وها هي بين يديه كأول قطفة. تلك الزهور كانت الأفضل لديه..

 بيضاء.. رقيقة.. وريقات هادئة ومتجاورة بتناسق, حجم صغير لا يتعدى عقلة إصبع..

جاورته ثم تنفست ببطء في استنشاق عميق وممتع لعبق أزهاره, عيناها كانت مغمضة وبدت مستسلمة لشيء لا تفهمه.. ربما لمشاعر اجتاحتها بجنون, جنون الالتصاق بشخص مثل هتان.

مدّ قبضته نحوها ليفتح كفه بعدها ببطء يحوي العشرات من الزهور بين يديه, كانوا من أجلها لقد جمعهم خصيصاً, ابتسمت بعينيها قبل شفتيها ثم سحبت واحدة تلو آخرى ووضعتهم بين خصلاتها وبعفوية غريبة أكمل هو الباقي

وضع هتان الزهور بشعر ميس

بشغف وضع هتان الزهور بشعر ميس.

***************

وابتعد هتان عن الجميع سوى ميس, حتى سليمة أصبحت تدخل غرفته بإذن الجميلة, وترك لها عدنان كل شيء فالتحسن بسلوك ابنه بات ملحوظاً فبات عدنان بدوره عبداً آخر ومطيعاً للساحرة!!

وكررتها سَليمة بغل:

- ساحرة

وأمامها خرج همس ضعيف.. همس يتشبث بحماية وربما بدفاع:

- كنتِ بتكرهيها للدرجة دي

فتحت سليمة عيناها وبدت بتلك اللحظة وكأنها تنظر نحو لين, ثم تحركت شفتيها ببطء وصوت غليظ:

- هي السبب

وصرخت لين تدافع وتنهار:

- هي حبته..

والمقابل ابتسامة ساخرة من العجوز, ابتسامة ولا شيء بعدها سوى عينيها التي غابت من جديد في إشارة للعودة نحو الحكاية.

عودة لليلة مظلمة, ليلة تبدل فيها كل شيء.. ليلة حملت الشغف والعاطفة والعاصفة والنار!!

السر ..مروه جمالحيث تعيش القصص. اكتشف الآن