~
إستيقظت داليا لترى نفسها ما زالت مستلقية على أرضية الكهف، محاصرة بين جدرانه المُوحِشة. "علي المضي قدماً." إستجمعت داليا طاقتها القليلة المتبقية لتقف على رجليها، كادت أن تسقط لكنها تشبثت بالجدران حولها وأكملت طريقها رغم إرتعاش جسدها وضعفها. أحست داليا بلزوجة الجدران وكأنها بدأت تخرج مادة شمعية من جوفها! حاولت التشبث بها لكن لم تستطع التمسك بالجدران، مما جعل مسيرها أسوء بكثير. تمالكت داليا نفسها إلى أن رأت شعاعاً من الشمس يبعد عنها خطوات. إقتربت داليا نحو الضوء أن أصبحت تحته تماماً، رفعت رأسها للأعلى لترى من أين أتى لكن الكهف عاد مظلماً وتلاشى الشعاع في بُرهة.
تردد صدى ضحكة إستهزائية مليئة بالشفقة والمُكر صادِرة مِن مَن كان يشارك داليا عقلها. "هل بدأتِ بفقدان صوابك، عزيزتي؟" لم تجبه داليا وأكتفت بالصمت، لم يعد بمقدورها تحمل ألاعيبه. أرادت إنهاء جميع ما يحصل؛ لترجَّع إلى حياتها العادية. "يمكنني مساعدتكِ إذا ترغبين، ولكن عليكِ أن تفعلين شيئاً من أجلي بالمقابل." بالرغم أن دشيم لا يتحدث لها في رأسها، لكنه ما زال مُطَّلِعاً على أفكارها. "أرجوك، سأفعل أي شيْ فقط خلصني من هذا الهلاك." هذه هي اللحظة الذي إستسلمت داليا لنفسها، نبرة صوتها مليئة بالحُزن والتعب. لم تفكر في ما عرضه دشيم لها، فقط وافقت بسرعة ووثقت بِمن أحضرها هنا.
"إقبلي بأخذ مكاني، عزيزتي. إقبلي." لأول مرة مُنذ معرفتها لدشيم، سمعته يتحدث بكل جدية. بلا خُبثٌ ومُزاح. "أي مكان، ماذا تقصد؟" بلا شك القليل من الفضول تسلل إلى قلبِ داليا. "ثقي بي وأقبلي، حينها سترجعين لمنزلك. أليس هذا ما تريدين داليا؟" اليأس والرغبة المُلِحة للخروج من هذا الكهف جعل داليا تقبل بما يعرضه دشيم لها. "نعم، أقبل بأخذ مكانك." قالت داليا، والإستسلام قد هزمها.
بدأ دُخانٌ أحمر بالتشكل أمامها خلال لحظات ليخرج مِنهُ دشيم بهيئته الغريبة ووجه ما زال مختبئاً خلفَ الظِلال. أحست داليا بقشعريرة تسري جميع أنحاء جسدها، وكأن طاقة كهربائية تمر خلالها. الدخان الأحمر الذي خرج مِنهُ دشيم بدأ يتحرك نحوها، ومِن ثُم دار حولِها مِثل الأعاصير كيف تلتف حول المُدن. "ما الذي يحدث." تسائلت داليا بتعجب، أليس من المُفترض أن تعود لمنزلها الآن؟ "وأخيراً أنا حُر عزيزتي، فأنتِ قبلتِ بأخذ مكاني." لم تعجبها داليا طريقة تحدث دشيم وقوله هذه الكلمات، تعتقد بإن هذه كانت خدعة أُخرى. "أغدرت بي يا دشيم؟" أرادت داليا الإنهيار، فهي مرت بصعوباتٍ جمة لتخرج من هذا المكان المشؤوم لا أن تمُر بخدعة تِلو الأُخرى، فقط أرادت للمياه أن تعود لمجراها.
"أنا لم أغدر بكِ أبداً داليا، بل أنتِ من غدرتِ بتفسك. سذاجتكِ وفضولك هما من قاداكِ إلى حلاكٍ محتوم. لقد كنت أسيراً لهذا الكهف مئاتٍ من السنين، واليوم أنتِ حررتيني بأخذ مكاني." ظهر الجزء الأسفل لوجه دشيم مِن خلف الظلال لترى إبتسامة شديدة الغُل والمُكر مٌرتسِمة على شفتيه. حينها أدركت داليا إنها لن تعود إلى منزلها مُطلقاً، وأنها قد جلبت نهايتها بنفسها. تراجع دشيم إلى الخلف لتغطيه الظِلال وتلاشى عن بصَرِها. لم تعد تشعر بوجوده الآن، هل حقاً رحل؟ وتركها حبيسة هذا الكهف!
بدأت داليا بالجريان نحو مدخل الكهف، ووجدته بعد مُدة من البحث. حين أقتربت من الخروج دفعها شيئاً ما مِن التقدم. لم يكن هناك أي أحد حولها، في كل مرة تعيد الكرة يحصل ما حدث سابقاً. لم تستطع داليا الخروج مِن الكهف، دشيم كان على حق فهي أصبحت أسيرة لهذه الجدران المُوحِشة.
النهاية
- إذاً ما هو رأيكم بالقصة؟
شكراً لقرائتكم، وأتمنى إنها قد نالت إعجابكم.. إتركوا تعليقكم بالأسفل فإنه يهمني وتصويتكم كذلك. أتقبل جميع إنتقاداتكم وآرائكم.
أنت تقرأ
داليا وهمسات عفريت
Mystère / Thrillerهناك أصوات في عقلها تكاد أن تقودها إلى الجنون، لكن ستقودها إلى هلاكٍ حاتم لا تعلم به بعد. أقدم لكم قصة داليا الفتاة التي خذلتها سذاجتها وثقتها بالمجهول. ~ أعلى تقييم في غموض/ إثارة: #86