البارت الاول

6.8K 64 2
                                    

الفصل الأول
لقد قيل له أن صوته العميق يحتوي علي مسحة من الروعة وشيء من الدفء, وكان كايل معتادا علي سماعه وما أن تحدث في الميكروفون حتي تذكر ذلك, وكل ذلك بسبب امرأة واحدة, امرأة لم تلتفت الي عينيه.
"ومن أجل الأشخاص الذين لا يعرفون من أكون, أنا كايل هاريس, انها ليست صدفة أنني و ميتش لدينا ذات اسم العائلة, فوالدينا قررا ذلك بنفسيهما"
انتظر لحظة حتي توقف الضحك وتابع" قبل أن يغادر الزوجان السعيدان لتمضية شهر العسل, ترغب راين برمي باقة الزهور"
ابتسم ابتسامته الأجمل بينما استدار كل الحشد نحوه, الكل ما عدا امرأة واحدة, وها هي , عندما تكلم ثانية كان صوته منخفضا وساحرا, كانت تثير اهتمامه وحتي أنها لم تحاول القيام بذلك
"والآن سنمرح قليلا, لذلك سأطلب من كل عزباء من السابعة عشر من عمرها حتي الثالثة والتسعين أن تجتمعن في دائرة"
راقب كايل كيف بدأت النساء من معارف وأقارب ميتش و راين نحو وسط الغرفة, بدأ نبضه بالتسارع ما أن وقفت المرأة عبر الغرفة بدون حركة
"اذا هي عزباء"
وبدلا من أن تسير نحو حلبة الرقص, أدارت ظهرها له وسارعت الي الناحية البعيدة من الغرفة حيث أخذ متعهد الحفلة بالاستعداد للرحيل, لسبب ما , شعر بخيبة أمل, مع أنه لم يمانع ما رأي , بدلتها الزرقاء ضيقة علي جسمها الرشيق والنحيل , حزام عريض يمسك بخصرها وظهر التنورة القصيرة يبدو جميلا جدا,لكن كايل كان يفضل دائما أن تكون المرأة الجميلة تسير نحوه.
استعجل النساء الباقيات نحو حلبة الرقص, ولكن أفكاره كانت مع المرأة التي تقف في الناحية الأخري من الغرفة, وبينما كان في انتظار ابنة عمه متجعدة الشعر لتقف وتسير نحو النساء الأخريات المنتظرات وسط الغرفة, استقرت نظراته علي المرأة التي لم يتمكن من التوقف عن التفكير فيها.
لقد رآها للمرة الأولي منذ عدة ساعات عندما كان هو وأخوته بانتظار الزفاف ليبدأ, كان ميتش يخبرهما عن شيء جديد , قطعة من الساتان والدانتيل و الساتان أعطاها ل راين لترتديها تحت فستان الزفاف, ضرب تايلور ميتش علي ظهره فضحك ميتش وتمتم تايلور بعض الكلمات لكن بالكاد لاحظ ذلك كايل, لأنه في تلك للحظة فتح باب المكتب من جانب القاعة ودخلت هي منه
تمتم ميتش" شباب ,هذه كلاريسا كوهاغن, شقيقاي,كايل وتايلور"
قابلت التعارف بابتسامة مختصرة وتوقفت نظراتها عند كايل للحظة قبل أن تقول" المحترم جاهز لاستقبالكم أنتم الثلاثة اذا كنتم مستعدون"
لم يتسن ل كايل الوقت الكافي لينظر من شعرها الأسود الي كعب حذائها العالي, وهي تنتعل حذاء أزرق اللون قبل أن يغلق الباب وراءها, لم يستطع أن يتذكر آخر مرة تأثر بهذه القوة وبهذه السرعة لرؤية امرأة جميلة.
لم تقل أي كلمة أخري ولم تلتق نظراتها بنظراته منذ تلك اللحظة, ليس خلال الاحتفال تحت ضوء الشموع أو خلال الاستقبال الحاشد كله, لكنها ستفعل...سيتأكد من ذلك بنفسه.
