CH4

5K 316 23
                                    

رفع رأسه بعد اصطدامه بأحدهم بينما كان يركضُ للوصول الى محاضرته قبل دخول الأستاذ
انها المرةُ الأولى التي يتأخر فيها؛ دائماً ما كان يصل قبل دخول اي طالبٍ آخر قبله.. واذا حصل يوماً وذهب قبله احدهم، اي احد، ف باليوم التالي سيذهب مبكراً ب رُبع ساعة
يمكنكم تسميته بالهوس.

قابلته تلك الأعين البـاردة، انتظره قليلاً ليمد له يد العون ولكنه لم يفعل
وقف لُوهـان بينما همّ الآخر بالرحيل
- ألا يجبُ عليك الإعتذار؛ أوه سيهون-شي؟
التفت له المدعو ب سيهون وببرود اجابه:
- لستُ انت من كنتُ اركض في الممرات بدون النظر امامي، اعتقدُ انه يجب عليك انتَ الإعتذار؟
لم ينتظر منه اجابة و اكمل سيره فوراً، ضرب لوهان الجدار بجانبه بقدمه وهو يصرخ: مُتغطرس
أخذ نفساً عميقاً وهو يحاول تهدئة نَفسه كي لا تفقد اعصَابه وتُهدم خطته بالتقرب من هذا المدعو بِ " أوه سيهوُن "

دخل الى صفه لتُقابله نفس الأعين الباردة، تقدم بهدوء إلى مكانه المُعتاد وجلس فيه متجاهلاً سيهون الذي كان ينظر له منذ اللحظة التي فتح الباب فيها

انتهت المُحـاضرة بسرعة؛ بالنسبة لـ لُوهان على الأقل.
رفع رأسه ينظرُ لسيـهون الذي نهض فوراً ليُغادر بعد الأستاذ، جمع اغراضه بسُرعة ولحق به
صحيحٌ انه يُحاول التقرب منه لغرضٍ ما، ولكنه ايضاً يشعرُ بالفضول حوله في اعمَاقه.. ربما بسبب الإشاعات حوله مؤخراً؟ او رُبما سقط عقله سابقاً عندمَا خُطف؟
من الممكن ايضاً ان ذلك المجرم انتزع عقله قبل إعادته لمنزله!

سيهون كان متجهاً نحو الكافتيريـا، وخلفه المُطـارد لوهان
اتخذ مقعداً بجـانب النافذة التي تطلّ على حديقـة الجامعة ليتسنّى له المُراقبة
بينما اتخذ لوهان المقعد الذي أمـام سيهون وبهدوء وضعَ طبق طعامه وبدأ يتناوله

لم يلتـفت له واستمر بالنظر إلى الطـلاب بالخارج:
- لمَ تلاحقني؟
نظر له لوهـان وأجابه بنفس نبرته:
- اريدُ التعـرف عليك فقط!
- لا شيءَ مُثير لمعرفتـه
اسند لوهان ذقنه على ظهر يده، وهو ينظر مباشرةً في عيني سيهون الذي لا زال يحدّق في الطلبة بالخارج.
- في الحقيقة كل شيءٍ يخصّك مثير بالنسبة لي لأعرفه
وجه نظره لـ لوهان بسرعة،
تواصل أعينهُما المفاجئ اربك لوهان، لم يشعرُ بنفسه وهو يتأمل أعيُن سيهون.. انتبه لنفسِه واخفض ناظريه فوراً محاولاً إشغال نفسه بطعامه

مرت خمسُ دقائق.. الى ان كسر سيهون الجليـد الذي تكون بينهما
- مالذي تريدُ معرفته؟
اجابه لوهان بدون ان يرفع رأسه: كل شيء!

تنهد سيهون وتقدم قليلاً بينما يستند على مرفقي ذراعه، عض شفتيه قليلاً يفكر بما يُمكن ان يقوله

- حسناً اذا؛ اوه سيهون، ستةٌ و عشرُون عاماً، اتيت الى هنا منذ اسبوعين تشرفت بمعرفتك
- من اين اتيت؟
- من كوريـا؟
- لا اعلم كيف يجبُ علي التصرف الآن، هل يجبُ علي الضحك؟
لم يجبه سيهون، وبالطبع لم تتغير تلك الهالة الباردة ابداً، كيف يُعقل ان لا يراه احدٌ يبتسم ابداً؟

- اتيتُ من الخارج، بلاد ما وَراء البحار...

هز لوهان رأسه بتفهم: انا شيـ.....
قاطعه سيهون وهو يعقد ذراعه ويستند على الكرسي: شيـاو لوهان، ستةٌ وعشرون عاماً، اكبر منـي بستة شهور، كنتَ الطالب الأول على مستوى كوريـا لسبع سنـواتٍ متواصلة، تريدُ التقرب مني لمعرفة اذا ما كنت اريدُ سرقة مركزك هذا ام لا ولكن لا تقلق انا لا اخطط لهذا ابداً... او لنقل انني لا اهتم للمراكز ابداً
انهى حديثه ونهض فوراً مبتعداً عن لوهـان الذي كان مذهولاً بشدة، كيفَ عرف سبب تقربه المفاجئ له؟

~
كان عائداً للمنزل واضعاً سماعاته يسمعُ الموسيقى..
تجنب الدخول للرواق الذي دخله قبل اسبوع، من يعلم، ربما ذلك الرجل ينتظره مرة اخرى؟
ولكنه فجأة سمع صوت صافرة.. نفس تلك التي سمعها قبل اسبوع واحد من الآن
ازال سماعاته ليتأكد ولكنه لم يسمع شيئا، تنهد براحة لم تستمر طويلاً حتى غُطيت عينيه وبسرعةٍ فائقة كانت يداه قد قيّدتا وراء ظهره و وُضع القماش على فمه..
ارجوك لا.. ليسَ مُجدداً.. لا يُمكن ان يحدث هذا.. ليسَ الآن..

دقائقٌ طويلة مرت
نبضاتُ قلب لوهان لم تهدأ ولو قليلاً.. احس بنفسه يُجلس رغماً عنه على كرسي وتربط ذراعيه فيه..
انتظر قليـلاً، يهيئ نفسه للتعذيب، لم تشفى جرُوحه بعد
ولكن ما كانَ يتوقعه لم يحدث
أحس بيدي الرجل تنزعُ القماش عن فمه بهُـدوء لذلك انتهز فُرصته
- أعدني لمنـزلي..
اجابه الرجـل بصوته الأجش الذي لم ينسه لوهـان: ألم تتعب من طلبٍ لن يُحقق؟
عضّ لوهان شفتيه وهو يحاول عدم البكاء: أخرجني من هنا او سأصرخ!
- يمكنك الصّراخ عزيزي؛ لن يسمعك احد على أي حال

أخذ نفساً عميقاً قبل ان يبدأ بالصراخ بأقصى طاقته
استمر بالصراخ، الصراخ، والصراخ مرة أخرى..
ولكن لم يحدث شيء..
لم يُجبه احد.. حتـى صَدى صوته..
بدأت دُموعه بالسقوط
وبضعف: يمكنك فعل ما تشـاء ولكن ارجوك ليس الآن، جرُوحي لم تشفى بالكامل .

Whistle Manحيث تعيش القصص. اكتشف الآن