~
تسائلت داليا لمن تلجأ هذه الأفكار، وكيف تمكن هذا الشخص من الوصول لها؟ أرادت أن تتحدث معه لكن لم يكن لديها أدنى فكرة عن طريقة الوصول إليه. خلال لحظات سمعته تارةً أخرى، الصوت وصداه، "أنت تتحدثين معي حالياً داليا، فبإمكاني الوصول لأفكارك." الأمر برمته كان محيراً ومخيفاً لها، أرادت التخلص منه وعدم سماعه بتاتاً. فهو لا ينتمي إلى رأسها وأفكارها، لطالما إعتبرته عالمٌ مليْ بأسرارها الخاصة لا يجب على أحد الإطلاع على خفاياه.
حينما بدأ الصوت بالتحدث عن كهف الجبل، توقفت داليا عن تجاهله. لا أحد يتحدث عن الكهف مطلقاً، فجميع ما يتم تداوله هي تحذيرات عن عدم الإقتراب منه أو التفكير بدخوله فهو أمر محرم لسكان المنطقة. هذا الكهف أصبح قصة لتخويف الأطفال الصغار وأسطورة لمن لا يريد التفكير بالأمر كثيراَ، لكنه لغز غامض لمن يعتريهم الفضول. "الكهف ليس قديماً كما يقول البعض، فتم إكتشافه قبل قرنين فقط." سمعت داليا الصوت يهمس لها. أتعتقد إني سأصدق ماتقوله؟ كيف لي معرفة أن ما تقوله ليست ضمن أقاويل السكان! فما يتم تداوله مجرد خرافات لا دليل لها، هدفها ملئ فراغ الجهل. "لكنني موجود قبل وجود كهفكم هذا، عزيزتي داليا." لم تنطلِ حيلته على داليا. 'لا بد أن يبلغ من العمر مئات السنين ليعيش إلى يومنا الحاضر.
لم يتحدث الصوت مطلقاً عن نفسه مما أثار إغاظة وفضول داليا، فهي ترغب بمعرفة من تشاركه أفكارها دون إرادتها، وعدم معرفة شيئاً واحداَ عنه. "لا تستعجلي عزيزتي، ستعرفيني يوماً ما." قال لها الصوت مقاطعاً تفكيرها. "على الأقل أخبرني بأسمك." رد لها بصوته الخافت، ونبرته الغليظة: "أنا لا أمتلك إسماً، لكن يمكنك مناداتي بدشيم إن أحببتِ." وكيف له أن لا يمتلك إسماً! همست داليا بإسمه لتختبره على لسانها، بدا لها إسماً غريباً وغير إعتيادي.
"على أي حال, تم إكتشاف الكهف من قبل علماء آثار. ذهبت مجموعة منهم إلى هذا الجبل عندما مروا بفوهة لم يكن لها وجود على خارطتهم، مما أثار فضولهم ورغبتهم بالإستكشاف. دخلوا معظمهم ماعدا عالمٍ واحد ليحرس عدتهم في الخارج. إنتظر الشخص لعدة ساعات لكن لم يخرج أحدهم أو يسمع لهم أثر، حل الصباح ولا زال زملائه بداخل ظلمات الكهف." قصة داشيم أشعلت شرارة من المتعة والفضول في داليا لمعرفة ما حدث للعلماء بالداخل، فأنصتت جيداً لدشيم. "رجع الشخص إلى القرية القريبة من الجبل، أي قريتكم، لكن لم يصدقونه لأن الكهف لا وجود له."
"ماذا فعل إذاً؟" تسائلت داليا في نفسها، وداشيم أجاب كالمعتاد. "قرر أن يجمع شجاعته ويدخل لإستكشاف الكهف بنفسه. بالطبع كبقية أفراد الطاقم لم يخرج من الكهف هو أيضاً."
إذا لم يخرج أحداً من الكهف ذلك اليوم ليسردوا القصة، فكيف لك أن تعرف؟ هذه مجرد حكايات وأكاذيب. "عزيزتي داليا، إنها أبعد من أن تكون أكاذيب." ضحك دشيم ضحكةً خبيثة أدبت قشعريرة في جسدي. جزء مني لا يصدقه والجزء الآخر يتسائل في حيرة إذ كانت بالفعل أكثر من مجرد أقاويل.
"ما الذي حدث لهم إذاً؟" لم يكن السؤال موجهاً لأي شخص بالتحديد، لكن دشيم أجابني خلال لحظات. "هذا الأمر يا عزيزتي لا يعرفه أحد." لم أصدق ما قاله لي للتو أيضاً، فالأمر يبدو أكبر مما يخبرني به.
_____________________________________________
في الأعلى صورة تخيلية لداليا
أنت تقرأ
داليا وهمسات عفريت
Mistério / Suspenseهناك أصوات في عقلها تكاد أن تقودها إلى الجنون، لكن ستقودها إلى هلاكٍ حاتم لا تعلم به بعد. أقدم لكم قصة داليا الفتاة التي خذلتها سذاجتها وثقتها بالمجهول. ~ أعلى تقييم في غموض/ إثارة: #86