عندما أصبحت كل النساء العازيات وسط الغرفة, تمتم كايل وقال" حسنا راين استديري"
استدارت زوجة أخيه الجديدة تنظر اليه, وفهم كايل ما الذي رآه أخاه في راين ماكليستر والتي أصبحت راين هاريس الآن, كانت شقراء , نحيلة القد ومليئة بالأنوثة, ولكن كايل لم يفكر بها للحظة واحدة.
في الناحية الثانية من الغرفة, بدأت كلاريسا كوهاغن السير عبر الحشد وطريقة تهدل تنورتها جعلت خيال كايل يطير عاليا
"واحد"
راقب كايل كيف تخطت طفلا أحمق
"اثنان"
ابتعدت عن حدود حلبة الرقص وسارت عبر حشد المتفرجين
"ثلاثة"
رمت راين الباقة من فوق كتفها, وهكذا ارتفعت الزهور فوق الأيدي المرتفعة للنساء وبالغريزة فقط وكرد فعل بالكامل, رفعت كلاريسا يديها لتحمي وجهها وأمسكت بالباقة
لم يعتقد كايل أنه سينسي النظرة التي استقرت علي وجهها ما أن أدركت ما الذي فعلته, لمع ضوء في عينيها الغامضتين, تحملت ما حدث ولكن بكبرياء , في تلك الظروف الغير معقولة
ضحكت راين وأسرعت لمعانقة صديقتها, صفق الضيوف وصرخ شقيق راين الأصغر "كل تلك السنين من التدريب علي الرمي قد لاقت ثمارها, أليس كذلك راين؟"
ضحك الضيوف وتمتم كايل في الميكروفون" والآن كل الشباب العازبين"
لم يحتاج الأمر الكثير من الوقت حتي تجمع الشباب وفي الحقيقة كانوا يتعثرون فوق بعضهم ليكون كل واحد منهم الأول هناك
قال ترودي وهو ابن عم لهم" ألن تقف كايل؟ فأنت دائما مرافق العريس, ولا تفكر في أن تصبح عريسا"
سلم كايل الميكروفون لأحد أبناء عمه المتزوجين وقال" فقط تأكد من ابعاد ترودي عني, فاذا كان هناك من سيلتقط ذلك الرباط فلابد أنه سيكون هو"
في طريقه مر أمام أخيه, همس كايل" سأعطيك خمسين دولارا اذا رميت بذلك الرباط لي"
ضحك ميتش بمكر" عليك أن تقفز لأجله, ستحارب بطريقة عادلة, كما وأن تايلور عرض علي خمسة وسبعين دولارا"
سيدة قصيرة وأنيقة شعرها فضي اللون وأجعد اعترضت طريقه, قالت" نحن كلنا مستعدات لمساعدتك كايل, فقط انس أنك الأكبر سنا هنا واقفز لتحصل علي الرباط"
كان صوته منخفضا وهو يجيب"في السادسة والثلاثين بالكاد تخطيت العمر المناسب عمتي ميللي, وأنا من سيلتقط ذلك الرباط, والآن قفي جانبا وأعطني مكانا كافيا"
بدأ الحشد بالعد من رقم عشرة ونزولا , عند الرقم ثمانية نظر كايل الي منافسيه وأخذ يراقبهما بشدة, تايلور وشقيق راين كانا المهاجمين الأكثر صلابة, وهما مستعدان ومتحمسان بشدة
عند الرقم خمسة وضع نفسه في المركز الأمامي وثبت نفسه جيدا, عند الرقم ثلاثة وضع يديه علي ركبتيه
عند الرقم اثنين أخذ نفسا عميقا وتخيل نفسه يضع الرباط علي ساق كلاريسا كوهاغن المتناسقة
"واحد"
طارت القطعة الصغيرة من الدانتيل الأبيض و الساتان في الهواء, أسرع كايل بالتحرك قبل الآخرين وأمسك بالرباط في منتصف الطريق , دفعه أحد ما من الخلف ولكن عندما انتهي كل الشجار والصراع, كان يمسك بقوة بالرباط في قبضة يده اليمني
نهض وقام بحركة وكأنه ينفض الغبار عن كتفيه, رفع يده فوق رأسه بشكل مستقيم وصرخ" نجحت!"
