11

1.9K 97 40
                                    

كانت تشعر أن قدميها لا تحملها, حتى أنها حاولت أن تستقيم بالفعل وأسندها عمر ولكن توقف كلاهما مع نبرة حازمة خرجت من العجوز سليمة:

- استني

رفعت لين عيناها المتحجرة بالدموع دون أن تنطق فاستطردت العجوز بصوت قاسٍ:

- لسه باقي الحكاية

أشاحت لين ببصرها:

- مش عايزة أعرف

ولكن سليمة لم تبالي, أغمضت عيناها لمرة أخيرة.. بدت وكأنها تنوي أن تقص الجزء الأصعب وحينها اقتربت يد عمر لتحتوي أنامل لين لا تنوي تركها..

**************

أناملها ترتجف.. أظافرها متكسرة والمحاولات تفشل تلو آخرى, كتبت وكتبت..

الكثير, قصت كل شيء عنها وعن هتان, عن هذا الجنون الذي حل بمختار. ضربها.. قيدها.. انبثقت من وجهها الدماء والبعض من رحمها..

ظنت أنها فقدته, بل فقدت كلاهما.. هتان والجنين!!

اليوم أخبرها مختار أن هتان قد مات, وجدوا بقايا ملابس مدممة تخصه بجانب جدول مياة.. ظن أنها ستهدأ أم ربما ستكف عن محاولات الدفاع

ولكن..

صرختها وازت جروح أظافرها في وجهه, ألم عصف بكل احتمال!

وتركها لقيود اهترئت مع ظنونه أنها أضعف منها.. مع ضوء فجر قارب على البزوغ وأقدام حافية تتسلل في الظلام.. جمعت أوراقها وتفاصيل الحكاية وأخفتهم في تجويف أحد الأدراج. خرجت دون هدى في خطواتٍ تقودها هناك.. نحو المنزل

نحو غرفته..

وهناك لا شيء.. مجرد وحشة ورائحة فقدانه, وبكت حد التهاوي ببطنها المنتفخة فوق الأرض الصلبة, بكت ندماً.. واشتياقاً

من بين بصر مشوش بالدموع لمحت جلباباً أسود

اقتربت سليمة من ميس المتكومة على الأرض, تصرخ وتحتها بقعة مياة!!

فتحت سليمة فاهها لا تصدق.. إنها تلد ابن هتان

وصرخة.. توازي آخرى وآخرى

تعرق.. مثابرة..

نضال!!

وصرخة جديدة.. لطفلة خرجت ابنة سبعة أشهر, صرخة أخيرة لأم فارقت الحياة..

رحلت له.. رحلت وستراه.

وصرخة آخرى.. لرجل أعماه الغضب وقيدت قلبه الحمية.

تقدم مختار ليلمح سليمة أمام جسد أخته المرتخي حد الموت والإنهاك والعذاب.. همس

بل صرخ

- ميس

ولكن لا جواب, مجرد عجوز ضيقت عيناها ومدت ذراعيها بقطعة لحم أحمر..

السر ..مروه جمالحيث تعيش القصص. اكتشف الآن