~
تقدمت داليا خطوتان ودخلت إلى الكهف، رحب بها ظلاماً دامساً ورائحة غريبة ممزوجة بالغبار. أصوات بعض الحشرات كانت مسموعة بين جدران الكهف، تمسكت داليا بهذه الجدران حتى تساعدها على المشي داخل الكهف فهي لا تعرف ما الموجود في هذا المكان الغريب. ولا زال لا يوجد أي أثر لدشيم حتى الآن، بدأت داليا تشعر بالقلق.
إشتعلت ناراً صغيرة أمام داليا، لم يكن هناك أي أثر لمصدرها. بدأت هذه النيران تكبر شيئاً فشيْ لم تتوقف الألهبة عن التصاعد والنمو. حاولت داليا الجري بأسرع ما يمكن، رغم تعبها وإجهادها إلا أن الخوف دفعها على الإبتعاد عن الخطر. تعمقت داليا داخل الكهف إلى أن وصلت لطريق مسدود، النيران لم تتوقف بل سارعت نحوها إلى أن إلتهمتها بالكامل. الأمر العجيبب أن اليا لم تشعر بحرارة النيران أو بإحتراق جسدها، فتحت عيناها لنرى إنها محاصرة في الظلام مرة أخرى!
"ما الذي حدث للتو؟!" سألت داليا نفسها بصوتٍ عالٍ ليتردد صداه بين جدران الكهف. "إن هذا كله في رأسك، عزيزتي." سمعت داليا صوت دشيم بإذنيها للمرة الثانية، كما إنها أحست بوجود شخصٍ آخر يقترب مِنها لكنها لم تستطيع رؤيته أو تحديد مكانه لكنه كان قريباً، قريباً جداً. "هل هذا أنت، دشيم؟" ضوءٌ خافت ظهر بجانب داليا لترى أمامها هيئة رجل طويل القامة ونحيل الجسد، ظهره محدب وأصابعه متشابكة ببعضها البعض. لكنها لم تستطع رؤية وجهه جيداً بسبب قِلة الضوء الذي لم يصل إلى رأسه، فهي بالكاد إستطاعت رؤية هيئته لكنها باتت تعرف بوجوده الآن.
إختفى دشيم من أمام داليا كالضباب الذي تم محوه، وعادت إلى الظلمة الدامسة من جديد. حينها سمعت داليا أصوات حجارة يتم سحبها، وأحست بتحرك جدران الكهف ببطئ. تسارعت دقات قلب داليا كيف لجدران الكهف أن تتحرك! والمخيف الأكثر بأي إتجاه تتحرك؟ إقتربت داليا من الجدار الذي على شمالها ووضعت يديها عليه حينها علمت بإنه يتحرك إلى الأمام، ثم ذهبت إلى يمينها والجدار يتحرك إلى الأمام أيضاً! سارعت إلى الجدارين من أمامها وخلفها وشعرت بأن مساحة الكهف قد قلت، مما يعني أن الجدران تقترب من بعضها البعض لتنغلق على داليا.
حاولت داليا العثور على مخرج لكن في كل خطوة إتخذتها أحسن بالجدران المتحركة تتقدم نحوها ولم يكن بإمكانها التحرك سواءً إلى الخلف حتى أصبحت محاصرة بين أربعة جدران إنغلقت عليها تماماً. لم تشعر داليا بتحطم عِظامها وإنهامشهم ببعض مع أحشائها وجسدها، هذا لأن جدران الكهف عادت إلى مكانها كأنها لم تتحرك أساساً! "ما كان هذا؟!" أرادت داليا العودة إلى مدخل الكهف؛ حيث لم يكن هناك أي مخرج أو طريقٌ آخر. فالأمور الغريبة التي حصلت معها لا يمكن تبريرها. "إن هذا كله في رأسك."تذكرت داليا ما قاله لها دشيم، لكنهُ لم يبدُ منطقي. فكيف كان بإمكانها رؤية النيران وشعورها بتحرك الجدران؟ كانت حقيقية فالعين لا تكذب، داليا كانت تؤمن بهذه المقولة لذا قررت التشبث بها.
"لكن العقل قد يكذب، داليا. العقل يكذب، لا تثقِ بعقلكِ أبداً عزيزتي." هذا ما قاله لها دشيم، وقررت تجاهله.
أنت تقرأ
داليا وهمسات عفريت
Misterio / Suspensoهناك أصوات في عقلها تكاد أن تقودها إلى الجنون، لكن ستقودها إلى هلاكٍ حاتم لا تعلم به بعد. أقدم لكم قصة داليا الفتاة التي خذلتها سذاجتها وثقتها بالمجهول. ~ أعلى تقييم في غموض/ إثارة: #86