شتم الباقون وهزوا رؤوسهم وهم يتراجعون الي الخلف تاركين كايل و كلاريسا بمفردهما في حلبة الرقص, أحضر لها كرسيا وسمعت موسيقي صاخبة, كايل ,سعيدا بنصره, سار متمايلا نحو المرأة التي كانت بانتظاره في وسط الغرفة الي كل من كان ينظر اليها ربما كانت تبدو بأنها سعيدة وتستمتع بما يجري, أما انزعاجها فقد كان واضحا فقط له
"حذرتني راين"
سألها كايل" بشأني؟"
"بشأن عائلتك"
"كلهم في منتهي الوداعة والبساطة" قرب رأسه من رأسها وتفاجأ كم هي قصيرة
سارت ببطء حول الكرسي وجلست وهي تقول" انهم يتوقعون مشهدا مسرحيا لنقدم لهم ما يريدون"
جثي علي ركبة واحدة وراقبها وهي تضع ساقا فوق ساق, أصدر الضيوف صوت استحسان وواحد أو اثنان قاما بالتصفير, أما بالنسبة لكايل, فكل ذلك الحشد قد اختفي.
أبقي كايل لمسة يديه خفيفة وناعمة لكن احساسه بالأمر أصبح قلقا مع مرور كل لحظة, ببطء مرر الرباط داخل قدمها الي كاحلها ومن ثم ركبتها السغيرة, جواربها الحريرية ناعمة الملمس.
تساءل للحظة ما الذي ستخبره به عيناها ولو كانا بمفردهما, بدلا من أن يكونا محاطين بغرفة مليئة بالأشخاص الغرباء, بمكان ما من ورائهما كانت الضيوف تصفق وتصفر, لكن دماؤه المتسارعة كانت تثير ضجة في داخله أعلي من الضجيج في الغرفة, استجابته لهذه المرأة قوية جدا, وشعر بإحساس لم يشعر به يوما.
بعد لحظات قليلة أدرك أن أصابعه لم تعد تلمس ساقها الناعمة, لقد أمسكت بيديه الاثنين بين يديها لتنهي بطريقة نهائية تقدمهما وقالت معلنة" انتهي الاستعراض"
كره كايل أن يري نهاية لما حدث, تنقلت نظرته من يديها الي عينيها ومن ثم الي يديها مرة ثانية
سألها بصوت هامس" ارقصي معي بعد قليل"
أجابت بهدوء" لا أعتقد ذلك, كايل"
تأثرت كلاريسا باهتمامه, للحظة لقد استمتعت حقا بحضوره قربها, وهي لا ترغب في الاستمتاع بذلك مرة ثانية
"اذا كنت تعذرني..." وقفت واستدارت واختفت وراء مجموعة من الضيوف التي كانت تقف بجانب طاولة الشراب
تأكدت من أن الشراب بارد, ومن وجود كمية كافية من القهوة, وتأكدت أن متعهدي الطعام قد تركوا كل العمل بشكل مرتي, نظرت الي الزينة, والي ما تبقي من قالب الحلوي وهي تقيم كل التفاصيل العمل ,
وتذكرت كيف كانت موظفة صغيرة ثم امتلاكها لشركة الزفاف والحفلات وأكثر, أصبح عملها كطبيعة ثانية لها
انها تعيش من العمل علي إقامة حفلات الزفاف, والحفلات الرسمية والفخمة الي الصغيرة والعادية, وتقريبا كل شيء بينهما, كانت الناس سعيدة بدفع المزيد من أجل تلك النظرة الثاقبة علي التفاصيل, فهي ماهرة في ذلك كما وأنها فخورة بمقدرتها علي ذلك.
بصورة أوتوماتيكية بحثت عن صديقتها ومساعدتها راين هاريس عروس اليوم, ومن فستانها العاجي اللون والطويل لم يكن من الصعب رؤيتها ولا رؤية فرحتها الكبري, وسبب تلك الفرحة لا يبعد عنها كثيرا, انه زوجها العريس الجديد, ميتش هاريس.
هناك شيء ما فيما يتعلق بالأخوة هاريس , راين فد أخذت كليا بسحرهم وبطريقة أخري, مساعدتها قد فقدت صوابها نهائيا, كلاريسا معجبة ب ميتش, وحتي مع رؤية راين وكيف أصبح عقلها مع الغيوم لأجله, ولكن المشكلة ما زالت مع الأخوين الباقيين.
الذي لم يعجبها مطلقا هو تأثرها بالأخ الأكبر لعائلة هاريس, الرجل المميز وكأن ذلك مطبوعا علي جبينه, كان ذلك في صوته وفي عينيه وفي ابتسامته, لكن ان كان مميزا حقا فهي قد تخطت جميع الحدود, وقد خرجت من اللعبة منذ خمس سنوات ولا نية لها مطلقا في تكرار ذلك, ما تحتاجه كلاريسا هو أن تبعد أفكارها عن كايل هاريس وتضعها في الأعمال المتوجبة عليها , نظرت حولها في الغرفة ولاحظت نقاط المياه الكبيرة تضرب النوافذ العالية, سيحل عيد الميلاد بعد أسبوع واحد, وهي كانت تفضل أن يكون أبيض مليئا بالثلج ليصلح تماما للعطلة, بامكانها أن تخطط للزفاف حتي أدق التفاصيل لكن الطقس هو أمر لا تستطيع تغييره
منذ خمس سنوات قيل لها أن هناك شيئا لا تستطيع تغييره, أما الآن....
أبعدت تلك الفكرة نهائيا عن رأسها وركزت علي الاستقبالات في الزفاف وعلي تساقط المطر علي الزجاج, مساعدتها تحب المطر وقد قالت لها أنها أغرمت ب ميتش خلال تساقط المطر في فصل الصيف وكما يبدو هذا المطر سيستمر بالهطول حتي آخر الليل.
وقرب طاولة الزينة وقفت راين و ميتش وبمساعدة بعض الأصدقاء المقربين أخذوا يفتحون علب الهدايا, اقتربت كلاريسا لتراقب شقيقا ميتش, كايل و تايلور, استمرا في السخرية من العروسين بصورة دائمة بينما عبر العروسين بفرح واضح وهما يريان الأواني والأدوات الكهربائية , الكريستال الرائع ومناشف اليدين.
وعندما أمسك ميتش بيده صندوقا مميزا تضاعف عدد الضيوف حولهما واقتربت كلاريسا أكثر وراقبت ميتش يمزق الورقة ويرفع الغطاء, وأخرج ما يبدو ميدالية قديمة للعب البولينغ
رفعها ميتش عاليا ليتمكن الحشد من رؤيتها , ضرب كايل كتف شقيقه وقال" لقد ربحتها ميتش, أيها الولد الكبير"
وقفت والدتهم مفسرة" تلك الجائزة السخيفة, كان علي رميها منذ سنين عديدة , تخيلوا ربح جائزة علي مواعدة فتاة أكبر سنا أو أن تصبح رائد فضاء أو قائد الكاو بوي في دالاس , أو كونك أول من يتزوج"
بصوت ساخر قال ميتش" انها لنا راين , في الوقت الحاضر"
قال تايلور" لا تستعجل كثيرا, أنا وكايل سنجد طريقة لنربحها ثانية, أليس كذلك كايل؟"
ضحك الضيوف بصوت عالي لكن كلاريسا لم تجد الأمر مضحكا, لقد أخبرتها راين عن تلك الجائزة وكيف بدأت اللعبة عندما أراد تايلور مواعدة فتاة أكبر منه عمرا, ولكن شقيقاه أكدا أنه لن يفعل, لكن تايلور بح الرهان واستحق جائزة والده القديمة للعب البولينج وبعد ذلك أصبح هناك دائما رهان ما بينهم, لم تعلم كلاريسا شيئا عن رائد الفضاء أو قائد دالاس, لكنها تعلم أن ميتش ربح الرهان الأخير كونه أول من تزوج.
"انهما يبدوان سعيدين ,أليس كذلك؟"
لم تلاحظ اقتراب كايل حتي سمعت صوته قربها, لقد قرأت مرة أن صوته يذكر بالليالي الحالمة والرومانسية, عمل كايل هو تقديم الأغاني الراقصة في محطة إذاعية عبر ضواحي فيلادلفيا, هذا ما جعل صوته الأكثر شهرة في بنسلفانيا, والآن فهمت كلاريسا سبب تلك الشهرة
"كنت أتمني أن لا يكون رأسها بين الغيوم" تمتمت بذلك واستدارت لترفع نظرها لعينين زرقاوين تثيران التوتر كصوته" لا تعتقدين أنهما سينجحان بزواجهما؟"
بحثت بنظراتها عن العروسين واللذين بدا سعيدين جدا وهما يقبلان بعضهما قبلة خاطفة قبل أن يمزقا أوراق هدية أخري.
"أتمني أن يحدث ذلك, لكنني أخشي أن فرصة نجاحهما ضئيلة جدا والإحصاءات برهنت ذلك"
صمته أثار انتباهها فرفعت نظرها اليه, كانت ملامح وجهه تبدو أنه لم يصدق ما سمعه, قال" أنت تعملين كمتعهدة للزفاف ومع ذلك لا تؤمنين بمؤسسة الزواج؟"
رجل في منتصف العمر عرفتها عليه راين بالعم مارتن قطع حديثهما, ضرب كايل علي ظهره وقال" سقط واحد من عائلة هاريس واثنان علي الطريق, أليس كذلك بني؟"
نظرت كلاريسا بالوقت المناسب لتشاهد تجهم كايل, مرر اصبعه بين رقبته وياقة قميصه القاسية وتمتم" فكرة من هي ارتداء ربطة عنق قصيرة بكل الأحوال؟"
سؤاله لم يشتت أفكار عمه, استدار مارتن هاريس نحوها وقال" كلارا, أليس كذلك؟ فهمت أنه علي أن أشكرك علي تنظيم هذا الزواج الرائع"
أجابت من دون أن تصحح له اسمها" أنا و راين خططنا لكل شيء معا" "وأي عمل رائع قمت به أيضا, فأنا أحب حقا حفلات الزفاف المتقن, في الواقع ,أنا لا أمانع إخبارك أنني أحب أن أري كايل هذا أيضا متزوجا وسعيدا"
"هذا رائع...."
مرة أخري قاطع العجوز هاريس كلاريسا وقال" أخبريني كلارا , هل أنت متزوجة؟"
مع أنها أبقت نظرها علي الرجل العجوز لكنها لاحظت الفضول علي وجه كايل, الصدق سيضع حدا لاهتمامه بها "نعم, والآن ان كنتما تعذراني, يبدو أن العروسين مستعدين للمغادرة"
ابتسمت لهما ابتسامة صغيرة واستدارت وسارت نحو الحشد المتجمع قرب راين
******************
شعر كايل ببعض الرضا وهو يدق جرس باب تايلور عند الساعة الثامنة والنصف صباح اليوم التالي وفقط عندما فتح الباب علي مصراعيه نزع كايل اصبعه من علي جرس الباب
"كان علي أن أعرف أنه أنت ,ألا تنام أبدا؟"
بدا التجهم علي وجه كايل وقال" استقبالك يغني عن كل شيء, كما وأن النوم لساعة متأخرة هي للعجائز" مر أمام أخيه وأبعد الستائر عن غرفة الجلوس وبدأ بتعبئة إبريق القهوة في مطبخ أخيه الصغير
"ما الذي تعتقد أنك تفعله؟"
"أحضر القهوة؟"
"أليس لديك إبريق قهوة في مطبخك؟"
"بل ليس لدي سلة للعب كرة السلة..."
حف تايلور عينيه ومد يديه قليلا" الطقس بارد ورطب, كما وأنك لم تحظ بوقت كافي للنوم أكثر مني , ما الأمر كايل؟"
سمع صوت إبريق القهوة ما أن بدأت الماء بالغليان , قال كايل" أشعر بعدم الراحة, لنلعب كرة السلة"
راقب أخيه تايلور وهو يضع كوبين للاستعمال , من بين الأخوة هاريس الثلاثة, تايلور كان الأعزب النموذجي, وبالطبع ميتش لم يعد عازبا بعد اليوم
عينا المرأة يحملان ومضات من العاطفة وتقريبا عميقة وحزينة كما رآها في عيني كلاريسا , تجهم وجه كايل مرة ثانية وأنزل ساقيه عن الطاولة.
قال تايلور" وما الذي لا أفعله من أجل امرأة يائسة في تلك اللحظة بالذات"
قال كايل بسرعة وهو ينهض" نساء يائسات أمر صعب ايجاده هذه الأيام"
"آه, إنهن في كل مكان كايل, قد لا ترتدين فساتين بيضاء واسعة, لكنهن هناك, وأنا سأنال جائزة البولينغ وسأحظى بفتاة قبلك"
"قلت لك أن تنسي الأمر, لن يكون هناك المزيد من المراهنات" مدد كايل جسمه ونظر الي شقة أخيه باشمئزاز كامل وتابع" هذه الغرفة تبدو كمكان لرمي النفايات"
"تبديل الموضوع لن يبعد الصنارة عنك, وأنت كنت تسعي للشجار طوال النهار وأنا لم أساعدك علي ذلك"
وبدون أن يقول أي كلمة حمل فنجان القهوة الي المطبخ , ارتدي معطفه, وعندما وصل الي الباب سأله تايلور" هل أنت متأكد أن ليس هناك أي أمر سيء؟"
ضاقت عينا كايل وفكر بسؤال أخيه, انه في مزاج عكر ولا يعلم ما هو السبب, هز رأسه وأقفل معطفه واستدار مغادرا
"لن نغادر الي بانكوك قبل الثالث والعشرين من الشهر, عليك أن تذهب معنا, من يعلم كم من النساء سنلتقي هناك"
أثار دواليب سيارة كايل كانت جوابه علي سؤال أخيه ,ما أن انطلق من الموقف زاد سرعته في الطريق السريع الي شقته.
سيمضي تايلور عطلة العيد في بانكوك , والديه سيأخذان قاربا لامضاء العطلة في البحر, و ميتش و راين يمضيان شهر العسل في الباهاماس ولن يعودا قبل السادس والعشرين من الشهر الحالي
الأشياء تتغير بدون شك, وهذا لا يعني أن كايل لا يحب التغيير, لكنه يريد هو أن يقوم بهذا التغيير وهذا كل شيء.
آه, لا, لن يقدم علي رهان يتعلق بالأطفال,فالأطفال تعني المسئولية, والأطفال يراقبونك من دون أن يتكلموا وهو يطرحون الأسئلة, العديد من الأسئلة.
تقبل ميتش مسئولية جوي, حتي تايلور أحب جوي علي الفور, وهو ابن ميتش البالغ من العمر سنتين ونصف, ولقد عرف به منذ عدة شهور فقط, لكن الأمر لا يتعلق ب كايل, هذا لا يعني أن جوي ليس ولدا رائعا, فلديه عينين زرقاوين كعائلة هاريس, وبدون شك سيصبح شابا وسيما جدا , لكن ان كانت عيناه زرقاوين أم لا, جوي يجعل عمه كايل متوترا وذلك لأنه طفل والأطفال تثير أعصاب كايل.
عند سماع أغاني الميلاد بالراديو, علي الفور ضغط علي زر آخر, ربما كان منزعجا من الأطفال لمنه يحب يوم الميلاد, بالطبع هو لا يشتري هدايا العيد الا في اليوم الذي يسبق العيد مباشرة.
انه ينتظر للدقيقة الأخيرة ليقوم بكل شيء عليه فعله.
أوقفت كلاريسا سيارتها قرب الباب بين الشاحنة الكبيرة لمقدمي الطعام وسيارة أصغر تحمل الأحرف لمحطة راديو محلية, كانت هي المسئولة عن تنظيم هذا الحفل قبل يوم من عيد الميلاد.
تحول المطر الي رقع من الثلج الرطب, والذي كان يذوب ما أن يلمس الأرض, داست بحذائها الطويل الأرض المليئة بالماء وهي تقفل باب الشاحنة وأسرعت بالدخول الي غرفة العمال, تمكنت من فتح الباب ودخلت من دون أن تزعج منظم الزهور, وبعناية شديدة وضعت قطعة زينة وسط الطاولة ورتبت كتاب الضيوف بشكل أفضل.
"مرحبا مرة ثانية"
كان صوت كايل منخفضا وناعما مما جعل نبضها يخفق بسرعة, تنفست بعمق واستدارت ببطء , رفعت رأسها الي أعلي وهي تقول" مرحبا كايل"
أصبح صوته أكثر انخفاضا"هل تتعقبيني؟" لكنه ابتسم وقد بدا هناك ندبه علي أحد خديه, أخفضت جفنيها مهما كانت تريد قوله فقد انمحي من ذاكرتها
ضربت مقلاة بوعاء المطبخ وهذا ما جعل كلاريسا تجفل وانتهي لقاء عيونهما, قالت" كنت أفكر أن لديك أشياء أكثر فعالية من تلك الأقوال القديمة كايل"
"أنت تريدين أمورا أكثر فعالية؟ أعتقد أنني أستطيع القيام بشيء من ذلك" كان صوته مثيرا, وتأثيره واضح, فكلماته تحمل تحديا, لكن مع لمسة من المرح أيضا, وهذا ما جعل كلاريسا تبتسم رغما عنها
راقبته وهو ينظر اليها ثم يبتسم ويسير مبتعدا نحو معداته الموسيقية
ابعاد نظرها عنه لم يكن بالعمل السهل, فلديه جاذبية تناسب صوته, لكن لديها مسئولية كبري, وقد برهنت أن لديها عملا ناجحا, وأي أمل جديد وهذا ليس لديه مكان في حياتها حتي ولا زاوية صغيرة لرجل مثل كايل هاريس, فمرة واحدة كانت كافية.
بعد مرور دقائق بدأ الضيوف بالتوافد وبدأ عملها, تحدثت مع مقدمي الطعام وهنأت الزوجين السعيدين وتحدثت مع أم العروس وعدد من الضيوف, لم تلتقط باقة الزهور, ولم يطلب منها كايل أن ترقص معه, فقالت لنفسها أن هذا أمر مريح لها
عادة هي لا تبقي في استقبال ضيوف الزفاف عندما تساعد في تحضيره, لقد بقيت في زفاف ميتش و راين لأن راين كانت مساعدتها وصديقتها المقربة.
عند الساعة الخامسة غادر العروسان لتمضية شهر العسل وبعد فترة قصيرة بدأ الضيوف بالمغادرة وعند الساعة السادسة تنفست كلاريسا بارتياح.
بعد وقت قصير كانت هي وكايل الوحيدين في المبني, وأخيرا تستطيع الذهاب الي منزلها
اختصرت التعليمات لعمال التنظيف وأطفأت كل الأنوار ما عدا الأضواء في زاوية كايل حيث كان يوضب أغراضه
سمعت صوت موسيقي عالية, استدارت نحو الصوت فرأت كايل يسير نحوها, كان يسير بخطي واسعة لكن ببطء, ونظرته حادة, وقف علي بعد خطوات ونظر الي وجهها يدرس ملامحها, ثم همس أخيرا" لوحدنا أخيرا"
أخفضت جفونها لكنها وجدت نفسها لا تستطيع ابعاد نظراتهما عنه, حتي عندما أحني رأسه وأمسك بيدها.
نهاية الفصل الأول....🌹

الفارس الاعزب منقوله من منتدى رواياتي روايات عبير دار النحاسحيث تعيش القصص. اكتشف الآن